استعادة دولة الجنوب العربي ملحمة كرامة وهوية لا تنكسر

كتب / نوال أحمد
في الجنوب العربي، حيث تتعانق الجبال مع البحر وتغمر الشمس الأرض بدفئها، تنبض القلوب بحلمٍ واحد، حلمٍ لم يخفت رغم العواصف، ولم ينكسر رغم السنين. هناك، في تلك الأرض التي عرفت المجد والتاريخ، يعيش شعبٌ لم ينسَ هويته، ولم يتخلَّ عن كرامته، رغم ما مرّ به من محنٍ وظلمٍ طال أمده.
بدأت الحكاية في عام 1990، حين أُعلنت الوحدة بين الشمال والجنوب، وسط وعودٍ براقة بمستقبلٍ مشرق، وعدالةٍ شاملة، وتنميةٍ متوازنة. لكن سرعان ما تبددت تلك الوعود، وتحولت الوحدة إلى قيدٍ ثقيل، كبل الجنوب وأطفأ بريق أحلامه. فبدلاً من أن تكون الوحدة جسراً للتكامل، أصبحت أداةً للتهميش والإقصاء، وسُلبت الحقوق، وانتهكت الكرامات، وتراكمت الجراح على مدى أكثر من ثلاثين عاماً.
ورغم كل ذلك، لم يستسلم أبناء الجنوب. بل إن الألم أصبح وقوداً لعزيمتهم، والمعاناة تحولت إلى دافعٍ للنهوض. خرجوا إلى الساحات، رجالاً ونساءً، شباباً وشيوخاً، يرفعون راياتهم عالياً، يهتفون باسم الجنوب، ويطالبون باستعادة دولتهم التي سُلبت منهم ذات يوم. لم تكن تلك الهتافات مجرد صدى في الهواء، بل كانت تعبيراً صادقاً عن توقٍ عميق للحرية، ونداءً حاراً لاستعادة الهوية والانتماء.
اليوم، يقف الجنوبيون على مفترق طرق، لكنهم أكثر إصراراً من أي وقتٍ مضى. لقد أدركوا أن استعادة دولتهم ليست حلماً بعيداً، بل حقٌ أصيل لا يسقط بالتقادم. إنهم لا يطلبون المستحيل، بل يسعون إلى استرداد ما فُقد، وبناء وطنٍ يليق بتضحياتهم، وطنٍ يقوم على أسس العدالة والمساواة، ويكفل لأبنائه حياةً كريمة ومستقبلاً آمناً.
وفي ظل التحديات المتزايدة، يوجه أبناء الجنوب رسائلهم إلى العالم أجمع، مطالبين بالإنصات إلى صوتهم، والاعتراف بمعاناتهم، ودعم تطلعاتهم المشروعة. فالقضية الجنوبية لم تعد شأناً داخلياً فحسب، بل أصبحت قضية إنسانية وسياسية تستوجب اهتمام المجتمع الدولي والإقليمي، لإيجاد حلٍ عادلٍ وشامل يعيد الحقوق إلى أصحابها، ويضع حداً لمعاناةٍ طالت أكثر مما ينبغي.
إن نضال الجنوبيين ليس موجهاً ضد أحد، بل هو نضالٌ من أجل الكرامة، من أجل أن يعيش الإنسان الجنوبي حراً في أرضه، مرفوع الرأس، معتزاً بهويته وتاريخه. هو نضالٌ من أجل الأجيال القادمة، كي لا ترث الظلم، بل تنشأ في وطنٍ يحتضنها ويمنحها الأمل.
ولهذا أن الجنوب العربي لا يطلب صدقة من أحد، بل يطالب بحقه. وأبناءه لا يسعون إلى الفتنة، بل إلى السلام العادل.







