الهدنة التجارية بين أمريكا والصين فرصة لكبح التوتر المتصاعد

أبين ميديا/ متابعات /إيدن ريتر – هاكيونغ كيم

أعلن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسينت أنه سيلتقي نظراءه الصينيين في السويد، الأسبوع المقبل، وأن الموعد المقرر لانتهاء الهدنة التجارية بين البلدين في 12 أغسطس قد يتأجل على الأرجح.

وبغض النظر عن موقفك من العلاقات الأمريكية الصينية، لأن الصقور المتشددين غالباً غير راضين عن المفاوضات أساساً، إلا أنه من المرجح أن تكون هذه أخباراً جيدة للاقتصاد الأمريكي والأسواق، فهي تمنح الشركات الأمريكية مزيداً من الوقت لاستيراد السلع الصينية بأسعار قد تكون أقل، وتزيد احتمالية تجمد التوتر المتصاعد، وقد تشير إلى أن الطرفين سيتوصلان في النهاية إلى اتفاق.

أما بالنسبة للاقتصاد الصيني، فتعد هذه أخباراً جيدة بشكل خاص، فقد أدت الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين إلى انتعاش الصادرات الصينية في الربع الثاني من العام، ما شكل دفعة لاقتصاد يتباطأ.

فقد انخفض معدل الناتج المحلي الإجمالي المعلن، الذي يجب التعامل معه دائماً بحذر، من نمو بنسبة 5.4% على أساس سنوي، إلى 5.2% في الربع الثاني، وتشير مؤشرات النشاط الصيني الموثوقة إلى أن الانخفاض كان أكبر.

 

وتخيم حالة من التشاؤم على مختلف مؤشرات الاقتصاد الصيني، فالطلب المحلي أضعف من المتوقع، والاستثمار الثابت لا يزال أيضاً يخالف التوقعات، فيما تواصل سوق العقارات الانزلاق. أما على صعيد التضخم، فرغم تسجيله ارتفاعاً طفيفاً، لا يزال قريباً بشكل مقلق من الصفر.

ويبدو أن أدوات السياسة المحلية لعكس هذا الاتجاه محدودة فالحزب الشيوعي الصيني لديه نفور قديم من الفائدة الصفرية، علاوة على استمرار عدم الوضوح فيما يتعلق بما إذا كان بنك الشعب الصيني سيدفع أسعار الفائدة الرئيسية إلى مستويات أدنى.

وبحسب زيتشون هوانغ وجوليان إيفانز بريتشارد من «كابيتال إكونوميكس»، فقد استنفدت الصين قدراتها المالية، وقد يسفر ذلك عن عدم قدرة البلاد على الإعلان عن حزمة تحفيز جوهرية.

وهذا لا يترك مما سبق مجالاً لشيء سوى تخفيف حدة التعريفات الجمركية كحل، وستساعد الصين هدنة أطول، لكن قطاع الصناعة سيحتاج لمزيد من التنازلات ليتمكن الاقتصاد من تغيير مساره.

وبالنسبة لنا، ينبئ هذا بأن الصين سترضخ لبعض مطالب بيسينت وترامب خلال مفاوضات الأسبوع المقبل في السويد. وقد بدأت القيادة المركزية في الصين بالفعل في بث بعض الرسائل حول عملها على معالجة مسألة السعة الإنتاجية الفائضة.

 

ويأمل السوق الصيني أيضاً في التوصل لاتفاق، أو على الأقل المزيد من المرونة في التعريفات الجمركية لكن رغم هذه الأوضاع الاقتصادية، فقد تمتعت الأسهم الصينية بشهرين من الأداء القوي.

وحصلت الأسهم الصينية على دفعة في بداية الهدنة، وشهدت ارتفاعاً كبيراً بشكل خاص الأسبوع الماضي، عندما رفع ترامب الحظر التجاري على شرائح «H20» من «إنفيديا».

وقفز المؤشر الفرعي لقطاع التكنولوجيا CSI 300 بنسبة 6% بالقيمة الدولارية في ذلك اليوم، وساعدت الضجة حول الذكاء الاصطناعي في رفع المؤشر الأوسع بنسبة 3% بالقيمة الدولارية خلال الأسبوع التالي.

