سيدة المدن: عدن تحتضن الأمل وسط الظلام

عدن، تلك المدينة التي تتنفس تاريخًا عريقًا، يُعدّ حلمها المفقود إحدى الهمسات في قلوب أهلها.
أتحدث معكم اليوم وانا أعيش تفاصيل هذه المدينة، أستشعر آلامها وآمالها، وأقول بكل فخر:
عدن ليست مجرد مكان، إنها كما قال شاعرها الكبير “عبدالله البردوني”، “سيدة المدن”، تلك المدينة التي أثّرت في نبض الشعراء اليمنيين على مر العصور.
منذ الأزل، كانت عدن تعتبر عروس البحر، وقد كتب عنها شعراء قدماء وتغنوا بجمالها وكرم أهلها.
في زواياها الدافئة، عاشت خلجات من التاريخ تجسدها الأزقة الضيقة والأصوات المألوفة للأهالي.
اليوم، عدن تعاني.
تخترق الشوارع صرخات وجع، وبالرغم من شموخ جبالها، تحجب الأفق سحب من عدم الاستقرار والخوف من ماهو أتِ.
اليوم عدن الظلام مخيم على رفوف ارضها،إنقطاع الكهرباء والمياه، وتوقف الرواتب، وتدهور الوضع الراهن، والحياة الاقتصادية وتأثيرها القاسي على حياة الناس.
في قلب كل ذلك، لا تزال أرواح عدنيّة تحارب من أجل البقاء، وتحاول إعادة بناء ما تهدم، لكن الأمل يبقى فيه بريق، وهذا ما يدفع الشعراء للتعبير عن معاناته وشاعرهم التي لا زالت مستمرة ليومنا هذا.
من بينهم “أمين الريحاني” الذي غنى بالحب والانتماء لعدن في قوله: “عدن يا مدينة الحب والأنوار،
فيكِ يلتقي الأمل مع الأقدار”
و”محمد حسين هيكل” الذي طرح على لسان أبنائها آمال السلام والتوجه نحو غدٍ أفضل.
عندما قال :”أنتم الأملُ حين يتلاشى
فاستجدي السلام يا عدنِ حالا”
إنّ كل بيت شعر يخرج من قلوبهم ينقش في ذاكرتنا تاريخًا، ويثير مشاعر مؤلمة وأخرى مليئة بالأمل.
تظل قصائد هؤلاء الشعراء تتردد في أرجاء المدينة، تأخذني إلى إمكانيات لم يكتب لها الظهور.
كيف يمكن أن يزدهر النفوس في جوف المحن؟ وكيف يمكن لعدن أن تستعيد نورها بين ظلام اليوم؟!
أشعر أحيانًا أن الكلمات ليست كافية لوصف معاناتنا.
لكن، كما قال الشاعر “أحمد قاسم”: “إذا نضبت الأحلام، تزرع البذور في قلوبنا”.
هذا هو حالنا، نعلن للعالم أننا لا نستسلم ولن نخذل .
الحب الذي يحمله كل واحد فينا لعدن هو الذي يجعلنا ننهض مجددًا.
عدن مدينة تحتفل بجمالها، رغم الندوب التي فيها.
آمل أن يأتي اليوم الذي تُطوى فيه صفحات الألم، والجرح الذي لا يندمل، وندخل معًا فصلًا جديدًا من الأمل والفرح.
ما تزال عدن تمثل نبضات قلوبنا وبهجة عيوننا رغم الظروف المحيطة بنا.
كما قال “البردوني”، “أمة بلا ذاكرة ليست أمة”، ولا تزال
واتذكر قوله الجميل:”أحبك يا عدن.. كالنهر يستسقي،
وكنجمٍ بأفقٍ انتظرته سنين”
ذاكرتنا حية مع كل قصيدة
تُكتب عن عشق هذه المدينة.
“في النهاية، يظل السؤال يطرح نفسه…”
“حتى متى سيستمر هذا الحال؟ حتى نجد الشجاعة لنتحدث بلسان الحقيقة، حتى نكسر سلسلة السكوت، حتى ننفض الغبار عن أرواحنا، حتى نسترد حريتنا، حتى نستيقظ من نوم العيش في ظلال الكذب.”
الكاتبة: سناء العطوي








