اقتصاد الصين يواجه عاماً شاقاً في محاربة الانكماش وإعادة إحياء الثقة

 

أبين ميديا /متابعات

بصفته رئيس أكبر شركة لبيع المجوهرات في الصين، يستشعر كينت وونغ حذر المستهلكين في الإنفاق في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقال وونغ، العضو المنتدب لشركة تشاو تاي فوك، إن عملاء متاجره تحولوا من شراء الماس والأحجار الكريمة الأخرى إلى الذهب، الذي ينظر إليه كمخزن للثروة في الأوقات الصعبة، وأضاف:«على المدى القصير، سيستمر الناس في توخي المزيد من الحذر بغض النظر عن غرض الشراء، سواء كان للاستهلاك أم الاستثمار».

مشيراً إلى أنه يتوقع عودة ثقة المستهلك خلال عام أو عامين. تأتي توقعات وونغ المتحفظة لعام 2024، والتي يشاركه فيها العديد من المحللين، في وقت يستعد فيه صناع السياسات في بكين لعام حاسم في معركتهم لإنعاش الاقتصاد، والهروب من خطر السقوط في الديون والانكماش.

وفي كلمة له في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، قال رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ إن الناتج المحلي الإجمالي للصين نما بنسبة تقديرية 5.2 % العام الماضي وعلى الرغم من أن ذلك يتجاوز قليلاً الهدف الرسمي البالغ 5 %، فإن الاقتصاديين يقولون إنه من المُرجّح أن يكون 2024 أكثر تحدياً، إذ يتوقع استطلاع أجرته رويترز للمحللين أن يتباطأ النمو إلى 4.6 %.

ودخل الانكماش العقاري عامه الثالث، وتعاني الصادرات من الهبوط، ويتجنب المستثمرون الحذرون الأسواق المالية في الصين.

وقال روبن تشينغ، كبير الاقتصاديين الصينيين في مورغان ستانلي: «أعتقد أنها سنة حاسمة بالنسبة للاقتصاد الصيني، حيث إن الانكماش قد يدخل في حلقة مفرغة».

وأشار إلى أن الشركات بدأت في تقليص الديون والتوقف عن الإنفاق الرأسمالي والتوظيف، في حين كانت سوق العمل محدودة، وتوقعات الرواتب آخذة في التدهور وأوضح أنه: «للخروج من هذه الحلقة، نحتاج إلى سياسات هادفة للغاية». ويتوقع محللون أن يحدد الاجتماع السنوي لمجلس الشعب الصيني (البرلمان) مرة أخرى هدف النمو الاقتصادي بنحو 5 % عندما يجتمع في مارس المقبل.

وقال محللون إنه بعدما أضرت عمليات الإغلاق الصارمة بالاقتصاد في 2022، كان من السهل تحقيق  النمو المستهدف، لكن الحكومة وجدت نفسها مضطرة إلى زيادة الدعم المالي، بعد تذبذب النمو في منتصف العام. وكما هي الحال خلال 2023 يعد قطاع العقارات التحدي الأكبر أمام الاقتصاد عام 2024. وقد أعلنت الحكومة الصينية عن مبادرات متعددة لدعم القطاع.

حيث كشفت أخيراً عن أن البنك المركزي في ديسمبر ضخ 49 مليار دولار إلى البنوك في ديسمبر من خلال آلية «تعهدات الإقراض التكميلي»، ولم توضح الحكومة الهدف من منح هذه القروض، لكن محللين يتوقعون أنها قد تكون مخصصة لـ«المشاريع الثلاثة الكبرى»، وهو برنامج تحفيزي لدعم قطاع الإنشاءات السكنية.

وقال كريس بيدور، نائب مدير أبحاث الصين في «جافيكال»، إن البرنامج قد يوفر الأرضية الحيوية لإنعاش نشاط الإنشاءات المنهار، لكن مبيعات العقارات ستظل أحد أكبر الأمور مجهولة المستقبل.

وبخلاف قطاع العقارات، يرى اقتصاديون أن ثمّة حاجة ماسة إلى حزمة تحفيز أوسع نطاقاً، مقرونة بإجراءات إصلاح لإعادة تحفيز الاقتصاد. وقالت أليسيا غارسيا هيريرو، كبيرة الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في ناتيكسيس: «يشكل الانكماش مصدراً لقلق هائل بالنسبة لدولة مثل الصين التي تزداد ديونها العامة بشكل أسرع من أي وقت شهدته اليابان على الإطلاق».

وفي أوقات الانكماش، تنخفض الأسعار والأجور، ولكن قيمة الدين لا تنخفض، مما يزيد من أعباء السداد.

وقال روبن شينغ، من مورغان ستانلي، إن الحكومة الصينية تحتاج إلى تقديم حزمة مالية تستهدف دفع الاستهلاك، بدلاً من زيادة الاستثمار في التصنيع، فقد يفيد ذلك، على سبيل المثال، مئات الملايين من العمال المهاجرين في الصين، من خلال منحهم المزيد من القدرة على الوصول إلى المزايا الاجتماعية، والحدّ من الحوافز التي تدفعهم إلى اكتناز المدخرات بدلاً من الإنفاق.

وأضاف شينغ: «نحتاج إلى تحول حاسم نحو سياسة التيسير المالي»، وإذا فشلت في تحقيق أهدافها فستكون حاجة السياسة أكبر في نهاية المطاف إلى كسر فخ الديون والانكماش. ويقول اقتصاديون إنه لا يمكن الاعتماد على الصادرات التي انكمشت من حيث قيمتها بالدولار العام الماضي في ظل ضعف الطلب العالمي.

وأدّت سياسات التحفيز في الصين، التي تمنح المصنعين الأولوية في الحصول على القروض من البنوك الحكومية، إلى وجود فائض في القدرات الإنتاجية وتصاعد التوتر مع شركاء تجاريين.

ورغم دعوات الأسواق لبكين بتخفيف سياساتها وجهودها من أجل كسب ود المستثمرين، قال المحللون إن صناع السياسات يستمرون في إرسال إشارات متباينة، فقد أبقى بنك الشعب الصيني على معدل الإقراض المهم ثابتاً منذ أيام، رغم توقعات السوق بخفضه.

وخلال الشهر الماضي، صدمت الحكومة المستثمرين بالإعلان عن قيود  على ألعاب الفيديو بعد تقديم تأكيدات سابقة بأن حملة الحكومة ضد التكنولوجيا قد انتهت. حاولت الحكومة تهدئة المخاوف من خلال إقالة المسؤول الرسمي عن مسودة القوانين، لكن المحللين قالوا إن الضرر حدث بالفعل، وقال اقتصاديون إن كل ذلك من شأنه أن يزيد من صعوبة تحقيق هدف نمو الناتج المحلي بنسبة 5 % هذا العام.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى