أبين ميديا / بقلم الدكتور عوض أحمد العلقمي
سئل الإمام ذات يوم من أحد حجابه ، لماذا لم تنته من أمر عبد الله البردوني مع أنه يحرض بشعره ضدك ، ويتبرأ من طاعتك ؟ ردً الإمام ، لقد خليت سبيله ، ولم أتعرض له بأذى لأمور منها ؛ أنني لم أستطع إخفاء إعجابي بشعره ، فشعره جيدا ، وكذلك اعتزازه بنفسه ، إذ لم يتقدم إلي البردوني يوما يطلب شيئا من المساعدة المالية أو غيرها ، وأهم من ذلك كله ، فإنني لا أريد التاريخ أن يسجل قتل نابغة في عهدي . لقد كان الإمام على درجة عالية من الدهاء والذكاء ، إذ علم مايتمتع به ذلك الفقير البصير من عزة وعفة وكرامة وشهامة ، ربما لايمتلكها كثير ممن يزعمون أنهم من كبار القوم ، أما الحكمة وبعد النظر ، فقد تجليا في شخصية الإمام من خلال رفضه قتل البردوني ، مع إلحاح كثير من بطانته وحجابه ؛ لعله قد أدرك عبقرية الشاعر عبد الله البردوني ، والرافد العلمي الذي سيقدمه للبلاد إذا مابقي حيا ، فضلا عن اللعنات التي ستبقى تلاحق الإمام حيا وميتا إذا ما أقدم على قتل ذلك العبقري …. أما الآن ، فسنعمد أعزائي القراء إلى رسالة البردوني لهذه الليلة ، وتقييم بصيرته النافذة للحضارة الغربية التي انبهر بها كثير من الحداثيين المبصرين ، وسطحيو التفكير ، إذ قال :
وأقبح النصر نصر الأقوياء بلا ** فهم سوى فهم كم باعوا وكم كسبوا
أدهى من الجهل علم يطمئنٌ إلى ** أنصافِ ناس طغوا بالعلم واغتصبوا
قالوا هم البشر الأرقى وما أكلوا ** شيئا كما أكلوا الإنسانَ أو شربوا
حقا إن النصر لدى طغاة الغرب إنما يقوم على افتعال الحروب في أوساط الأمم الفقيرة ، وليس لهم هم إلا كم يكسبون من بيع الأسلحة وآلات القتل ، فضلا عما سينهبونه من ثروات تلك الأمم المغلوبة ، لكنهم لايهتمون لمن سيموتون جراء حروبهم العبثية تلك ، أو من يشوهون ، أو من يشردون من مساكنهم ، وغير ذلك من آثار الحروب ، وقد استخدم البردوني كلمة ( أقبح ) التي صور بها شناعات الحروب العبثية التي يشنها الطغاة لغرض الكسب المادي وحسب ، وهذا تعبير جيد أحسن صوغه الشاعر . ثم انظر إلى مقارنة البردوني بين الجهل وما هو أكبر منه فداحة ، مع أن الجهل يعد من الأمور التي يوصم بها الإنسان المتخلف ، القاصر في أفكاره وأفعاله إلا أن هناك ماهو أعظم سوءا منه في نظر البردوني ، أتدرون ماهو ؟ إنه ذلك العلم القاصر الذي يوصلك إلى الترويج لظلم أولئك الطغاة ، وتزيين أفعالهم ، مع أنهم أنصاف ناس ؛ لأنهم لم يبلغوا منزلة الناس المكتملين عقلا ووعيا ، وإلا ماكانوا سخروا العلم لصناعة آلات القتل للإنسان واغتصاب حقوقه ، ولو كان لديهم أدنى شيء من العقل السوي ماكنا في القرن الواحد والعشرين ، وهم لما يتوصلوا لصناعة الدواء الناجع لفيروس الإنفلونزا ، فبئس ماصنعوا بعلمهم وبئس مايصنعون . كذلك يذكرنا البردوني بمقولتهم ، إنهم العالم المتحضر ، وإنهم العالم الحر ، فضلا عن مقولة اليهود : إنهم شعب الله المختار ، وما رأيناهم إلا مصاصو دماء ليس إلا ، إنهم لايفكرون إلا كيف يأكلون الإنسان ويحتسون دمه ، فبئس الحضارات حضارتهم الشوهاء …لكن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه ، هل حظي البردوني بما يستحق من الرعاية والاهتمام في عهد ما بعد الثورة وحكم الثوار ؟؟؟
مارس 29, 2023
مارس 28, 2023
مارس 28, 2023
مارس 28, 2023
مارس 28, 2023
مارس 28, 2023
مارس 27, 2023
مارس 26, 2023
مارس 26, 2023
مارس 25, 2023
مارس 25, 2023
مارس 24, 2023
مارس 24, 2023