العمل شرف

 

كتب :حسين أحمد الكلدي

قال ﷺ: “ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده”، وقال ﷺ: “إن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده”. وأنت إذا كان لديك التوجه العقلي السليم ولديك أهداف تريد تحقيقها ولديك صورة ذاتية جيدة عن نفسك فأنت تقوم بتوجيه نفسك للقيام بالعمل فلا تنتظر أحدًا أن يقوم بتوجيهك لذلك. قال أحدهم: “إن عدم القيام بأي شيء هو أكثر الوظائف إرهاقًا في العالم”. لماذا؟ لأن كل وقتك بدون فائدة، لا يمكن أن تقول: “أتوقف عن الراحة”. فعندما تريد قتل الوقت فاملأه بالعمل المثمر. يجب أن تعلم أنك لا تحصل على وجباتك اليومية ومتطلباتك بالمجان. فالحياة لا تعطيك شيئًا بالمجان، فالواجب عليك دفع الثمن لتعيش حياة كريمة وتعيش في مأمن من الحاجة إلى الناس والفاقة، ولذا يجب أن يكون لديك التوجه العقلي السليم تجاه وظيفتك أو مهنتك فتتقنها وتحبها. قال أحد الحكماء: “استخلصت من كل التجارب في الحياة هذه الجملة وتعد حكمة كل العصور، وهي: “ليس هناك وجبة غداء مجانية”. “من لا يعمل لا يأكل” قول مأثور من العهد الجديد ذكرها جون سميث، ولينين خلال الثورة الروسية. قال أحد المدربين المؤسسين لإحدى فروع قاعة الموسيقى عندما تقدم شاب لوظيفة العمل في الموسيقى ثم سأله: “هل تريد التدريب على إحدى هذه الآلات؟” قال له: “لا أريد”. قال: “هل تريد وظيفة في مجال الموسيقى دون أن تتعلم وتتدرب على هذه الآلات؟” قال: “أريد الاستماع فقط”. قال له: “كيف لك ذلك دون بذل مجهود؟”. فكثير من الشباب يريد وظيفة دون أن يتعلم عليها ودون أن يسهم بأي شيء، فالفلسفة التي يتقنها الشباب هذه الأيام هي الحصول على شيء مقابل لا شيء. ولهذا نؤكد لك: لا نجاح في التعليم بدون بذل مجهود، ولا حصول على وظيفة وعمل ناجح بدون تعليم ولا مجهود. وأنا أرى أن كثيرًا من الأشخاص يذهبون للعمل كل يوم لكنهم يتجنبون العمل في مواقع أعمالهم بصدق وأمانة ولا يحبون وظائفهم. فحسب الإحصاءات التي عملت في أشهر الجامعات أن 90% لا يظهرون حبًا لعملهم، وسبق وأن ذكرت ذلك في مقال سابق، ولهذا لا تدفع قيمة النجاح لأنك تستمتع بالنجاح وتشعر بالإثارة والفرح وتشعر بالزهو والفخر لما تحققه في عملك، وتستمتع بالنتيجة النهائية لأنك تتمتع بالشرف والكرامة والمجد في العمل الذي تقوم به. وهنا نشير إلى الصعوبات التي يلاقيها مدراء الشركات هو وجود موظفين لا يحبون عملهم فيلاقون صعوبة أمام المنافسين، فعندهم خيار التوقف عن المنافسة أو التوقف عن المحاولة في وجود هؤلاء. ولكن أمامهم البحث عن الموظفين الذين يحبون وظائفهم وعملهم، والحصول على هؤلاء يتطلب مجهودات وتضحيات. فقد وجدت الكثير من الشباب الذين يتقدمون للوظائف لا توجد لديهم المعرفة بما تتطلبه الوظيفة ولا يوجد لديهم حب العمل نتيجة عدم إسهام الأسرة في حثهم على العمل والمساهمة معهم لزيادة دخل الأسرة، ولا تتشارك معهم المدارس والجامعات وتؤهلهم لتقبل العمل، بالإضافة إلى المناهج التي تفتقر لذلك العلم والتخصص، وأيضًا عدم تأهيل مدرسين تكون لديهم خبرة ودراية في توجيه الطلاب إلى سوق العمل. أعتقد من واجبنا الترويج للعمل ونعمل بجدية في الترويج لفكرة حب العمل لأن العمل شرف، وعليك بذل الجهد والمشاركة في انتشال نفسك وأسرتك أولاً وبلدك من الاعتماد على فتات الآخرين وتقبل الهبات التي تقدمها برامج المساعدات لتوزيع الغذاء بدون مقابل، لأن العالم لا يعطيك شيئًا مقابل لا شيء. احذر فالاعتماد على الآخرين يهدد مستقبلك وحياة أسرتك وكرامتك وضميرك وبلدك. قال تشرشل في خطابه الشهير أيام الحرب العالمية الثانية عندما رأى جيوش الحلفاء تتقهقر وتتحطم كل أساطيلها وتغرق في البحار والجيوش النازية يدمرون كل شيء، فكان الجميع يطالبون بالاستسلام بما يقع عليهم من دمار قال: “لا استسلام،سنقاتل على الشواطئ وفي ساحات الإنزال وفي الحقول والشوارع وفي التلال، ولن نستسلم مطلقًا”. فيجب أن يدرك الجميع اليوم أننا أمام أكبر الصعوبات التي تمربنا على الاطلاق أرجو الاعتماد على أنفسكم في كل شيء وكل مكان. المثل الصيني يقول: “لا تعطني سمكة، بل علمني كيف أصطادها”. ويعني هذا أن إعطاء شخص ما سمكة واحدة يطعمه ليوم واحد فقط، بينما تعليمه مهارة الصيد يجعله قادرًا على توفير طعامه مدى الحياة، وهذا يرمز إلى أهمية التمكين من خلال التعليم وتنمية المهارات بدلًا من تقديم المساعدة المؤقتة. وفي مثل آخر يقول: “إذا أردت صنع شخص معاق فاعطه عكازين”. فكم من شباب حصلوا على المال بدون أي عمل، إن كان هبة من شخص أو عن طريق الغش أو الحصول عليه من ميراث، فأصبحوا بعد انقضاء فترة من الزمن مفلسين لا يوجد معهم من هذه المبالغ التي حصلوا عليها سنتيمًا واحدًا.

28/ أكتوبر / 2025م

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى