“صــــــــــــومــــــــع”

كتب / محمد ناصر العولقي
أيقونة جعار السمراء المرحوم أحمد سالم سعيد امذلح ، والشهير بلقب ( صومع ) ، من عيال حافة قدر الله ، وكان في صباه ويفاعته بطل المشاغبات الطريفة وحيثما ولى وذهب يشيع جوا من السلى والضحك والانبساط ، وكنا في الابتدائية معا ، وتربطني به علاقة طيبة ، ولكنه كان يخيفني عندما يبهرر بعينيه ، ويصيح بصوته الأجش ، فأترك له المكان ومعي أتراب كثيرون مفضلين أن نبعد عن الشر ونغني له .
من حكايات صومع إنه في إحدى المرات سقط من فوق شجرة ميطي كبيرة الى الأرض ودربج حط على درشومه ، فأسعفوه الى مستشفى الشهيد ناجي في المخزن فوق جاري حمار ، وهناك قام أطباء المستشفى الصينيون بعمل ما يلزم حتى تحسنت حالته ، وعادوا به في نفس اليوم فوق الجاري الى جعار ، فاستقبله أبناء حافة قدر الله بزفة من أول دخوله حدود الحافة من اتجاه جيريش العراسي ، أطفال وشباب يسيرون امام وخلف جاري الحمار الذي جالس فوقه صومع وبجانبه أمه وصهيره الخشبة الله يرحمهم ، وكان جمع المستقبلين بهتف : عنتر حي .. عنتر حي .. عنتر حي والمحجرة ( الزغردة ) من كل زغط حتى أدخلوه بيتهم ، وهو بلوح بيديه مثل الزعماء .
وفي مرة أخرى أيام كان المرحوم صومع يشتغل في مشروع الري التقليدي بجعار حدث أن المرحوم صومع اعتلى ، هو ومجموعه من بينهم عمر عبدالقادر السقاف وعوض الوطحي ، فوق بسطة سيارة القلاب الأصفر الفولفو أو النيسان التابع للمشروع ، تحديداً فوق البسطه التي فوق كبينة القلاب ، وجلسوا هناك يدردشون في دردشاتهم الصباحية ، فرآهم صالح الحميقاني ، والقلاب كان شغالا ، فدخل كبينة القلاب وشغل رافعة القلاب ، فارتفعت مستوعبة الحمول التي في ظهر القلاب كأنه ينفل حمولة ، وأصبحت مجموعة صومع معلقة في الهواء ، وانطلقت صيحاتهم استغاثة وخوفا وذعرا وشتما للحميقاني بينما بقي الحميقاني يضحك ثم ترجل من الكبينة ، وراح يحضر لهم مدير المشروع من الاداره الى الورشة واعتقد أن المدير حينها كان المهندس فريد مجور أو الربيزي ، عشان يشوفهم في هذا المنظر الفكاهي ، فجاء المدير ، وتجمع العمال والموظفون ، وهم يتلوون من الضحك ، وبعدها أنزلت الرافعة ، وبدأ الحساب والعقاب من صومع ومجموعته وطاردوا صالح الحميقاني حتى ظفروا به ودرسب درسب درسب لصالح الحميقاني وزبط ودكم يمزحون مع الحميقاني على نفس نمط مزاحه معهم .
وفي الثمانينيات أيام إقامة المعارض العامة في ساحة الشهداء ، ذهب صومع ومعه عدد من الأصدقاء لزيارة المعرض ، وكان يرتدي سروال جنز وشميز أزرق فاقع اللون ، فبروح الفكاهة اقترح عليه الأصدقاء أن يمثل على المرشدين الذين يشرحون للزوار في صالات المعرض بأنه ضيف أجنبي يزور البلاد ضمن وفد أثيوبي ، فأستحسن الفكرة وأخذ نظارة سوداء كانت لدى أحدهم ، وبدأ يطوف الصالات ، وكلما دخل إحداها ، يقوم أحد الأصدقاء الذي تولى دور المترجم بالتعريف به بهذه الصفة الى المرشدين في الصالة ، فيستقبلونه بترحاب ، ويهتمون بوجوده في معرضهم ، ويطوفون به على محتوياته وهم يشرحون له ، وصديقه يترجم له بالإنجليزية ، وصومع يهز رأسه ويقول : ياس .. ياس فيري جود ، وأصدقاءه في حالة شديدة من كضم ضحكاتهم ، ومن لم يستطع التحمل يسحب نفسه بعيدا وينفجر ضحكا ، واستمرت العملية الى أن وصلوا الى صالة يوجد فيها شخص يجيد اللغة الأثيوبية ، وهنا وقعت المصيبة ، فكان المرشد يتحدث وصومع يتلفت يمينا وشمالا بحثا عن مخرج من هذا المأزق ، وجاء الفرج بتصرف ذكي من صديقه المترجم الذي قطع الحديث ، وأمسك يد صومع وخرج به مسرعا وهو يعتذر للمرشد بأن الضيف الأثيوبي لديه موعد مع المحافظ !!!!
رحم الله صومع








