العولقي محمد “الكتابة بالموسيقى”

كتب ـ اديب الشاطري
في مساءٍ اختلط فيه عِبق الماضي بنسيم الحاضر، اجتمع المحبون لتكريم فارس الكلمة وأسطورة التحليل الرياضي، صديقي العزيز محمد العولقي، ذلك الكاتب الذي أرى أنه حوّل الركض خلف “الجلدة المنفوخة” إلى قصائد نثرية تلامس الروح قبل العين.
لم يكن التكريم مجرد حفل عابر، بل كان احتفاءً ب”التاريخ الحي”، تاريخ رجل جعل من الرياضة فلسفة، ومن التحليل فنًّا يسكُب فيه روحه قبل حبره.
في قريته “أمعين” بأبين، حيث تُزرع البذور الأولى للعظماء، وقف “محمد” بين أحبته كشجرة وارفة الظلال، يعرف الجميع أن ظِلّها لا يخص أحدًا، بل هو ملك لكل من مرّ تحتها وتعلّم منها.
تزاملنا ردحًا من الزمن في “بلاط صاحبة الجلالة” وتحديدًا في مطلع تسعينيات القرن الماضي، حين كنا نكتُب بحماسة الشباب ونحلم بعالمٍ نعيش فيه بكرامة، ونقدم المادة الصحفية التي يبحث عنها القارئ الكريم.
اليوم وبمناسبة تكريمه أقول له: “ما زلت كما عرفناك.. صادقًا مع حِبرك، مخلصًا لقراءك”.
لن اتحدث عن موهبتك في الكتابة الآخاذة ـ التي تحدث عنها كُثُر ومعهم كل الحق ـ فهي تأسر القلوب، وتشبه “الكتابة بالموسيقى”، فهي دقيقة، متناغمة، تصل إلى العقل قبل الأذن.
لكنني هنا سأتوقف قليلًا وسأتحدث عن شيء آخر: عن محمد الإنسان، الذي يحمل في ضحكته براءة القرية، وفي عينيه حكمة من رأى العالم من فوق أكتاف المجد.
سأتحدث عن محمد.. القلم الذي يرفض الانكسار، ولا يسيل حِبره لمن يدفع أكثر، أو من دخل معه في خصومة، عهدناك ـ قلبًا لا يعرف إلا العطاء.
سأتحدث عن الرحيق من ذكرياتنا معك، والذي ما زلنا نحتسيه، سأتحدث عنك يا من جعلت من الصحافة الرياضية فنًّا، ومن القرية منارةً.
في تلك العصرية “التكريمية”، لم يكُن العولقي يُكرّم لوحده، بل كانت الكلمة الرياضية هي المُكرَّمة، وكانت أبين — كما عهدناها — تقدم لنا جوهرة جديدة من جواهرها.
شكرًا لإدارة فريق اتحاد إنماء برئاسة الشيخ عادل الشعيبي، وصاحب المواقف الإنسانية عبدالباسط العفيفي، صبري إسماعيل، صالح عمير، وبسام مصطفى.. والنجم فتحي الجابر الذي ازدان الحفل بوجوده، وبابتسامته الدائمة.








