حُب المملكة

كتب: عمر محمد العمودي

 

أحب المملكة، رغم أنّي لم أزرها يومًا. لا أدري أهو حنين الجذور الممتدّة نحو الحجاز، أم لأنّ القلب يعرف منبته. لكنّي لا أحمّل الأعراق أكثر ممّا تحتمل. فالإنسان يُصنع بما يحمل من حلم، لا بما يرث من دم. ولا أرى في العرق ما يصوغ الإنسان أو يحدّد قيمته.
ربما أحببتها لأنّها قبلة، ليست قبلة الصلوات فحسب، بل قبلة للأحلام أيضًا. كم من روح بدأت من هناك ضعيفة، ثم نهضت، وكم من حلم خرج من أرضها حتى صار واقعًا.
وأنا لم أعرفها واقعًا، لكنّ عملي في كتابة المحتوى للسوق السعودي، ومع شركة سعودية، فتح لي نوافذها. عرفت الشرقية والغربية والرياض، الجنوب والشمال، عادات الحساويين وفرادتهم، عملية أهل الخبر وتفانيهم، بساطة الحجازيين وسلاستهم، وروح جدّة التي شعرت أنني لو زرتها يومًا، فلن يغيب عني طيف عدن.
لا أكتب هذا سردًا للتجارب، بل محبة لكيان قلّما يترك أحدًا حياديًّا حياله؛ فهو دائمًا بين محب وكاره، مادح أو متربّص..
وكثيرًا ما تكون السعودية أوّل دولة توجّه إليها السهام، وأوّل من تتلقّى الأقلام اللاذعة. وحين تتأمّل ما يقال، تجد كثيرًا من التحامل وقليلًا من المنطق.
فكثيرون، حين تلتبس عليهم الطرق وتضيع الجهات، لا يجدون سوى السعودية وجهة وبوصلة.
وكثيرون ممّن شتموها وهاجموها، ما إن يطرقهم الاحتياج، حتى يعودوا إلى رشدهم، فيتحوّل هجاؤهم إلى مديح..
وهذا ليس تملّقًا، بقدر ما هي عودة إلى الجذور، وتعبير عن التعقّل، ودليل على أنّ المملكة هي البوصلة.. التي يعودون إليها كما يعود الأبناء إلى بيتهم، وتغمرهم أمومتها بما تحمل من حكمة ووقار وثبات..
وبهذا الثبات تمضي المملكة كل يوم أفضل من سابقه؛ في الرياضة، والفن، والسينما، وفي الاقتصاد وسائر المجالات..
أذكر يوم إعلان فوز السعودية باستضافة إكسبو، كتبت تغريدة على تويتر: “مستقبل العالم سعودي” وهذا لا يعني أنّ مستقبل السعودية عالمي، بل مستقبل العالم يبدو وكأنّه يتجه نحو السعودية. وكنت أعنيها بصدق..
ومع ذلك، قرأها أحد السعوديين تهكّمًا، واحتدّت بيننا الرسائل، لأرى الأمر طريفًا فيما بعد. ولعلّه يعكس أنّ المملكة، لكثرة ما تواجه من تحامل، جعلت بعض أبنائها يرتابون من النوايا.
أكتب هذا هنا بعيدًا عن تويتر الذي معظم متابعيني من السعودية، لأنّي لا أبتغي مديحًا. وأنشره في فيسبوك، حيث لا أصدقاء لي من السعودية إلا قلّة، وقد لا يمرّون على ما أكتب إلا نادرًا..

العجيب في تويتر أنّه، مهما ابتعدت، يجعلك قريبًا من الشارع السعودي. وعلى ما رأيته من بعيد، فهم شعب جمع بين حداثة المدينة ونخوة القبيلة. لم تفسد أصالتهم التغيّرات، لأنها متجذّرة، ولم تعكرها الحملات الممنهجة ولا العواصف الإعلامية. فحقًا “عزّهم بطبعهم”

يوم وطني سعيد للأشقاء في المملكة، ودمتم في علوّ

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى