رحل صالح وبقي نفوذ بيت هائل

كتب/د- أحمد عقيل باراس

        وصلنا هذا العام إلى نهاية الاتفاقية الكارثة الموقعة بين الدولة ممثلة بإدارة ميناء عدن وبين بيت هائل سعيد انعم والتي قضت بتاجير جزء من الميناء لبيت هائل سعيد ومنحه إياه بثمن بخس في اتفاقية شابها الكثير من القصور وعدت حينها فضيحة القرن لما رافقها من فساد ومثلت وصمة عار بحق النظام السابق وبحق هذه الشركة او المؤسسة الذين لم يتعاملو مع عدن لا كمدينة من مدنهم ولا مع ناسها كجزء من شعبهم اذ نجد ان ماصنعه صالح وبيت هائل سعيد انعم بعدن لم يصنعه حتى المستعمر البريطاني ولا عملائه في أحلك فترات وأكثرها سوداوية بل وجدنا ان الاداره البريطانيه كانت حريصة على تطوير ميناء عدن والحفاظ عليه طيلة تواجدها التي استمرت مئة وتسع وعشرين عاماً ولم تجعلها الاحتجاجات الشعبية الرافضة لوجودها ولا الضربات الموجعة التي تعرضت لها من قبل الثوار في المحميات ووصول هذه الضربات إلى المدينة نفسها لم تجعلها تفكر حتى مجرد التفكير في تاجير الميناء او اقتطاع أجزاء منها لصالح اي من رجال المال والاعمال الاجانب الاخرين وشركاتهم التي كانت تملأ المدينة لدرجة معها نستطيع القول ان المستعمر البريطاني وعملائه المحليين كانوا ارحم بهذه المدينة واحرص عليها من صالح وابناء هائل سعيد وعملائهم المحليين .

         وبوصولنا اليوم ولو نظرياً إلى نهاية سيطرة بيت هائل سعيد على جزء من ميناء عدن التي استمرت لاكثر من عقدين من الزمان بانتهاء مدة تلك الاتفاقيه المهينه فان تحقيق ذلك عملياً على الارض وفي الواقع يبدو صعب المنال ان لم يكن من المستحيلات فقد كانت الاتفاقيه وبحق مجحفه بكل ماتحمله هذه الكلمه من معنى فقد كانت بمثابة بيع من لا يملك لمن لا يستحق فلو كانت تلك الارض ارض صالح بالفعل كما كان يدعي لما تنازل عنها وفرط فيها على حساب التنميه في عدن والجنوب وحتى على حساب مستوى التنميه في اليمن باسره ولو كان بيت هائل بيت وطني حقيقي تهمه مصلحة اليمن والتنميه فيها كما يدعون ايضاً لما ارتضو ان يخطو ويصيغو هم الاتفاقيه ويمنحو انفسهم كل هذه الامتيازات والحصانه لدرجة ان الاتفاقيه ليس فيها شي لصالح الدوله او لصالح المدينه التي يقع فيها هذا الميناء سوى سنتات معدوده ترتفع كل عدة سنوات لتنتهي العام الماضي هذه الاتفاقيه ولم تتجاوز مستوى دولار واحد عن كل طن اذ اختلفت هذه الاتفاقيه او العقد كلياً عن سائر الاتفاقيات والعقود الاخرى التي ابرمتها الدوله في السابق وحتى لاحقاً مع آيٍ من الجهات او الافراد الاخرين اكان من حيث الشكل والمضمون او حتى من حيث نوعية الورق والصياغه التي كانت مختلفه بشكل جذري عن جميع الاوراق والصياغات الحكوميه الاخرى .

           ومع اننا هنا لسنا في مجال تقييم هذه الاتفاقية فيكفي ان نعلم أنها أتت في ظروف استثنائية وأثناء نشوة ما بعد الانتصار التي حققتها مراكز قوى الشمال التقليدية على الجنوب في حرب 1994م فكانت هذه الاتفاقية بمثابة اولى بواكير العلاقه الحرام التي نتجت عن تزاوج المصالح بين مراكز القوى والنفوذ وبين رجال المال والاعمال الموالين لهم ليتم بعدها الإجهاز على جميع مؤسسات ومقدرات الجنوب بشكل كامل ولا تورثه وتملكه هذه الشركات والبيوت التجارية الموالية للسلطة ومن بينها بيت هائل سعيد أنعم الذي حصل على نصيب الاسد من الغنيمه ومثل النموذج السيئ في هذا الأمر كله حيث استولى هذا البيت على معظم مقدرات الجنوب ومؤسساته بفعل تطور مستوى العلاقة التي ربطت بين صالح وبين بيت هائل سعيد المجال هنا لا يتسع لشرحها … وبالعوده الاتفاقية وبنودها فهي لم تمر كسائر الاتفاقيات او العقود الاخرى من الادنى إلى الاعلى وانما العكس من الاعلى إلى الادنى  كما أنها عدلت مرتين في سنواتها الاولى لتواكب مصلحة بيت هائل سعيد واخرها التعديل الذي اتى لاضافة مادة تسمح لهذا البيت باستقبال السفن التي لا يستطيع ميناء عدن استقبالها مقابل الحصول على عائدات الرسو لصالحهم كما انها حوت هذه الاتفاقية شروط تعجيزيه كبيره على الدولة وصلت في حالة الخلاف إلى استثناء الاحتكام للقانون والدستور اليمني واللجوء لمؤسسات خارجيه بيت هائل سعيد شركاء فيها لتكون هي الحكم في اي نزاع واختتموها بمواد تسهل تجديد الاتفاقية في مقابل التشديد على الحكومة في حال لم ترغب بالتجديد واستعادة هذا الجزء بدفع مبالغ طائله لبيت هائل سعيد تفوق باضعاف مما سيتم تحقيقه من مداخيل لصالح الدوله من هذا الجزء لمئة عام قادمة .

      لقد استباح صالح ومعه بيت هائل سعيد انعم عدن والجنوب ورحل صالح وبقيت مؤسسة بيت هائل ومايؤسف له ان كل الحكومات المتعاقبة التي اتت بعد أحداث 2011م و حرب 2015م وحتى يومنا الحاضر وان اختلفو مع صالح ونظامه فانهم لم يختلفو مع هذا البيت بل ظلو امناء له وبعد ان كان صالح يستخدم هذا البيت وفق حاجته لهم فقد أصبح هذا البيت هو من يستخدم هؤلاء وفق حاجته لهم ولا نبالغ اليوم ان قلنا ان معظم قيادات السلطات المحليه والأمنية بعدن والمحافظات المجاورة لها وفي الحكومة الشرعية هم موظفين مع بيت هائل يتسلمون مكافأة شهريه منهم او من الموالين لهم في البيوت التجارية الاخرى وان بمسميات وبنود مختلفه لذا لن نتفاجى إذا ماتم التجديد لبيت هائل وتمكينه ليس من هذا الجزء من الميناء وحسب بل ومن غيره من الأجزاء سوى في البحر والبر وربما حتى الجو ان امكن وفي عدن او غير عدن  وبعد ان كان سقف توقعاتنا مرتفعاً اصبح اليوم الحفاظ على ماتبقي لنا من مواردنا وعدم التفريط فيه هو اكبر احلامنا .

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى