اللغة العربية.. عراقة تاريخية وتحديات معاصرة

أبين ميديا /تحقيق/مرفت عبد الحميد وجميلة إسماعيل

اللغة العربية هي عنوان هويتنا، وهي الجامعة الشاملة الموحدة لكلمتنا، وهي الحافظة لتراثنا ولغة قرآننا، وهي الوعاء الذي يتم عبره التواصل مع تاريخ الأمة وعلومها ومعارفها، إلا أنه ورغم المبادرات المبذولة للمحافظة على «لغة الضاد».

 

 

والنهوض بها على المستويات كافة، وتكريس مكانتها العالمية، تواجه بعض التحديات المعاصرة، حسب ما أكد عدد من المختصين والأكاديميين لـ «البيان»، بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.

 

حيث أشاروا إلى أنه رغم الجهود الجبارة المبذولة في حماية اللغة العربية على مستوى الدول العربية، إلا أن هناك عدداً من التحديات المعاصرة المختلفة التي تواجه اللغة، ما يتطلب تكثيف الجهود المشتركة من الحكومات والمؤسسات التعليمية في العالم العربي، لتعزيز ثرائها ومكانتها، والحفاظ على تراثها الثقافي واللغوي.

 

العولمة واللغات الأجنبية

 

وأكد الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن مدير جامعة الوصل، أن اللغة العربية تواجه في العصر الحالي العديد من التحديات التي تؤثر في استخدامها وانتشارها.

 

وأشار إلى أن أحد أبرز هذه التحديات، هو تأثير العولمة واللغات الأجنبية، لا سيما الإنجليزية، على لغتنا الأم، في العديد من الدول العربية، حيث نجد أن الإنجليزية تستخدم بشكل مكثف في مختلف القطاعات، ما يؤدي إلى تراجع استخدام العربية في هذه المجالات.

 

وأضاف أنه في بعض المدارس الخاصة، لا ترتقي جودة تعليم العربية إلى المستوى المطلوب، ما يؤدي إلى ضعف في مهارات القراءة والكتابة لدى الطلاب، ما يؤثر في قدرتهم على استخدام اللغة الأم بشكل صحيح وفعال.

 

وأشار الدكتور عبد الرحمن إلى انتشار اللهجات على حساب الفصحى، في الحياة اليومية، حيث يعتمد الناس بشكل كبير على لهجاتهم المحلية، ما يقلل من استخدام الفصحى، ويضعف القدرة على التواصل بها.

 

ويفقد اللغة بعضاً من رونقها وأهميتها، هذا إلى جانب استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يؤدي إلى تدهور اللغة العربية، لا سيما من خلال استخدام الاختصارات والرموز والتعبيرات الأجنبية بشكل مفرط، الأمر الذي يؤثر سلباً في قواعد اللغة ومفرداتها.

 

صعوبة القواعد النحوية

 

من جهته، قال الأستاذ الدكتور رفعت البدري أستاذ الصحافة الرقمية بكلية الإعلام جامعة المنوفية، أن من أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية، هي طغيان الماضي على الحاضر في تدريس الأدب، وصعوبة القواعد النحوية واضطرابها، ويرى أنه يجب تعويد الطلبة على التحدث باللغة العربية، وكذلك أعضاء الهيئة الأكاديمية أثناء المحاضرات.

 

بدورها، قالت الدكتورة غادة عبيدو أستاذة الإعلام بالجامعة الكندية بدبي: إن اللغة العربية من أعظم اللغات وأعرقها، لها خصوصية تنفرد بها، وهي المعجزة البيانية التي تكفل رب العزة بحفظها.

 

فالعربية كانت وما زالت لغة حضارة وعلم، وهي نامية متطورة مرنة، لها طاقات تمكنها من الاستجابة لمتطلبات كل عصر، وفي جميع مناحي الحياة.

 

لغة هجينة

 

وأضافت أن أبرز التحديات التي تواجه لغتنا، هي انتشار الإنجليزية في كثير من مؤسسات التعليم، وفي التعاملات الإدارية لبعض الشركات الخاصة، فضلاً عن انتشار اللغة الهجينة في شبكات الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، واستبدال الأحرف العربية باللاتينية والرموز (الإيموجيز)، بحجة سهولة التواصل.

 

مصطلحات أجنبية

 

من جهته، قال الدكتور أحمد صبيحي أستاذ بكلية الأفق الجامعية بالمدينة الجامعية بالشارقة، إن من أبرز التحديات التي تواجه اللغة العربية، هي ضعف تعريب المصطلحات الأجنبية، التي سادت على ألسنة الناس، لا سيما في مجالات التكنولوجيا والعلوم.

 

كما تهاون الكثير من رواد التواصل الاجتماعي في الأخطاء الإملائية التي نراها في المنشورات على صفحاتهم، دون مبالاة بخطر انتشار هذه الأخطاء بين قراء المحتوى، مشدداً على أهمية دور الأسرة والمدارس والجامعات، وتضافر الجهود من أجل الحفاظ على إرث لغتنا الثقافي وامتدادها.

 

أخطاء شائعة

 

وأكدت التربوية هبة الله عبد العزيز، أهمية تعزيز مكانة اللغة العربية، وغرس حبها في نفوس الأجيال منذ الصغر، ليس فقط للحفاظ على الهوية، وتمكين الطلاب من التواصل والتفاعل مع ثقافات أخرى.

 

وحثت المعلمين على تشجيع الطلبة على القراءة والإبداع في الكتابة باللغة العربية، وتأليف الشعر، والمشاركة في الفعاليات الثقافية، ومسابقات حفظ القرآن الكريم، جنباً إلى جنب تعزيز دور الأسرة في تشجيع أبنائهم على التحدث والقراءة باللغة العربية.

 

ثنائية اللغة

 

من ناحيتها، قالت المعلمة إيمان حسين إن الثنائية اللغوية تخلق طالباً غير متمكن من اللغتين، والأدهى من ذلك، تباهي بعض الأسر بسيطرة اللغات الأجنبية على ألسنة أبنائهم، وخلطهم الكلام العربي بالإنجليزي.

 

وأكدت على أهمية استثمار العالم الافتراضي بأدواته وتقنياته، لخدمة لغتنا العربية، وتصحيح مسارها، مؤكدة أن العربية مرنة، وقادرة على التكيف مع كل ما هو جديد، وليست قاصرة، كما يتهمها البعض.

 

وشددت على أهمية استحداث تشريع يحاسب كل من يتهاون في استخدام اللغة العربية، عن طريق نشر أخطاء لغوية في منصات التواصل الاجتماعي، أو اللافتات الإعلانية في المحال التجارية.

 

كما أكد عدد من الطلبة والخريجين، أن مهارات سوق العمل الحديث، تضع حجر عثرة أمام اللغة العربية، إذ إن اللغة الإنجليزية أصبحت هي العصب الرئيس الذي تقوم عليه الأسواق والشركات والأعمال في العالم، فضلاً عن أن العديد من البرامج الأكاديمية تدرس باللغة الإنجليزية.

 

وقال الطالب علي أحمد الياسي، يجب ضبط تدهور اللغة العربية في القطاع التجاري، ولا بد أن يتحمل هذا القطاع مسؤوليته في هذا الجانب، لأنه يسهم بنصيب كبير من هذا التدهور الحاصل في اللغة.

 

وأشار محمد القناوي إلى عدم وجود سياسات عربية واضحة، وبرامج محددة لتطوير مهارات اكتساب الأطفال اللغة العربية، إضافة إلى شيوع ثقافة أن اللغة العربية لغة أدبية، وأن تعلم اللغات الأجنبية، هو السبيل للتطور والارتقاء.

 

وقالت الطالبة مريم محمد: تراجع ملحوظ في استخدام اللغة العربية، بسبب عدم تنشيط حركة الترجمة والتأليف والنشر باللغة العربية. كما لعب عزوف الشباب العربي عن الاتجاه نحو إنتاج المحتوى العربي على الإنترنت، بسبب عدم تحفيزه بشكل كافٍ، دوراً كبيراً في تراجع استخدام اللغة العربية.

 

وأوضح الطالب أحمد عبد المنعم، أن العديد من جهات العمل تشترط شهادة اللغة الإنجليزية «الايلتس»، كمتطلب لتوظيف الخريجين، ما يطغي استخدامها على حساب العربية، وهذا أيضاً سبب من عدم اهتمام البعض باللغة العربية.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى