عبدالله مكيش.. النجم الذي لم يغب عن القلوب

كتب ـ صلاح الرامي

في زحمة أسماءٍ مرت على ملاعبنا، يبقى اسم عبدالله مكيش محفورًا في الذاكرة والوجدان، لا فقط كنجم كروي تألّق يومًا مع نادي حسان أبين والمنتخب اليمني، بل كإنسان قلّ نظيره، حمل قلبًا نقيًا، وقدمًا لا تهدأ في ميدان الشرف والمهارة.

بداية أسطورة من زنجبار

من أزقة مدينة زنجبار، وُلد حلم اسمه عبدالله مكيش. لم يكن مجرّد لاعب، بل كان شعلة حماس في قلب جمهور حسان. وهو بعد لم يبلغ العشرين، خطف الأنظار وسحر العيون بانطلاقاته السريعة، وتسديداته الصاروخية، وذكائه داخل الملعب.

انضم لنادي حسان في سن 17، وتحوّل سريعًا من شاب موهوب إلى نجم لا يُنسى. وتحت إشراف كبار المدربين، تألق كهداف بالفطرة، يقتنص الفرص من أنصافها ويصنع من اللحظات العابرة أمجادًا كروية لا تُنسى.

نجم المنتخب.. ورافع راية الوطن

عام 1985، ارتدى قميص المنتخب الوطني، ليمثّل اليمن في محافل عربية وآسيوية. في بطولة العرب في الدمام، لم يكن مكيش مجرّد لاعبٍ على الميدان، بل كان فارسًا يسجل ويقاتل ويغرس في الجماهير حبّ الوطن. هدفه الجميل في مرمى العراق ظل عالقًا في ذاكرة كل من شاهده، هدف لم يكن في الشباك فقط، بل في قلوب اليمنيين.

إنجازات صنعتها الموهبة والإرادة

بطل كأس الجمهورية مع حسان.

حائز على بطولة سنّ العشرين عام 1982.

واحد من أكثر المهاجمين فتكًا في جيله.

قدّم أجمل سنوات عمره للمنتخب قبل أن توقفه إصابة قاسية في الرباط الصليبي عام 1988.

لكن رغم الألم، لم يتوقف عبدالله. تحوّل إلى مدرب، وموجّه، وصوت هادئ في زوايا الملاعب، ينصح، يرشد، ويزرع في الصغار ما كان يحمله من حب للكرة والانتماء للأرض.

إنسان قبل أن يكون نجمًا

ما ميّز عبدالله مكيش ليس موهبته فحسب، بل إنسانيته. كان قريبًا من الجميع، محبًا، ودودًا، صاحب ابتسامة لا تفارقه، وقلب كبير يتسع للجميع. في أحلك اللحظات التي مرّ بها صحيًا، لم يشكُ. ظل مبتسمًا، صابرًا، متوكلاً، يرد على السائلين بـ”الحمدلله، ربي كريم”.

حين اشتدّ عليه المرض، تجمّعت حوله القلوب. العيسي، بن مبارك، أبو زرعة المحرمي،أحمد الميسري ، والمحافظ ابوبكر حسين وغيرهم ، ونجوم الرياضة، والجماهير، والشارع الأبيني كله وقف معه، ليس لأنه لاعب كبير فقط، بل لأنه “عبدالله” الإنسان، الذي لا يُنسى.

رحيل الجسد.. وبقاء الذكرى

في مساء 11 مايو 2025، توقف قلبٌ أرهقته سنوات العطاء، لكنه لن يتوقف عن النبض في ذاكرة أبين واليمن. شيّعته زنجبار بحزن يليق بعظمة ما قدّمه، وودّعه زملاؤه وأحباؤه والشارع الرياضي بالبكاء والدعاء.

الإرث الذي لا يموت

عبدالله مكيش ليس ذكرى عابرة.. إنه مدرسة في الإخلاص، في التواضع، في اللعب النظيف، في حب الجماهير، وفي الصبر على الابتلاء.

كل هدف سجله، كل كلمة طيبة قالها، كل طفل دربه أو ألهمه، هو اليوم شاهد حيّ على حياة رجل كان عظيمًا في الملعب، وأعظم خارجه.

وداعًا يا عبدالله..

لم تمت، فأنت باقٍ في شغف الصغار الذين سمعوا عنك، وفي قلب كل من هتف يومًا باسمك في مدرجات نادي حسان.
نم قرير العين يا نجم الزمن الجميل،
فقد كنت نجمًا في سماء الكرة.. وضياءً في قلوب الناس، غفر لك ربي وأسكنك الجنة.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى