عندما يتحول شفق الفجر إلى نوراً ساطع!.

بقلم: جمال السنوي

 

فيما يشبه السفر عبر الزمن، أتذكر وأنا في مرحلة الدراسة الثانوية، عندما تم إعادة ترميم مبنى المدرسة (ثانوية النعمان)، بعد خروج النازحين منها أبان ح/ر/ب أبين آنذاك.

ووقتها عاد فتحها لتستقبل الطلاب من جديد بحلتها الجديدة ومنظرها الجميل والبراق، وكانت على أتم الجاهزية لمواصلة المسيرة التعليمية فيها على جميع الاصعدة،

وفي الأيام القليلة الأولى من بداية الدراسة أخبرتنا مديرة المدرسة (الأستاذة انتصار) وكانت انتصار بحق وحقيق الله يذكرها بالخير أينما كانت ويديم عليها وافر الصحة والعافية،

قالت لنا بما معناه؛ (يا أبنائي جميعكم أعتقد أنه لاحظ أثناء تأدية الطابور الصباحي وأثناء فترات الفسحة، بأن الجدران الداخلية للساحة الرئيسية للمدرسة فيها مساحات بألوان باهية المنظر مخصصة لكتابة العبارات والحكم عليها ولكنها فارغة من أي شي حتى الأن؟!، وأريد منكم أنتم أن تختاروا هذه العبارات بأنفسكم).

كان هذا تصرف حكيم جداً منها رغم أنه باستطاعة أي خطاط أن يملى هذه المساحات بالعبارات المعتادة على جدران المدراس، او بالإمكان الاستعانة بجوجل وسوف يقوم بالمهمة على أكمل وجه بضغطة زر.

يبدو أنها كانت ترمي لما هو أبعد من ذلك، وحتى أقول الصدق لم أكن أعرف وقتها ما الذي سوف يترتب عليها ذلك لاحقاً، غير أنها قد ربما أحببت أن تجعلنا نشارك في هذا التحسين الحاصل للمدرسة، فكما هو معروف عندما يشارك المرء في عمل ما يكون هو أول واحد يحافظ عليه ويحميه من التخريب، او حتى تكون بمثابة عامل حافز يولد الإبداع في ذواتنا.

وفعلاً!، جميع ما ذكر صحيح، ولكني بت الأن مدركاً بأنها أعظم مهمة اؤكلت إلينا حينها، لما تركته فيني من أثر عظيم مبارك يوتي أكله كل حين، حيث كان من نصيبي أن أقترح ثلاث عبارات أرسلت على لساني بلحظة عفوية لا إرادية، وثلاثتهن كانت من ضمن ما زينت بهن جدران مدرستي الحبيبة وهن؛

“أمة تقرأ.. أمة ترقى”

“العلم في الصغر كالنقش على الحجر”

“العلم يبني بيوتاً لا أساس لها، والجهل يهدم بيوت العز والشرفِ”

وعلى الرغم أنني لم أكن أمعن كثيراً في مدى معانيها وثقل المفاهيم التي تحملها تلك العبارات، إلا أنها كانت أول ما طرأ لي على البال، قد ربما بسبب كثرة ترديدي وتكراري لها مما جعلها تُحفظ وتُخزن في عقلي الباطن.

والشيء بالشيء يذكر، وهنا أحب أن استشهد بجزئية” القراءة” فعندما اوردت عبارة “أمة تقرأ.. أمة ترقى” لم أكن أعرف حينها من صور القراءة غير قراءة الواجب المدرسي ومطالعة المنهج الدراسي فقط وفقط لاغير، والحقيقة أنها لم تكن عبارة عابرة تبزق في الذهن من ثم تذهب في سبيل حالها، بل كانت شفق الفجر الذي تحول الى نوراً ساطع بما تعنيه لي القراءة حالاً.

 

والعبرة هاهنا تتلخص في أمرين؛

الأول – أن جميعنا تصله رسائل لا حصر لها بصور شتى وحالات عديدة مختلفة، لن يدرك الواحد المغزى منها مالم يكن واعياً بها وبحدوثها، والسعيد من أدرك ذلك في الوقت المناسب.

الأمر الثاني – لا تستسهل ما تتعرض له او أي شيء يعرض عليك مهما اعتقدت أن ذلك بسيطاً، فرب فكرة تجد طريقاً الى عقلك الباطن برضاك او بدون موافقة منك لتشكل جزءاً من حياتك فيما بعد..

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى