الأورمو ومحافظة أبين: ماذا يحدث؟

كتب ـ هاشم شيخان السقاف
في خضم الأزمات السياسية والأمنية التي تعصف باليمن، وفي ظل انشغال الجميع بتداعيات الحرب وتدهور الاقتصاد، يبرز على السطح ملف بالغ الخطورة يكاد لا يلتفت إليه أحد بالشكل الكافي:
تحركات غامضة لعناصر أجنبية على أرض أبين، وعلى رأسها عناصر من قومية الأورمو.
فماذا يحدث بالضبط؟ ولماذا أبين؟ وما الأخطار الكامنة خلف هذه التحركات؟
اولاً: من هم الأورمو؟
الأورمو هم أكبر قومية عرقية في إثيوبيا، يبلغ تعدادهم أكثر من 35% من سكان البلاد. لهم تاريخ طويل من الصراع السياسي مع الأنظمة الحاكمة في أديس أبابا. تعرضوا لحملات قمع وتهجير، وخاضوا حركات مقاومة مسلحة للمطالبة بحقوقهم.
ولكن انتقال بعض عناصرهم إلى اليمن، وخصوصا إلى محافظة أبين، يثير تساؤلات خطيرة.
هل هم لاجئون فقط هاربون من الصراعات؟ أم أن وراء وجودهم أجندات أكبر وأخطر؟
أبين: لماذا أصبحت مسرحا؟
محافظة أبين، بتاريخها العريق وثقلها الاجتماعي وموقعها الاستراتيجي، ليست أرضا عادية.
تمثل أبين بوابة جنوبية مفتوحة على البحر العربي، وقريبة من ممرات تهريب استراتيجية تربط القرن الإفريقي بجنوب الجزيرة.
وعلى الرغم من أن أبين عانت طويلا من الإهمال والصراعات، إلا أن موقعها ما زال مطمع للعديد من القوى، المحلية والخارجية.
اليوم، وبهدوء يلفه الغموض، بدأت تتسرب مجموعات من الأورمو إلى مناطق معينة داخل أبين، البعض عبر طرق التهريب، والبعض الآخر تحت غطاء اللجوء الإنساني. لكن اللافت أن هناك دلائل تشير إلى تنظيمهم في تجمعات، وتواصلهم مع أطراف مجهولة.
المؤشرات الخطيرة إنها ليست مجرد حالات فردية، المعلومات التي تتسرب من بعض القرى والمناطق تقول إن:
هناك مناطق يتم استئجارها بشكل جماعي من قبل أفراد لا يتحدثون العربية بطلاقة.
يتم شراء أراضي زراعية وشريطية ساحلية بأسماء محلية، لكن لفائدة جهات أجنبية.
تنشط حركة غير طبيعية في أوقات متأخرة من الليل.
بعض هذه المجموعات تتلقى دعما لوجستي ومالي غير مفهوم المصدر.
كل هذه المؤشرات ترسم مشهدا مخيفا لمخطط قد لا يكون مجرد هجرة عادية، بل مشروع استيطان أو عسكري طويل المدى.
ماذا وراء ذلك؟
لا يمكن فصل ما يحدث عن صراع المصالح الإقليمي والدولي:
أبين بوابة للهجرة والتهريب: وجود جماعات قوية ومنظمة هناك يعني السيطرة على طرق تهريب البشر والأسلحة.
مشاريع السيطرة الاقتصادية: من خلال شراء الأراضي وتوطين مجموعات جديدة قد تُخلق لاحقا “جزرا بشرية” غريبة عن نسيج المجتمع الأبيني.
تغييرات ديموغرافية متعمدة: تغيير تركيبة السكان قد يُستخدم كورقة ضغط سياسية مستقبلاً، أو كخط دفاع لطرف خارجي.
الصمت الرسمي والمجتمعي
حتى اللحظة، الصمت هو سيد الموقف.
السلطات المحلية تعاني من الضعف، والانشغال بمشاكل آنية أكبر من قدرتها على الاحتواء، مثل الخدمات المتدهورة الراهنة.
أما المجتمع، فهو ما بين مشغول بأزمات المعيشة اليومية، أو غارق في نزاعات حياتية تشتت تركيزه.
وهنا تكمن الكارثة:
عندما تنشغل الشعوب بقضاياها الصغيرة، تتحرك المشاريع الكبيرة في الظل بلا مقاومة.
المستقبل المجهول
إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فإن السيناريوهات المقبلة قد تكون كارثية:
نزاعات أهلية بين السكان الأصليين والجماعات الوافدة.
تقسيم اجتماعي جديد قد يغير هوية أبين للأبد.
نشوء قواعد تهديد أمني قد تستخدمها أطراف دولية لزعزعة استقرار الجنوب واليمن بأكمله.
وكل ذلك قد يحدث تدريجيا، دون أن يشعر به أحد، حتى يصبح أمرا واقعا يستحيل تغييره.
ما العمل؟
لمواجهة هذا الخطر، لا بد من تحرك عاجل ومدروس:
1. التوعية الشعبية: يجب أن يعرف كل مواطن ما يجري، ويكون يقظ لما يحدث في قريته ومدينته.
2. تفعيل أجهزة الرقابة والمخابرات: لرصد التحركات المشبوهة وكشف الجهات الداعمة لها.
3. سن قوانين محلية صارمة لمنع بيع الأراضي لغير اليمنيين تحت أي ذريعة.
4. التواصل مع المنظمات الدولية لإعادة تقييم أوضاع اللاجئين في أبين، وضمان ألا يتم استغلال الملف الإنساني لأغراض مشبوهة.
5. دور العلماء والمثقفين: لا بد أن يتحملوا مسؤولية دينية ووطنية في كشف المخاطر وحشد الرأي العام.
أخيراً
أبين ليست مجرد محافظة يمنية، إنها رمز للمقاومة والكرامة، ومخزون استراتيجي للهوية الوطنية الجنوبية.
أن تضيع أبين، معناه أن يضيع جزء كبير من اليمن.
واليوم، علينا أن نفتح أعيننا جيدا قبل أن نصحو على واقع مرير صنعناه بأيدينا بسبب الغفلة والتهاون.
الخطر لم يعد بعيد… إنه بيننا الآن.
فإما أن نقف اليوم صف واحد لحماية أبين، أو ننتظر الغد لنندم حين لا ينفع الندم.