 

وسيعتمد أداء الأسهم المستقبلي على ما يمكن أن يحصل عليه المفاوضون الصينيون من محفزات أخرى، وما هي التسهيلات الأخرى التي ستقدمها الولايات المتحدة، لكن الصين لن تجلس إلى طاولة المفاوضات في وضع اقتصادي قوي.

تداعيات التعريفات الجمركية على الأرباح

ما زلنا في الأيام الأولى من الحرب التجارية. ولا نعلم إلى أين ستصل التعريفات الجمركية مستقبلاً. الأهم من ذلك، نحن لا نعلم من سيتحمل ثمنها، لكن منذ بداية العام وحتى اليوم، جمعت الولايات المتحدة إيرادات لا تقل عن 100 مليار من التعريفات الجمركية.

وحسب ما أفاد به جورج سارافيلوس من «دويتشه بنك»، واستناداً إلى البيانات المتوفرة لدينا حتى الآن، كانت الشركات الأمريكية هي التي تتحمل التعريفات.

وأوضح أن غالبية الدول عملت على تمرير تكاليف التعريفات إلى المستوردين الأمريكيين ولم تخفض الأسعار بشكل استباقي لتخفيف وقع الأمر، عكس ما كانت تأمله بعض الشركات.

ويبدو ذلك شبيهاً بما حدث عام 2019، فقد أشارت دراسات عدة إلى أن الشركات الأمريكية لا المصدرين الصينيين، هم من كانوا يتحملون أعباء غالبية الرسوم الجمركية، وهم من مرروا هذه الأسعار في النهاية إلى المستهلكين. وعند الأخذ في الاعتبار أن كثيراً من المستهلكين يبدون حساسية تجاه الأسعار بالفعل، فلا يبشر هذا بالخير لأرباح الشركات الأمريكية.

وقد بدأت بعض الشركات التي أعلنت عن نتائجها بالفعل، في دق ناقوس الخطر، فقد تخطت «جنرال موتورز» توقعات المحللين لأرباح السهم، رغم ذلك انخفض سهمها بنسبة 8%. فقد عانت أرباحها من خسارة قدرها 1.1 مليار دولار، كما انخفض صافي دخلها إلى 4%، من أكثر من 6% قبل عام.

وأرجع المدير المالي للشركة، بول جاكوبسون، هذه الخسارة مباشرة إلى تعريفات ترامب.

وقال: «بلغت الأرباح قبل الفوائد والضرائب المعدلة 3 مليارات دولار، بما في ذلك تأثير صافي التعريفات البالغ نحو 1.1 مليار دولار مع تعويضات تخفيفية ضئيلة. وكما ذكرنا سابقاً، فإن جهود التخفيف (من أثر التعريفات) ستستغرق وقتاً لتحقيق نتائج، ما يحد تأثيرها على الربع الثاني».

في الوقت نفسه، خفضت «آر تي إكس»، عملاقة قطاع الدفاع، توقعاتها لأرباح العام كله، وأصبح أعلى تقدير لأرباح السهم الآن أدنى من المستويات الدنيا لتوقعاتها المعلنة سابقاً.

وذكر نيل جي. ميتشل المدير المالي للشركة «أن هناك عائقاً ناجماً عن التعريفات يبلغ 30%»، علاوة على «رياح معاكسة في بيان الدخل» نتيجة التغييرات في قانون الضرائب هذا العام.

 

ورغم أن الشركة تجاوزت توقعات وول ستريت في الإيرادات وربحية السهم المعدلة لهذا الربع، إلا أن المستثمرين اهتموا بالتوقعات المستقبلية، ما أسفر عن انخفاض أسهم «آر تي إكس» بواقع 1.6%.

 

وما زالت التعريفات الجمركية تخطو أولى خطواتها، وقد تتخطى هذه الشركات التوقعات المنخفضة. وقد أكدت «آر تي إكس» إدخال تحسينات على سلاسل التوريد الخاصة بها للتعامل مع الرسوم الجمركية.

بينما تأمل «جنرال موتورز» في بناء مزيد من المصانع في أنحاء الولايات المتحدة. لكن كل هذا يتماشى مع ما سمعناه من العديد من المستثمرين، ويتمثل في أن كلا الشركتين فاقتا توقعات الأرباح، غير أن التوقعات هي ما يهم حقاً هذا الربع، في ظل عدم اليقين المتعلق بالتعريفات.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى