السلقة

كتب ـ هاشم شيخان
السلقة.. ليست مجرد فرش مصنوع من سعف النخل، بل هي أيقونة من أيقونات الهوية الأبينية، ومفتاح لفهم فلسفة العيش البسيط والراقي في آن واحد.
في كل خيط منسوج، وفي كل جديلة محكمة، تنبض ذاكرة جماعية حملتها الأيادي الأمينة عبر أجيال، لتبقى شاهدة على روح أبين وكرامتها.
السلقة تعلمنا أن الهوية لا تُصنع في المكاتب ولا تُكتب في الأوراق، بل تُحاك من عرق الأمهات، ومن أصابع الجدات وهن يحولن سعف النخيل اليابس إلى حياة، وراحة، ورمز.
إنها مرآة للأبيني وهو يعيد صياغة الأشياء من لا شيء؛ يبتكر من الطبيعة أبسط الأدوات، ليؤكد أن الانتماء ليس كلمات، بل ممارسة يومية تبدأ من حصيرة صغيرة وتنتهي بحب الأرض.
حين تجلس على سلقة، فأنت لا ترتاح فقط، بل تجلس على تاريخ أبين كله؛ على ظل النخيل الممتد على ضفاف الوادي، على رائحة الطين بعد المطر، على نسيم البحر حين يغازل الساحل، وعلى كرامة إنسان لم ينكسر رغم قسوة الظروف.
السلقة ليست مجرد موروث، إنها هوية.. والهوية الأبينية ليست زينة للتفاخر، بل جذور راسخة، تقول للأجيال القادمة: هنا أبين، هنا نُسجت قصة البقاء.
هاشم شيخان السقاف








