التصالح والتسامح الجنوبي: صخرة الصمود في وجه الأطماع
كتب/ وضاح بن عطية
لعب أعداء الجنوب والطامعون في احتلاله ونهب خيراته على وتر تمزيق النسيج الجنوبي، حيث دأبوا على إعداد الحملات الإعلامية المنظمة، وسعوا بكل إمكانياتهم إلى بث التحريض وإثارة الفتن بين الجنوبيين، مستغلين النزعة المناطقية كأسلوب لزرع الانقسامات وزعزعة الصف الجنوبي.
يفعلون ذلك لأنهم يدركون أن تشتت الجنوب هو الوسيلة الوحيدة لتحقيق أطماعهم، إذ يرون في وحدة الشعب الجنوبي صخرة صلبة تتحطم عليها كل مخططات الغزو والهيمنة.
لقد وعى الجنوبيون، بعد خسارة دولتهم في 7 يوليو 1994م، أن من كانوا يعدّونه “شقيقاً” قد تآمر عليهم ويعمل على ابتلاع الجنوب، أرضاً وإنساناً، ويسعى لطمس هويته واحتلاله بشكل دائم. تضاعفت صدمة الجنوبيين حين أدركوا أن ما يُمارَس باسم “الوحدة” يفوق بشاعته أفعال الاحتلال البريطاني بمئة مرة.
نهض المارد الجنوبي من جديد، وكانت البداية في سد الثغرات التي استغلها الأعداء. تولدت لدى الجنوبيين فكرة التصالح والتسامح والتضامن كضرورة استراتيجية لإعادة بناء الصف الوطني الجنوبي.
شكّل هذا الوعي نقطة تحول محورية، حيث انطلق الجنوبيون في 13 يناير 2006م من جمعية ردفان لتأسيس مبدأ التصالح والتسامح، الذي أصبح القاعدة الراسخة لانطلاقة ثورة الحراك الجنوبي والمقاومة الشعبية في مسيرتهم لاستعادة وبناء الدولة الجنوبية.
التصالح والتسامح الجنوبي لم يكن مجرد شعار، بل هو أساس متين لثورة الحراك الجنوبي، وخطوة أساسية نحو بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية الحديثة، دولة تحمي الحقوق وتبني السلام والاستقرار والتنمية، ليس للجنوب فقط، بل للمنطقة والعالم أجمع.
ورغم عظمة هذا الإنجاز الشعبي الجنوبي، الذي يُعد نموذجاً عالمياً يستحق جائزة نوبل للسلام، إلا أن نظام صنعاء، بخبثه وإجرامه المعهود، تجاهل هذا المنجز الحضاري. بل اعتبر التصالح والتسامح جريمة، فكشّر عن أنيابه وشنّ حملة شرسة لملاحقة كل من أسهم في إنجاح هذا الحدث التاريخي العظيم.
ختاماً، التصالح والتسامح الجنوبي ليس مجرد ذكرى، بل هو إرث عظيم يُجسد إرادة شعب قرر مواجهة أعدائه بروح الوحدة والتضامن، ويمضي بخطى ثابتة نحو استعادة حقوقه وبناء دولته الحرة المستقلة.