ميناء عدن البحري ،،،،لماذا هو متميزا عن بقية موانئ العالم ؟ الجزء الثالث
كتب ـ بدر حمود محمد
أستكملنا البنى التحتية لرصيف المعلى في الميناء العالمي وذكرنا مهمة كل قسم من أقسامة العديدة وطبيعة الإجراءات وتنوعها في كل منها
وأريد أن اختم المعلومات بأن العمل على فترتين ،،،،،، كان يبدأ من السابعة صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا في الرصيف وإدارة الرصيف ،،،،،وعند سماع صوت البوق القوي المنطلق يتوقف العمل ويستكمل في الفترة الثانية التي تبدأ من الساعة الثانية ظهرا حتى الساعة الخامسة مساء ويتوقف العمل في الرصيف وإدارة الرصيف كليا ولا يسمح لدخول أحد أو خروج بضائع من البوابات أبدا مهما كانت التوجيهات ،،،،،،
طبعا خلال الساعتين من ١٢ إلى ٢ ظهرا كان الموظفين والعمال والكوادر يذهبوا لتناول وجبات خفيفة (بعضهم يتناولون الغداء كاملا خاصة أولائك القريبة بيوتهم من مقر العمل فالبعض من المعلى والقلوعة ) ويشربوا الشاي أو العصائر ثم يعودون إلى الرصيف للقيلوله حتى يسمعوا البوق الذي يعلن عن بدء العمل في الفترة الثانية ،،،،،،،،
وكان الكثير من الموظفين والكوادر والعمال من مناطق بعيدة كالشيخ عثمان والمنصورة وكريتر ودار سعد فلا يكفيهم وقت الإستراحة للذهاب والإياب لتناول وجبات غداء كاملة!!!!!! ،،،،،
لذلك يكتفوا بوجبات خفيفة ،،،،،،،،،
كان هذا الوضع وتوقيت العمل على فترتين متقاربتين يسبب مشكلة للكثيرين خاصة وإن الرواتب كانت صغيرة ؟؟!!!!!
اولا :——
الأرصفة الأخرى التي كانت موزعة في مدينة التواهي المترامية الأطراف
تعمل هذه الارصفة وفقا للنظام المتبع وتشترك جهات حكومية أخرى مع كوادر الموانئ ولكن بطرق مختلفة وبمهام متنوعة بعض الشئ ففيها من يمثل الجمارك وفيها من يمثل الملاحة وفيها رجال أمن متخفيين لحفظ النظام ومراقبة العمل عن كثب ولحماية الموظفين من أي تطفل قد يحدث أو إشكال يحصل ولمنع دخول من ليس له عمل في تلك الأرصفة
ثانيا :—-
رصيف البينو P and O
يقع هذا الرصيف خلف عمارة البينو المشهورة جدا بالتواهي وهي عمارة تضم الإذاعة والتلفزيون والأعلام والثقافة لإنها كبيرة جدا وموجودة إلى اليوم ،،،،،،،
مدخل هذا الرصيف ( البوابة الرئيسية ) لا يستطيع المرء أن يراه لإنه يقع بين محطة البترول الصغيرة ومباني من ثلاثة طوابق قديمة البناء ويوجد ممر ( طريق سيارات ) بين المباني ومحطة البترول
لدخول السيارات الكبيرة والصغيرة من البوابة الرئيسية لرصيف البينو ،،،،،،وهذا الممر لا يزيد طوله عن ١٥ متر حيث تقع البوابة في نهايته ،،،،،،لذلك لا يستطيع المرء رؤية البوابة إلا إذا أقترب من بداية الممر ،،،،
مهمة هذا الرصيف هو إستقبال بضائع الترانزيت التي تخرج برا إلى محافظات شمالية كتعز وذمار وإب وصنعاء والحديدة وغيرها وبضائع تذهب عبر البحر إلى جيبوتي و الصومال وأثيوبيا وغيرها حيث يعاد شحنها على سفن خشبية كبيرة لأن الغاطس في موانئها كان غير كاف لرسو بواخر تجارية ضخمة ولا تملك تلك الموانئ إمكانيات إنزال للبضائع حيث تفتقر للوسائل والرافعات و الصنادل وعمال المرفأ والمستودعات ،،،،،إلخ
فتقوم البواخر التجارية بإنزال بضائع تجار تلك البلدان كترانزيت في رصيف البينو الملاصق للميناء الرئيسي مما يسهل إعادة التحميل للبضائع بسهولة ويسر ،،،،،،
وهذه هي المهمة الرئيسية لهذا الرصيف وكنا نستمتع بأكل المعلبات التي كانت تصل كراتينها مفككة كالتونة والأناناس والعنبروت والبلوبيف من لحوم البقر وكنا نتناولها يوميا ولكن كنا مبلغين من قبل الجمارك والملاحة وإدارة الموانئ أن نتناولها داخل المستودع وممنوع منعا باتا إخراجها،،،،،
كما إنها عليها تأمين حيث يعوض التاجر بعدد من الكراتين المفككة ناقصة الكمية وهذا نظام عالمي يسمى التأمين على البضاعة (إنشورنس) إلى أن يتم إستلامها كاملة أو يتم التعويض للتاجر المستورد ،،،
لذلك كنا نأكل منها بالراحة
توجد حراسة مشددة عند البوابة الرئيسية من الجهات الأمنية يقوموا بتفتيش كل شخص أو سيارة أثناء الخروج من الرصيف؟؟!!!!! ،،،،،،ويا ويله وسواد ليله من يتم ضبطه متلبسا بسرقة أي شئ من الرصيف ليس معلبات فقط بل أي معدات من الرصيف!!!؟؟؟ ،،،،،،،
وكانت سيارات ضخمة جدا نوع مرسيدس مزينة بالسراجات الصغيرة الملونة ملتفة عليها تقوم بتحميل البضائع برا ونقوم نحن بتزويدها بالوثائق اللٱزمة المؤكدة على سلامة الإجراءات ونسلمها للسائق وهي مختومة من كل الجهات المسؤولة في الرصيف موانئ ،،،،،جمارك،،،،،،،وملاحة
فلا يتم إعتراض السيارات في أي نقطة حدودية إلى أن تخرج من البلد وليس لنا دخل في كيفية التعامل مع البضاعة والسيارات من قبل نقاط المحافظات الشمالية؟؟؟؟؟ !!!!!!!!!
فهذا شأنهم وجميع التجار يعرفون هذا التعامل ويتقبلوه !!!!!!!
ثالثا :—–
رصيف الإبكاري
هذا الرصيف يخضع لإشراف مدير مكتب رصيف السياح ،،،،وهو صغير جدا ومهمته تكاد تكون معدومة لإن الموظف من الموانئ فيه يقوم بمراقبة دخول وخروج المواد من رصيف الإبكاري ويتأكد إن أوراقه سليمة وتحمل ختم الجمارك الذي هو المسؤول الكبير عما يحدث في هذا الرصيف ومهمته تحصيل الرسوم الجمركية على أي بضاعة يحملها البعض الذين يتاجرون مع البواخر الراسية في الميناء ولا تستطيع قواربهم أن تخرج بتلك البضائع من أماكن أخرى لإن السلطات الجمركية تعتبر هذا الأمر نوع من التهريب يحاسب ويحاكم من يقوم به؟؟؟!!! ،،،،،،
لذلك الجميع يمر عبر جمارك رصيف الإبكاري ،،،،،كما إن الذين يتعاملون مع البواخر في التبادل السلعي لديهم تراخيص من الجمارك والموانئ والملاحة والجهات الأمنية وشغلهم يتم بكل وضوح ،،،،،،،،ويقوم هؤلاء العاملين بهذا المجال المرقمة والمرخصة قواربهم بإبقائها قريبا أو بجانب رصيف الإبكاري بعد تفريغها و إنزال البضائع منها لقسم الجمارك لإستكمال الإجراءات
وطبعا كل هذه البضائع بعد إخراجها من رصيف الإبكاري يتم بيعها للمحلات التجارية في مدينة التواهي السياحية الممتلئة بعشرات بل مئات السواح من جميع أنحاء العالم وفيها وكالات عالمية كشركة سوني و رولكس للساعات وغيرها من الوكالات ،،،،،،،،
وكانت هذه مهمة رصيف الإبكاري ،،،،،،،
لا يمكن ذكر رصيف الإبكاري ولا نذكر أشهر بائع شاي وعصائر في رصيف الإبكاري وإسمه حترش وهو نهاية إسمه وليس بدايته ولكن الجميع يتعامل بهذا الإسم وهو رجل أمين ونظيف ولا يلعب بذيله ويحترم مهنته وحريص جدا على تنفيذ كل التوجيهات الأمنية من قسم شرطة البحرية المسؤول الأول عن أمن الأرصفة البحرية في التواهي كلها !!!!!!!
والعديد من الجنود والضباط في قسم الشرطة البحرية يتحدثون اللغة الإنجليزية لإنهم كثيرا ما يستقبلون شكاوى من السياح ولكي بحلوها لٱبد من وجود من يجيد التحدث باللغة الإنجليزية وخاصة في نوبات الليل حيث تحدث بعض المشاكل مع السياح احيانا تكون تلك المشاكل بسيطة مثل خلاف على أجرة التاكسي السياحي أو ضياع كاميرا أو عصا سائح كبير في السن ،،،،،،،ولكن المشاكل الكبيرة نادرا ما تحدث و الشرطة البحرية تقوم بواجبها على أكمل وجه ،،،،،،،
كان حترش يحصل على أفضل الألبان لصناعة الشاي والقهوة التي عليها لبن وكان لا يوجد في أسواقنا مثل دتش بي بي وكارنيشن والعديد من المشروبات المنوعة ويقوم بشرائها قبل جمركتها من أصحابها الذي جاؤوا بها من البواخر عند التبادل مع البحارة بالبضائع ولكنه لا يشتري المشروبات المسكرة من الخمور أبدا ولا يتعامل بها بتاتا ،!!!!!،،،،،،
فقد كان رجل حصيف وحريص ولم تسجل ضده بالشرطة أي مشكلة مع أحد سنييييين طويلة والكل يحبه ويحترمه ،،،،،،،
رابعا :——
رصيف السياح الشهير
هذا الرصيف تاريخي وكان إسمه على إسم أمير ويلز الإنجليزي ويخضع لنظام إداري دقيق وفيه مكتب خاص بالموانئ له مدير يشرف على عمل المكتب و المفتشين الذين يعملون فيه بنظام النوبات ويتواجد المدير في الفترة الصباحية يوميا وقت الدوام الرسمي إلى الساعة الثانية ظهرا وكل المفتشين وفي كل النوبات كانوا يتواصلون معه بعد الدوام في حالات الطوارئ أو حدوث مشكلة مع أحدهم ويتم إبلاغه فورا لكي يتصرف وفقا للنظام والقانون وأحيانا يضطر إلى المجئ إلى المكتب في المساء ليتفقد المفتش المناوب وسير العمل في الرصيف حتى يطمئن إن كل شئ تمام ،،،،،
من الساحة الموجودة داخل هذا الرصيف الذي يمتد إلى رصيف الإبكاري كان يوجد مرسى للقوارب السياحية التابعة لشركات خاصة مثل قوارب محمد علي نور وشركة Blue Boats لأصحابها الحاج ناجي وهو والد المهندس المشهور بدر ناجي ويسكن بالتواهي وهو رجل قصير القامة محترم جدا جدا وشريكه الحاج جبريل الرجل الخلوق ويسكن في المعلى وهو ليس طويلا فقط بل هو أطول رجل في عدن كلها وطوله قريب المترين وأكثر
وكانا الإثنان أصدقاء ويأتيا معا كل يوم صباحا ويجلسا مع عمالهم الذين يعملون على القوارب السياحية ويشوفوا طلباتهم ويوفروها لهم مثل قطع الغيار المطلوبة والديزل ووسائل السلامة على القوارب ,,,,, إلخ
ويدفعوا لهم رواتبهم بإنتظام دون تأخير وكذلك يفعل ملاك شركة قوارب محمد علي نور
وكان أمن الرصيف من الشرطة البحرية ومفتشي الموانئ يراقبوا وساىل السلامة في جميع القوارب ليطمئنوا على أمان السياح والبحارة الذين يستخدمونها كوسيلة نقل بحرية من على بواخرهم إلى رصيف السياح والعودة فيها إلى بواخرهم لأن كل قارب من هذه القوارب يتم إبلاغهم إن الباخرة أو السفينة الفلانية سيكون نزول بحارتها أو ركابها من مسؤولية القارب الفلاني لمدة ثلاثة أيام أو خمسة أيام حسب طلب الباخرة التي ترسل جدول ووقت نزول وعودة بحارتها وركابها خلال المدة المطلوبة وعلى هذا النظام تتم عملية النزول والعودة من البواخر للبحارة والركاب بشكل سلس ويسر وأمان
ويتم تحصيل أجور هذه القوارب من البواخر عبر شركة الملاحة الوطنية الوكيلة الوحيدة لجميع البواخر في الميناء ويقوم بإستلامها محاسبي شركات القوارب المعتمدين لدى شركة الملاحة ،،،،،،
