للبحر عُشّاق. .وللسمك زُرّاع

كتب: م. عبد القادر خضر السميطي

البحر ليس فقط ذلك الامتداد الأزرق الذي يلامس الأفق، بل هو حياة كاملة، عالم مليء بالأسرار والكنوز. له عُشّاقه من الغواصين والباحثين عن مغامرة، وله عشّاق آخرون يرون فيه مصدرًا للغذاء والرزق والفرص. وبين هؤلاء، تبرز فكرة الاستزراع السمكي كأحد أعمدة التنمية الاقتصادية الحديثة، وكفرصة حقيقية أمام الشباب الباحثين عن عمل، والمجتمع الباحث عن الأمن الغذائي.

الاستزراع السمكي الحصان.. الاستثماري الرابح

لم يعد تربية الأسماك حكرًا على البحار والمحيطات، بل أصبح بالإمكان تنفيذها في أحواض صغيرة، بل وحتى في المنازل، بطريقة ممتعة ومربحة في آن واحد. والأكثر تطورًا من ذلك، ما يُعرف بالزراعة المائية التكافلية (الأكوابونيك)، حيث تُربى الأسماك والنباتات في منظومة واحدة، فيستفيد النبات من فضلات الأسماك كسماد طبيعي، بينما تحصل الأسماك على أكسجين كافٍ من النباتات. إنها علاقة متكاملة تشكّل نموذجًا حيًا للاستدامة.
خبراء الاقتصاد يصفون مشاريع الاستزراع السمكي بأنها الحصان الاستثماري الرابح، فهي قادرة على توفير دخل ثابت، وتحقيق أرباح مجزية، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة للصيادين والشباب العاطلين، إذا ما وجدت الرعاية والدعم اللازمين.

جهودالجمعية الوطنية للبحث العلمي

الجمعية الوطنية للبحث العلمي والتنمية المستدامة سعت بجدية إلى نشر هذا النوع من المشاريع، من خلال الترويج لفكرة الاستزراع السمكي والنباتي، وإعداد خطط لإنشاء مزارع سمكية في مناطق مثل خور العميرة، مع إمكانية التوسع في بقية المناطق الساحلية. كما عملت الجمعية على طرح أفكار ودراسات جدوى اقتصادية تحدد حجم التكاليف والإنتاج والأرباح، لكنها للأسف اصطدمت بجدار صلب اسمه غياب التمويل.ولا ننسى أن الجمعيه الوطنيه للبحث العلمي هي صاحبت الفضل في إقامة برنامج التصالح مع البيئه من خلال تدريب أكثر من 300مزارع ومزارعه ومهندسين في مجال إنتاج الكمبوست من خلال تدوير مخلفات الحقول والمخلفات الحيوانيه
رغم ذلك، ما تزال الجمعية تحلم وتخطط، وما يزال الأمل قائمًا بأن يتحول هذا المشروع إلى واقع يخدم المجتمع، ويمنح الشباب فرصة لحياة كريمة.

اسئلة موجعة حتاج لإجابات

كيف تأخرنا عن اللحاق بركب العالم في هذا المجال؟
كيف صرنا عاجزين حتى عن شراء خلاطة بسيطة لإعداد محلول آمن لمكافحة الآفات الزراعية؟
وأين هو دور الجامعات، والكليات، ومراكز البحوث التي تمتلئ بالمتخصصين، لكنها ما تزال حبيسة الجدران؟
إنها أسئلة لا تبحث عن تبريرات، بل عن قرارات جريئة تعيد للعلم مكانته، وتطلق العنان للباحثين والمبدعين. فالعالم من حولنا لا يتوقف عن التجارب، بينما نحن ما نزال نخشى الخطأ، رغم أن الخطأ نفسه جزء من طريق النجاح.

*دعوة مفتوحة*
اليوم أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى أن تضع الدولة والجهات المختصة دعم البحث العلمي والتجارب التطبيقية في مقدمة أولوياتها. لا بد من التنسيق مع مراكز البحوث العربية والدولية، وتبادل الخبرات، ونقل التكنولوجيا، واستيراد ما يلزم من أدوات وتجهيزات.
إن دعم مشاريع الاستزراع السمكي ليس ترفًا، بل هو استثمار في الغذاء، في الاقتصاد، وفي المستقبل. والجمعية الوطنية للبحث العلمي يمكن أن تكون الحاضنة والمسؤولة عن هذا الملف، إذا ما مُنحت الثقة والدعم اللازمين.

*كلمة أخيرة*

للبحر عشاقه وللسمك زُرّاعه… وبينهما مستقبل ينتظر من يلتقط زمام المبادرة. نحن أمام فرصة ذهبية لفتح أبواب رزق جديدة، وتعزيز الأمن الغذائي، وصناعة نهضة حقيقية عنوانها: البحث العلمي والتنمية المستدامه

المهندس عبدالقادر السميطي
دلتا أبين

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى