ميناء عدن البحري ،،،،،لماذا هو متميزا عن بقية موانئ العالم ؟(الجزء الثاني)
كتب ـ بدر حمود محمد
كنا قد توقفنا عند معلومات عن الرصيف التجاري والرافعات الكهربائية التي عليه وأهميتها
وقبل أن أخوض غمار بقية المعلومات و أتحدث عن البنى التحتية لرصيف المعلى المتبقية أود أن أشير إلى النظام الإداري ( السيستم ) الصارم الذي موجود من أيام الإستعمار الٱنجليزي وأستمر العمل به طوال فترة سبعينيات القرن الماضي حتى نظام الحسابات كان إنجليزي ومن ضمن سيستم أو نظام الحسابات قسم يسمى مسك الدفاتر ( BooK keeping ),,,,,,, إلى أن تم تغيير نظام الحسابات نهاية الثلاث سنوات الٱخيرة من سبعينيات القرن الفارط وتحول إلى النظام المحاسبي الهولندي وهو لا يقل صرامة عن نظام الحسابات الإنجليزي ولا تنقصه الدقة!
أما الجانب الإداري بقي كما هو وكان ممنوعا منعا باتا شطب الأرقام شطبا لا يستطيع المفتشين قراءته عند التفتيش الدوري وإذا أردت شطب رقم وتغيير رقم ٱخر في الفواتير الخاصة بالبضائع ( يسمى الباص نوت ) لإستخراج البضائع من الميناء يجب أن تكون هذه الفاتورة واضحة وعليك أن تشطب بطريقة تقاطع خطين من الأعلى وخطين من الجانب للٱخر وتكتب الرقم الصحيح بجانبه ويستطيع كل من يقرأ أن يرى الرقم المكتوب السابق ويفهم لأن الفاتورة مكونة من أربع نسخ ملونة بألوان مختلفة وهي خاصة تحتوي مكوناتها على كربون فما تكتبه في الورقة الأصلية ينطبع في بقية النسخ
لهذا الشطب الفوضوي الذي يمحي ما كتبت ممنوعا وإذا فعلتها ينزل لك إنذار كتابي من المدير العام للرصيف يحفظ في ملفك الشخصي دون هوادة وإذا كررت أما يتم نقلك أو إيقافك عن العمل وكل شئ يحدث لك يدخل ملفك الشخصي !
نظام إداري ومحاسبي صارم
ما فيش صفاط ولا مصحابة ولا معليش ولا كلام أو إنذار شفوي ،،،،،ولا عاطفة ،،،،،،غلطت تحمل العقوبة
ومن هنا كان النظام الإداري والمالي عبارة عن مدرسة تعلمنا منها الكثيييييير
وكل موظف لديه ملف مرقم مكتوب هذا الرقم داىما على ورقة الراتب الشهرية حقك حتى تراه وتحفظه عن ظهر قلب من أجل مراسلاتك مع الإدارة العامة للموانئ حيث بجب إن تكتبه بجانب إسمك في نهاية الرسالة لا تستغربوا ،،،،،أنا إلى اليوم وبعد مرور خمسين عاما حافظ رقم ملفي في الموانئ ٢٤٥٥
ولأن الإرشيف كبير جدا وموجود في ورشة كبير المهندسين في فتح بالتواهي بعيدا عن الإدارة العامة وموجود فيه غرف عديدة والملفات مرصوفة ومنظمة وفقا لتسلسل عددي والموظفين كثيرين جدا إلى حد إن البعض يكتشف إن صاحبه يعمل في الموانئ منذ سنة وهو مش عارف !!
