بعد سبعة عقود… أمريكا تستخرج سلاحها الخفي من قلب وايومنغ

أبين ميديا /متابعات /السيد محمود المتولي

 

لأول مرة منذ أكثر من سبعة عقود، افتتحت الولايات المتحدة منجماً جديداً في وايومنغ للمعادن الأرضية النادرة والذي سيحدث نقلة نوعية في الاقتصاد الأمريكي ويعزز دفاعها الوطني.

تم توثيق هذا الاكتشاف في دراسة جدوى اقتصادية حديثة نشرتها جهة مستقلة، والتي تُقدّر أن منجم بروك يحتوي على ما يصل إلى 1.7 مليون طن من المعادن النادرة والمعادن الأساسية، مع وجود مساحة شاسعة غير مستغلة لا تزال قيد الاستكشاف، ومن المتوقع أن يُقلل المنجم بشكل كبير من اعتماد أمريكا على المصادر الأجنبية لهذه المواد الأساسية.

اكتشافٌ يُغيّر قواعد اللعبة

وفقًا للمعلومات التي نشرتها مجلة Popular Mechanics ، في مايو 2023، عثرت شركة Ramaco Resources، وهي شركة تعدين صغيرة نسبياً مقرها ليكسينغتون بولاية كنتاكي، على اكتشافٍ استثنائي، ركّزت الشركة في البداية على إنتاج الفحم، ثم اكتشفت رواسب ضخمة من العناصر الأرضية النادرة في طبقات الفحم بمنشأتها في وايومنغ، تُعد هذه المعادن، بما في ذلك الغاليوم والسكانديوم ، وعناصر أساسية مثل النيوديميوم والبراسيوديميوم، أساسية في إنتاج الأجهزة عالية التقنية، وأنظمة الطاقة المتجددة، والأسلحة العسكرية.

يُمثل منجم بروك فصلاً جديداً في تاريخ التعدين الأمريكي، إذ يُمثل أول منجم جديد للمعادن النادرة يُفتتح في البلاد منذ 70 عاماً. ويأتي هذا الاكتشاف في وقتٍ يشهد فيه المعروض العالمي من هذه العناصر ضغطاً شديداً، لا سيما مع سيطرة الصين على ما يقرب من 90% من المعروض العالمي، وبالتالي، يُتوقع أن يُحدث هذا المنجم نقلة نوعية، لا سيما في قطاعي الدفاع الوطني والتكنولوجيا المتقدمة.

من الهواتف الذكية إلى الطائرات المقاتلة

المعادن النادرة ليست نادرة بالمعنى التقليدي، ولكن استخراجها ومعالجتها يمثلان تحديًا كبيراً. تُعد هذه العناصر جزءاً لا يتجزأ من العديد من التقنيات الحديثة، من الهواتف الذكية إلى المركبات الكهربائية، وحتى المعدات العسكرية مثل الطائرات المقاتلة والغواصات النووية، ويتمثل الاستخدام الأبرز للمعادن النادرة في قطاع الدفاع في صناعة المغناطيسات الدائمة، وهي ضرورية في أنظمة مثل طائرات إف-35 لايتنينج 2 والغواصات النووية من فئة فرجينيا .

منجم بروك غنيٌّ أيضاً بمعادن أساسية أخرى، مثل الليثيوم والنيكل والكوبالت والجرافيت، تُستخدم هذه المواد في تطبيقات متنوعة، بدءاً من البطاريات التي تُشغّل المركبات الكهربائية، وصولًا إلى أشباه الموصلات التي تُشغّل أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية.

سلاح أمريكا السري

مع تصاعد التوترات المحيطة بالحروب التجارية واحتدام المنافسة على المعادن النادرة، يُتيح منجم بروك للولايات المتحدة فرصةً لاستعادة بعض الاستقلالية في توريد هذه المواد الحيوية، في عام 2023، استوردت الولايات المتحدة ما يقارب كامل احتياجاتها من المعادن النادرة ، والبالغة 10 آلاف طن متري ، من الخارج، ومن المتوقع أن يُنتج منجم بروك ما يصل إلى 1400 طن متري سنوياً بمجرد وصوله إلى طاقته الإنتاجية الكاملة. ورغم أن هذه النسبة تُمثل نسبة ضئيلة نسبياً من الطلب الأمريكي على المعادن النادرة، إلا أنها تُمثل خطوةً أولى حاسمةً نحو تقليل الاعتماد على الصين.

تتجاوز الأهمية الاستراتيجية لهذا المنجم مجرد توفير المواد الخام، إذ يتيح للولايات المتحدة فرصة تأمين سلسلة توريدها لصناعات الدفاع والتكنولوجيا، وهما قطاعان حيويان للأمن القومي.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى