قبيلة العمودي: صرحٌ من الأصالة وشموخُ التراث في حضرموت وشبه الجزيرة العربية
كتب/أسامة العمودي
تُعد قبيلة العمودي واحدة من أعرق القبائل في حضرموت وشبه الجزيرة العربية، عاكسةً بوجودها القوي ودورها التاريخي أصالة الجذور العربية ومجدها المتوارث عبر الأجيال. إن قبيلة العمودي ليست مجرد تجمع قبلي فحسب، بل هي رمز من رموز الحضارة والهوية العربية التي أضاءت تاريخ المنطقة بما قدمته من قادة، ومشائخ، وعلماء، ساهموا في بناء مجتمع متماسك، وشعب عزيز شامخ.
تعود أصول العمودي إلى مئات السنين، حيث بزغوا كقادة ومشائخ في حضرموت، وتميزوا بقدرتهم على تسيير شؤون قبيلتهم والحفاظ على مصالحها وسط التحديات التاريخية المتلاحقة. ولم يكن الدور البارز للعمودي مقتصرًا على حضرموت فقط، بل امتد تأثيرهم ليشمل شبه الجزيرة العربية، حيث أرسوا قواعد متينة في القيادة والريادة، مستندين إلى حكمة متوارثة ومعرفة واسعة بعادات وتقاليد المنطقة، مما جعلهم مرجعيةً موثوقةً لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر.
على مر العصور، تميز مشائخ قبيلة العمودي برزانة العقل وحسن التدبير، مما جعلهم أهلًا للقيادة والزعامة في حضرموت وخارجها. وقد اشتهروا بقوة شخصيتهم وصلابتهم، بالإضافة إلى حكمتهم في اتخاذ القرارات وحل النزاعات بروح العدل والإنصاف، مما أكسبهم احترام القبائل الأخرى وتقديرها. إنهم رجال الحكمة والتبصر، حيث لا يضطرون إلى اللجوء إلى العنف أو التصعيد، بل يعتمدون على حكمتهم وحنكتهم في الحفاظ على استقرار مجتمعاتهم، وترسيخ السلام والمحبة بين القبائل.
اشتهرت قبيلة العمودي بكرمها وشهامتها، حيث يعتبر هذا الخلق سمةً متجذرة في أفراد القبيلة على اختلاف مناصبهم وأعمارهم. يميل أبناء العمودي إلى العطاء والبذل، فقد عُرفت ديارهم كمضرب مثل للكرم، وملاذ للضيوف ووجهاء القبائل الذين يرغبون في لقاء مشائخهم، إذ تُفتح الدواوين أبوابها بكل ترحابٍ وشموخ لمن ينشد الكرم والأصالة.
ويحمل أبناء العمودي إرثًا قيميًا ومبدأً أصيلًا يتمثل في حسن التعامل مع الآخرين واحترام الجميع بغض النظر عن انتماءاتهم. إنهم يسيرون على نهج أجدادهم، محافظين على أخلاقهم النبيلة وملبين نداء الواجب كلما اقتضت الحاجة، فيكونون أول المساندين وأول الداعمين لمجتمعاتهم في السراء والضراء.
ساهمت قبيلة العمودي بفضل مشائخها وأفرادها في تعزيز الروابط الاجتماعية في حضرموت وشبه الجزيرة العربية. فقد ساعدت على ترسيخ قيم التكاتف والتعاون بين أفراد المجتمع، وكانت على الدوام أحد العوامل الأساسية في توطيد العلاقات بين القبائل، وتجسير الفجوات، وتجنب الانقسامات. ولقد لعبت مشيخة العمودي دورًا فعالًا في إرساء قواعد الوحدة الاجتماعية، متمثلةً بحرصها على دعم المشاريع التنموية والخيرية، ومساندة المحتاجين، والعمل على توفير بيئة آمنة ومستقرة للجميع.
إن وجود قبيلة العمودي اليوم ليس مجرد حضور عادي، بل هو استمرار لإرث حضاري ممتد عبر الزمن. فقد كانت القبيلة دومًا رمزًا للعزة والشموخ العربي، حيث ترفع راية الأمانة وتحافظ على إرثها الثقافي والتاريخي، حاملةً قيم الأجداد التي تأبى أن تندثر مع تعاقب الأجيال. ولا شك أن دور قبيلة العمودي يعد امتدادًا لإسهاماتها التاريخية، إذ تواصل القبيلة من خلال مشائخها وأبنائها دعم استقرار حضرموت، والحفاظ على هويتها، والعمل على نشر قيم التسامح والسلام.
تظل قبيلة العمودي، بشموخها وأصالتها، عنوانًا بارزًا في سماء حضرموت وشبه الجزيرة العربية، ملهمةً لأجيال جديدة بأن الفخر بالتراث والأصالة هو جزء لا يتجزأ من هويتنا. ولا أحد يمكنه إنكار ما قدمه العمودي، من حكمتهم إلى شجاعتهم، ومن كرمهم إلى محافظتهم على الأخلاق الأصيلة. إن قبيلة العمودي لم تكن مجرد قبيلة عابرة في التاريخ، بل رمزًا خالدًا يجسد القيم النبيلة والمبادئ التي تربى عليها أبناؤها، ليكونوا على الدوام مثالًا يُحتذى به في الأمانة والعز والشموخ.