وفي رصيف المعلى أرسو نظام تغيير الموظف أو المفتش كل ستة أشهر حيث ينزل كشف التغيير بعد هذه الفترة إلى أن تجد نفسك تعرف كل الأعمال في كل رصيف المعلى ،،،،،،مرة في الرصيف التجاري ومرة في دكة الطالع ومرة أخرى تجد نفسك بإحدى البوابات الرئيسية ومرة في الميزان وهكذا،،
فلهذا كان الخروج من الموانئ والإنتقال إلى مرفق عمل ٱخر صعب جدا جدا ،،،،،،تصوروا حتى الإستقالة من العمل كانت ممنوعة ؟
مبررين ذلك إنهم بعد أن علموك وأصبحت كادرا تريد الخروج مما سيشكل نقصا في الموظفين الذين خضعوا للتنقلات الداخلية كل ستة أشهر للتعلم وفهم طبيعة العمل في أقسام رصيف المعلى والميناء بشكل عام ؟
كيف انتقلت من الموانئ للتجارة الخارجية ؟؟
بعد أن حصلت على الثانوية العامة ،،(بالإنتساب )رغبت بمواصلة الدراسة الجامعية وتحديدا في كلية الإقتصاد والتجارة ( وأنا لازلت في الموانئ ) وكتبت رسالة للادارة العامة أطلب فيها موافقتهم على مواصلتي للدراسة الجامعية في كلية الإقتصاد والتجارة،،
وبعد طول إنتظار جاءني الرد من لجنة شؤون العاملين إنه لا يوجد مقاعد دراسية في كلية الإقتصاد والتجارة للموانئ !
صدمني الرد ولكنه واقع وحقيقي ،،،،،ماذا أفعل ؟
فأنا لن أتخلى عن طموحي بهذه السهولة وأستكين وأسكت وأقول خلاص عملت الذي علي
و قد حددوا لي المرافق والمؤسسات التي لها الحق بالدراسة في هذه الكلية بردهم على رسالتي ؟
فكتبت رسالة أخرى مصرا على حقي في التعليم وردت لجنة شؤون العاملين بعد طول إنتظار إنه أذا أردت الإنتقال من الموانئ عليك تنفيذ الشرط المطلوب ؟
وكان شرط لجنة شؤون العاملين مجحفا وشبه مستحيل وطلبوا مني أن أجعل ٱحدى المؤسسات التي لها حق الدراسة في كلية الإقتصاد والتجارة أن ترفع رسالة لإدارة الموانئ تفيد فيها وتتعهد بتدريسي في الكلية بعد إنتقالي إليها !
من يستطيع الحصول على مثل هكذا رسالة والتعهد فيها و و و ؟؟؟؟؟!!!!
عملوا لي العقدة في المنشار أو مسمار جحا كما تريدون سموه وعندما قرأت الشرط تعكننت وضاقت بي الدنيا على سعتها وقلت في نفسي هل هذا هو نهاية المطاف ويجب علي أن ألغي طموحي في الدراسة العليا وأستسلم ،،،،،،،لا لا لا وأخرجت الفكرة من رأسي وصممت على القتال ؟
وفجأة وجدت نفسي أسعى وأجتهد لكي أتذكر أحد في أحدى تلك المؤسسات الست التي لها مقاعد دراسية ،،،،،وربنا دبرها من عنده وتذكرت اخ أحد الأصدقاء يعمل في شركة التجارة الخارجية الوطنية فلجأت إليه وهو ما قصر ذهبنا سويا ٱلى أخوه وأكتشفت إن أخوه مدير الكادر في شركة التجارة الخارجية فيها ،،،،،،،،
سبحان الله مدبر كل شئ في الكون وهو القائل لا تقنطوا من رحمة الله،،،،،
وكتب لي مدير الكادر الرسالة المطلوبة وذهبت بها للموانئ واجتمعت لجنة شؤون العاملين كعادتها الشهرية وأقرت وصادقت وقبلوا إنتقالي إلى شركة التجارة الخارجية بعد كفاح مرير !!!¡!!!!