في البوابة الرئيسية للدخول إلى رصيف السياح كان يوجد قارب خشبي منحوت من خشب الساج القوي جدا وهو عبارة عن قطعة واحدة صنعها فنان ،،،،،
والقارب مرفوع على منصة خاصة به لإنه عبارة عن رمز بحري وهو لا يزيد عن مترين ونصف طولا ونصف متر عرضا ويوجد في وسطه صندوق منحوت ايضا ولٱصق وحجمه نصف متر مربع أو اقل بقليل و مغلق بقفل ومفاتيح القفل مع مدير مكتب مفتشي الرصيف وتوجد فتحة صغيرة لإدخال فكة العملات الأجنبية المختلف من جميع أنحاء العالم لأن البحارة والسياح يضعون تلك الفئات من العملات في الصندوق الذي على القارب كنوع من التذكار وكان المدير يفتح الصندوق كل شهر ويقوم بفرز العملات ويحصي عددها وأنواها ويكتبها على إستمارة خاصة بهذه العملات ومن اي بلد ويقوم بتوريدها إلى المكتب الرئيسي للموانئ ويحصل على إستلام بها ويعود به لوضعه بملف خاص في مكتبه ،،،،،
وطبعا نتيجة للحروب التي جرت بعدن لا ندري من أخذ القارب أو حطمه وأنتهت تبرعات البحارة والسياح ،،،،!!!!!!!!
الجميع يعلم إنه يوجد هول مغطى بالقرميد الأحمر الجميل وشكل الهول كالهرم وهو بناء تاريخي كبير فيه حوالي ست بوابات أو ثمان على جانبي الهول من الداخل فضلا عن بلكونات ثلاث على الجانب الأيسر من دخول البوابة الرئيسية للهول للإستراحة وتوجد كراسي خشبية منحوته جميلة من خشب الساج عبارة عن قطعة واحدة تم نحتها بعناية وهي قديمة جدا ولكنها كانت مريحة وتم تثبيتها في الهول بشكل منسق وجميل وبأبعاد معقولة من أجل الخصوصية عند الجلوس أو الإنتظار عليها
كما يوجد في الهول مكتب لوزارة السياحة يبيع التحف والبوست كارد باللغة الإنجليزية والفرنسية والعربية وفيه موظف يجيد التحدث بهذه اللغات بطلاقة ومقابل رصيف السياح وفي الجزء الٱخر من الشارع الذي تسير عليه السيارات يوجد قسم الشرطة البحرية وبجانب قسم الشرطة يوجد معرض لعرض الرسوم التشكيلية للفنانين وهو صغير وليس كبيرا ومستطيل الشكل وواجهته زجاجية
كما يوجد بجانب المعرض مسجد العراقي وهو من أقدم مساجد عدن وحجمه صغير جدا
توجد مساحتين مفتوحتين لركن الباصات والتاكسيات على يسار ويمين رصيف السياح لإستقبال الركاب من السياح الذي ينزلون من بواخرهم ويحتاجواولوساىل نقل ليقوموا بعمل جولات سياحية داخل عدن وزيارة الٱثار والمتاحف بها ويتسوقوا ويشتروا مشتريات تذكارية متنوعة ويعودوا وهم في امان تام لأن التاكسيات والباصات السياحية مرخصة ومرقمة لدى شرطة البحرية مع إسم سائق كل مركبة ولا يسمح لأي تاكسي أخر بأخذ أحد من السياح إلا هؤلاء المرخصين فقط
وتقوم الشرطة البحرية بمراقبة ذلك عند الذروة في العمل ونزول الكثير من السياح !!!!!!!!!!
نظام قوي ومحكم إداريا وفنيا وامنيا لا هواده فيه ،،،،،،،،،
سوف نتطرق إلى الخدمات التي كانت ( بعضها لازالت) في الميناء كرفع القمامة وغسيل الملابس وبيع وتبادل السلع وتوفير متطلبات البواخر من تموين المواد الغذائية ومياه الشرب وخدمات تعبئة الوقود من منصات الوقود البحرية الموجودة وسط الميناء وكيف تدخلت الدولة وتراجعت بعد أن فشلت لٱحقا بإذن الله في الحلقة الرابعة والأخيرة ،،،،،،
تحياتي وإلى اللقاء إن شاء الله
أخوكم / بدر حمود محمد
مفتش سابق بالموانئ
٧ أغسطس ٢٠٢٥ م
الموافق ١٣ صفر ١٤٤٧ ه








