التنمية المستدامة أم استدامة الفقر والتبعية
مابين فترة زمنية وآخرى يصدر الغرب الى دول العالم الثالث مصطلحات ومفاهيم وبرامج زاعماً انها ستخرج هذه الدول من الحالة المتردية نحو النمو والأزدهار واللحاق بالدول المتقدمة , وتبدأ مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية وأجهزتها الأعلامية الترويج لذلك , بمشاركة المنظمات الدولية والوكلاء المحليين , والتي في حقيقتها أدوات تحركها الدول الغربية ..
واذا تتبعنا مفهوم (( التنمية )) سنجد انه قديم التداول , وشاع أكثر في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية لأعمار أوروبا الغربية المعروف بأسم ( مشروع مارشال ) والذي دشن العصر المتأمرك , واذا كانت التنمية بمدلولاتها الاقتصادية , الا انها تشمل جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية , اي انها مشروع تنموي ونهضوي متكامل للمجتمع من اجل الارتقاء به الى وضع افضل مما هو عليه ,
ومنذُ العقد الاخير من القرن العشرين لمع مفهوم التنمية المستدامة وتم الترويج له وكأنه الحل السحري الذي سيخلص الدول المتخلفة والفقيره من الركود والفقر وأتخاذ قفزات نوعية الى التقدم والرخاء في شتى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ..
وهنا نحاول المقاربة لأستخدامة في المجال الأجتماعي بدول العالم الثالث من أجل أخراج الفئات الفقيره من دائرة الفقر والحاجة والعوز – حسب زعمهم – , فقد سعت الدول الغربية والمنظمات الدولية الترويج للتنمية المستدامة وكأنه الفانوس السحري الذي يخرج منه المارد ليلبي طلبات الفئات الفقيره وتحقيق امانيها في تجاوز الفقر والاعتماد على المساعدات الى الرخاء والرفاهية والاعتماد على الذات ..
وفي حقيقة الامر لم يكن ذلك المارد سوى المنظمات العاملة في الشأن الأجتماعي التي تأتي محملة بسياسات رسمتها أهداف تريد تحقيقها وفق أجندة الدول الغربية والمنظمات الدولية دون أدنى أعتبار للأحتياجات الحقيقية للدول الفقيره والفئات المستهدفة , بل مجرد وعود زائفه بالتنمية الوهمية , فكما جاءت بالسفن والأساطيل المحملة بالجنود والمدافع والأسلحة لتدشن الحقبة الأستعمارية في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر , عادت عبر أدوات آخرى – منذ انتهاء المرحله الاستعمارية – منها وعود التنمية بدل السفن والأساطيل , لتنهب الثروات وتجذر الفقر في دول الأطراف لتأكيد مركزية الغرب ..
ان السياسات الأجتماعية التي تتبعها الدول الغربية والمنظمات الدولية لاتساعد في حلول ظاهرة الفقر بل تعيد أنتاجة من اجل تجذيرة وترسيخة في هذه المجتمعات لأستمرارية السيطرة عليها لتظل مجتمعات الأطراف معتمدة على المركز الأستعماري القديم – الجديد وتدور في فلكه , ومايؤيد قولنا هذا هو : ماهي نتائج التنمية المستدامة التي ازعجونا بها منذُ اكثر من ثلاثين عام , وماهو آثرها على مجتمعات الدول الفقيره , حتماً ستكون الأجابة ( لا شيء ) , بل ان نتائجها كارثية حيث أزدادت فقراً وتخلفاً وتبعية , وأزدادت طوابير الفقراء والجوعى وتكاثرت اعدادهم , بينما الدول الغربية ومجتمعاتها تزداد تقدماً وتطوراً وثراء ورفاهية ..
والأكثر سوءً أن تقارير المنظمات الدولية والمحلية وبعض المسئولين المحليين تزخر بالانجازات الوهمية والكاذبة , وتزهو بالفخر لتغطية أعداد جديدة من الفقراء ومنحهم المساعدات المالية والعينية , ويعتبروا ذلك أنجاز عن العام الذي سبق وماقبله , والسؤال .. هل هذا أنجاز .. هذا ليس أنجاز بل أتساع مساحة الفقر وزيادة أعداد الفقراء , عن اي أنجازات تتحدثوا يا هؤلاء .. !!
ونجد المنظمات المحلية العاملة في الشأن الأجتماعي يختالون كالطوائيس بأنجازاتهم الوهمية , وفي حقيقة الأمر فهم ليس سوى شركات خاصة همها الاول الربح , وهذه الشركات التجارية تعمل تحت يافطة منظمات أجتماعية تنموية , أصبحت رأس الحربة المحلي لتنفيذ سياسات الخارج واضعة بعين الأعتبار ماستجنية من اموال وأمتيازات , وبذلك أصبحوا مثل عملاء وخونة الامس اثناء الحقبة الاستعمارية ..