وألتف حولي الموظفين والموظفات يهنئوني بهذا الإنجاز خاصة وإن رواتب الموانئ كانت ضعيفة جدا مقارنة بالمؤسسات الأخرى ؟؟؟¡!!؛
وهكذا تم إنتقالي إلى أحد أقسام شركة التجارة الخارجية العام ١٩٧٨ بفضل الله ثم بمجهودي وجهود الأحبة والأصدقاء الذين شاركوني همي
درست فعلا ،،،،،وكانت تجربة قاسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى سأتناولها في حلقة خاصة بٱذن الله في قادم الأيام
نرجع لمرجوعنا ؛
نعود لبقية البنى التحتية لرصيف المعلى ،،،،،،
في الجهة اليسرى لرصيف المعلى من بوابة الدخول للرصيف توجد منطقة كبيرة مستقلة عن بقية الرصيف إسمها المنطقة الحرة ولها بوابة رئيسية وفيها مستودعات عديدة صغيرة متراصة بجانب بعضها البعض لا تزيد مساحة كل مستودع منها عن عشرة أمتار مربعة للإيجار و يستأجرها التجار الذين يعملون في تجارة الترانزيت وغيرها
ودخول المنطقة على تذاكر برسوم رمزية يقطعها موظف مختص موجود في مكتب البوابة لمراقبة الداخل والخارج والبضائع المنتقلة خارج المنطقة
عملت فيها في بداية توظيفي العام ١٩٧٣ م لمدة ستة أشهر ونقلوني إلى الرصيف التجاري ثم دكة الطالع ثم منطقة ب ثم البوابات الرئيسية ثم ٱلى قسم الحسابات في إدارة الرصيف ثم إلى رصيف البينو P and O الذي خلف مبنى وزارة الإعلام بالتواهي ثم إلى رصيف الإبكاري التابع لرصيف السياح ثم بعد حصولي على درجة مفتش نقلوني إلى رصيف السياح
نعود مرة أخرى لموضوعنا بعد خروجي الضروري لتفاصيل أخرى في سياق الكلام ومرتبط بالمعلومات المهمة عن هذا النظام العجيب في مؤسسة الموانئ
عندما تغادر المنطقة الحرة تجد نفسك أمام مبنى من دور واحد وهو عبارة عن ثلاجة كبيرة جدا لحفظ التبغ الخاص بالسجائر وداخل مبنى الثلاجة توجد غرف كبيرة خاصة تستعمل لخزن سجائر البال مال وردفان
طبعا الثلاجة تقع تحت إشراف ومسؤولية مصنع السجائر الوطني الذي لازال يعمل إلى اليوم خلف الشارع الرئيسي وكان المصنع ولازال يستورد التبغ الخاص بصناعة السجائر من الخارج ولهذا تم بناء ثلاجة داخل رصيف المعلى لخزن الوارد من التبغ ،،،،،،،،،
ثم توجد مساحة كبيرة فاضية أمام الثلاجة يضعوا فيها السيارات والمعدات الجديدة الواصلة عبر البحر بالبواخرحيث تتم جمركتها من قبل قسم الجمارك الذي له مكتب داخل رصيف المعلى وبجانبه مكتب الملاحة الوطنية ثم يتم بعد ذلك إخراجها من الرصيف من قبل المشتري سواء وكلاء مؤسسات أو شركات أو أشخاص وهي الجهات المستفيدة لترقيمها بإدارة المرور وفتح ملف لكل مركبة ووضع البيان الجمركي في ملف المركبة بإدارة المرور
وقريب نهاية السبعينات من القرن الماضي عملت ٱدارة الموانئ على البدء بتوسعة الرصيف ببناء دكة جديدة لٱستقبال السفن والبواخر الصغيرة بجانب الرصيف التجاري
سوف نتناول الجزء. الثالث لٱحقا إن شاء الله وقريبا
انتظروني
تحياتي
أخوكم / بدر حمود محمد
مفتش سابق بموانئ عدن
الثلاثاء ٥ أغسطس ٢٠٢٥ م
الموافق ١١ صفر ١٤٤٧ ه








