“ملكة الكيف تُعاني العطش:

كتب / م. عبدالقادر السميطي
“ملكة الكيف تُعاني العطش:
مزارع البن لا يحتاج نصائح ولا اجتماعات ولا محاضرات بل يحتاج مشاريع!!!!!!
زراعة البن في بلادنا ليست مجرد نشاط زراعي، بل إرث حضاري يمتد لقرون. هذه الشجرة المباركة لم تأتِ من فراغ، بل رُويت بعرق الأجداد، وصارت رمزًا للهوية الزراعية والثقافية لليمنيين شمالا وجنوبا خاصة في الجبال والمناطق التي نسجت مع البن قصة بقاء واعتزاز.
لكن المؤسف اليوم أن كثيرًا من الأصوات التي تتحدث عن تطوير زراعة البن، تتجاهل الحقيقة الواضحة: مزارعو البن لا يحتاجون محاضرات عن كيفية الزراعة. هذه الممارسات متأصلة فيهم، ومتوارثة أبًا عن جد. هم يعرفون متى يزرعون، وكيف يعتنون، ومتى يقطفون، دون حاجة لكتيبات مطبوعة أو ندوات تكرر ما يعرفونه منذ مئات السنين.
ما يحتاجه المزارع حقًا هو الماء… ولا شيء غيره.
نعم، الماء هو التحدي الأول. فكيف نطالب المزارع بزيادة الإنتاج وتحسين الجودة بينما شجرة البن تُصارع العطش؟ كيف نرسم خطط التطوير دون أن نوفر البُنية المائية؟ الحقول لا تُروى بالوعود، بل بالمشاريع الحقيقية: آبار تُحفر، سدود تُشيَّد، حواجز مائية تُبنى.
إذا أردنا إنقاذ زراعة البن فعلًا، فعلينا أن نوجه الجهود نحو الميدان، حيث الشجرة والمزارع والمُعاناة. نريد بحوثًا لا تبقى حبيسة المكاتب، بل تعمل ليل نهار في الحقول، تراقب، وتفهم، وتبتكر حلولًا واقعية تنبع من الأرض وتعود إليها.
إنها دعوة للمؤسسات، والداعمين، وصنّاع القرار:
اسألوا المزارع، لا المهندس وابدؤوا من الماء، لا من الشعار.
خاتمة:
من الأقوال إلى الأفعال
إذا كنا جادين في دعم زراعة البن اليمني، فلتكن البداية من الميدان، لا من قاعات الفنادق.
دَعوا المزارع يُعبّر عن احتياجاته، واستمعوا لصوته لا لصوت العروض التقديمية.
ولكي نتحرك فعليًا نحو إنقاذ هذه الزراعة الاستراتيجية، إليكم بعض المقترحات العملية:
1. تمويل مشاريع حصاد المياه: بناء حواجز مائية صغيرة وسدود ترابية في مناطق البن، بتكاليف بسيطة وأثر كبير.
2. حفر آبار مستدامة: وفق دراسات هيدرولوجية دقيقة تضمن توفر المياه دون استنزاف الطبقات الجوفية.
3. إنشاء وحدات بحثية ميدانية: فرق فنية تعمل جنبًا إلى جنب مع المزارعين لتطوير أساليب الري والإنتاج بناءً على الواقع المحلي.
4. تشجيع المبادرات المجتمعية: من خلال دعم الجمعيات التعاونية الزراعية في تنظيم جهود الري والصيانة الجماعية للحقول.
5. تقديم الدعم الفني الحقيقي:
لا عبر المنشورات والندوات، بل من خلال وجود دائم للمختصين في الحقول وتوفير الأدوات التي يحتاجها المزارع فعلًا.
إن شجرة البن لا تحتاج إلى كلمات… بل إلى ماء، واهتمام، واحترام لتاريخها ومُزارعها.
عبدالقادر خضر السميطي
دلتا ابين
18/5/25








