التطبيقات الاجتماعية وأثرها على سلوك المراهقين.

كتب: خالد شرفان

يعيش الإنسان العربي وسط عالم فسيح مليء بالتطورات على كافة الأصعدة والمستويات، فإذا ماتجهنا إلى الجانب التكنولوجي سنشهد تطور مضطرد تطبيقات، وبرامج، وأنظمة، وآخرها الذكاء الاصطناعي الذي يعتبره التكنولوجيين ثورة حقيقية ستغير ملامح ووجهه العالم، وستحدث فرق ونقلة نوعية بشتى المجالات سلبًا وايجابًا، يعني وبالمفهوم المبسط سنعيش عالم خيالي افتراضي لايمت للواقع بصلة.

 

نعود للتطبيقات والبرامج وتحديًدا تطبيقات التواصل الاجتماعي وأثرها على سلوك المراهق العربي، أن للتطبيقات الاجتماعية مزايا وعيوب عديدة لانشك في ذلك فهي تتيح وتترك للشاب المراهق إمكانية إنشاء وتوطيد علاقات من خارج محيطه يقوم بالتواصل معهم يشاركهم تفاصيل يومه، تجعله أكثر قربًا مع الآخرين وتحديدًا الذين يشعرون بالتنمر والإقصاء والتهميش، فيعتبرون تلك التطبيقات متنفسًا جيدًا لهم.

ولكن بسبب الاستخدام المفرط الغير منظم جعل المراهق لتلك التطبيقات شارد للذهن دومًا مشتت التركيز بليد في الإستجابة يعيش لحظات زمنية أكثر تزويرًا للحقيقة بعيدًا عن مواجهة الحياة ومنعطفاتها الصعبة.

 

قمت بزيارة سريعة لأحد صفحات مشتركي هذه التطبيقات فوجدت العجب العجاب محتويات هابطة وعروض رخيصة وإغراءت مبتذلة ورقص مايع يدعو إلى الانسلاخ واللهث وراء كل قبيح، واعداد كبيرة من المتابعين والمراهقين السذّج،

تجد متابع غشيم “متحمس” يساعد في مشاركة المادة وإيصالها إلى ترندات وهاشتاجات رخيصة متداولة على نطاق واسع، المدهش أن أصحاب تلك القنوات (المتروسة) المليئة بالانحطاط والانحراف ملاكها ليسو أجانب بل عرب أقحاح قد انسلخوا من القيم والعادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية العربية، لتقف وتتساءل لماذا كل هذا الإنحطاط والإسفاف إذن، ولماذا المتابعة والمشاركة المستمرة منك عزيزي المراهق؟!.

 

بكل تأكيد تؤثر تلك المحتويات “الجوفاء” بشكل أو بآخر على سلوكيات الشباب المراهقين الذين لم ترى أعيناهم “بكر” أي خادش للحياء وتجعلهم في صدمة كبيرة لايقووا على تحملها،

ومن المؤكد أيضًا أنها ستعبث بخارطة سلوكهم وأفكارهم وتعاملهم مع المحيطين من حولهم.

 

يقول لي أحدهم أنه في إحدى المرات قام بزيارة (فضولية) لتطبيق “TikTok” فوجد هراء حقيقي وأفعال وسلوكيات صادمة، وتساءل كيف تم السماح لصناعة المحتوى أمام ناظري القائمين على فلترة التطبيق!! محتوى يجعلك تضرب كفًا بكف، فجور وسفور ودعوات لكل مبتذل وتضييع وعبث وقتل للوقت بشكل مخيف… ماهذا العالم العجيب الغريب.

 

الكارثة والقاصمة الآن أن العالم قد تخطى التطبيقات التقليدية المعروفة لدينا وكل ماتحويه من قذارة لنولج إلى شيء جديد اسمه الذكاء الاصطناعي، هذا الذكاء سيحولك إلى مجرم خطير وإلى قاتل وسفاح بوقتًا واحد ومصاص دماء “دراكولا”، وإلى نشّال خطير ومحترف لايشق لك غبار وأنت في الحقيقة إنسان بسيط لاتجروء على قتل بعوضة، ويحولك إلى “كازانوفا” زمانك وأنت حمل وديع!!

 

ولكن ولأننا نحنُ العرب يدهشنا ويثيرنا كل جديد، سيصطف كل مراهق عربي ليستخدم ويصنّع ويركّب ذلك الذكاء الغبي على نفسه ومن هم حوله، فياترى ماهي الطريقة والكيفية لتلك التراكيب؟!، الجديد بالذكر أن هذه التقنية الحديثة “الجديدة” قد حذر منها مبتكروها أنفسهم!!.

 

قبل الختام أننا وبعد كل هذا التزوير القادمون إليه ووسط هذا السيل الجارف من البيانات ومليارات المقاطع والصور بات من الصعب التحقق من صحة ماقد تقع عليه أعيننا، فقد أصبح القدر الكبير من هذه المعلومات سببًا في التزوير والتضليل والخداع عن ما قد ينتفع به المراهق العربي، وعطفًا على ماقيل وبشكل سريع لاريب في أن هذه التطبيقات الإجتماعية تجلب للمراهق الاكتئاب وتشتيت وتعطيل صحتهم النفسية وحتى نومهم لايسلم من ذلك، ويجعلهم عرضه للإبتزاز وللتنمر ونشر الشائعات الخاطئة.

 

قرأت بأحد المواقع أن هناك دراسة أجريت في عام 2019م على أكثر من 6500 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12/15 عامًا في أمريكا أن أولئك الذين يقضون ثلاث ساعات يوميًا على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد يتعرضون لخطورة كبيرة بسبب مشكلات في الصحة العقلية والنفسية ويصبحوا عدوانيين في المستقبل، فما بالك بالمراهق العربي الذي يقضي جل يومه أمام هاتفه المحمول!!.

 

وفي الأخير التطبيقات الاجتماعية سلاح ذو حدين مفيدة كما أشرت أعلاه ولكنها خطيرة على المراهقين وحتى الشباب احيانًا، لذا فثمة طرق مناسبة قد تفيد الوالد أو الوصي لأحجام أو تقليل استخدامها لحماية ابنه المراهق كالرياضة والقراءة والمطالعة والتنزه والرحلات.. ألخ وألحاقه بالمخيمات الصيفية وحلقات حفظ القرءان الكريم، وكبحه حتى يتخلص من بعض آثار تلك التطبيقات السلبية.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى