أسراب المسيّرات الخاضعة لتحكّم الذكاء الاصطناعي تحدث ثورة بساحات المعارك

أبين ميديا /تشارلز كلوفر – سيلفيا فايفر

 

تتزايد التوقعات بأن تُحدث أسراب الطائرات المسيّرة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي ثورة في ساحات المعارك، حيث تتسابق الشركات على إطلاق برمجيات متطورة لجعل هجمات الأسلحة غير المأهولة قادرة على سحق دفاعات العدو وإحداث تأثيرات أكثر فتكاً.

 

في هذه النسخة الجديدة من حرب الطائرات المسيرة، تستخدم مجموعات من الأسلحة غير المأهولة الذكاء الاصطناعي للتنسيق مع بعضها البعض عند مهاجمة مواقع العدو.

 

وقال لورينز ماير، الرئيس التنفيذي لشركة أوتيريون، وهي شركة ناشئة أمريكية ألمانية كشفت مؤخراً عن «تقنية هجوم أسراب الطائرات المسيرة»، إن ظهور ظاهرة الحشد الهجومي تعد «لحظة فارقة». وتُحوّل هذه التقنية، التي أُطلق عليها اسم «نيمكس»، الطائرات المسيرة الفردية إلى قوة واحدة مُنسّقة. وتعمل المنظومة بالاستناد إلى نظام تشغيل أوتيريون.

 

وهو يسمح كتطبيق لأي طائرة مسيرة متوافقة بالانضمام إلى الحشد من خلال ترقية برمجية بسيطة. ولم يتم استخدام البرنامج الجديد في ساحة المعركة بعد، لكن شركة «أوتيريون» ستقوم بشحن 33 ألفاً من مجموعات الطائرات بدون طيار التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى أوكرانيا بحلول نهاية هذا العام كجزء من عقد مع البنتاغون. وقالت إنه يمكن ترقية هذه الأنظمة باستخدام «نيمكس» لتكون قابلة للنشر في أسراب منسقة.

 

وقال لورينز ماير: «تعلم الجيوش أنها ستخترق وتدمر دفاعاتها»، مضيفاً إنهم «يتحدثون عن مثل هذه الحشود.. وهم جميعاً حذرون وخائفون منها». وتسمح الأسراب لجندي واحد بالتحكم في طائرات متعددة بدون طيار، ما يسمح باستراتيجيات هجوم تسعى تلقائياً إلى التفوق على دفاعات العدو وإغراقها.

 

وقال جوندبرت شيرف، المؤسس المشارك لشركة «هيلسينغ»، التي أعلنت منذ فترة قصيرة عن تقنية الاحتشاد التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بالشراكة مع شركة البرمجيات الألمانية «سيستيماتيك»، باستخدام برنامج الشركة الأخيرة: «الفكرة الكامنة وراء الأسراب هي أنك تضاعف القوة.

 

أنت تحقق أقصى استفادة من الشخص الواحد». وبدأت أولى التجارب واسعة النطاق مع أسراب الطائرات بدون طيار في عام 2016 مع إسقاط طائرات F-18 التابعة للبحرية الأمريكية طائرات بدون طيار صغيرة. كما عرضت الصين أسراباً واسعة النطاق منذ عام 2017.

 

ومنذ انطلاق الحرب مع روسيا في عام 2022، أجرت عدد من الشركات الأوكرانية تجارب على أسراب الطائرات بدون طيار، ولا سيما شركة «سوورمر»، وهي شركة مقرها كييف تقول إن تقنيتها قد استُخدمت في 82000 عملية قتالية.

 

ويشبه سيرجي كوبرينكو، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «سوورمر»، السرب الذكي بكائن حي تتواصل فيه الطائرات بدون طيار مع بعضها البعض، وتقرر بشكل مستقل كيفية الطيران وتنفيذ العمليات. وخلال إحدى العمليات القتالية التجريبية العام الماضي، استخدم الجيش الأوكراني برنامج «سوورمر» مع سرب من الطائرات بدون طيار التي اقتربت من المواقع الروسية وحددت بشكل مستقل لحظة شن هجوم.

 

وأوضح كوبرينكو بقوله: «الاستقلالية والأتمتة هما القاعدة». وأضاف: تقنية الهجوم السربي «تستجيب آنياً للأوامر والأولويات البشرية الجديدة، والظروف المتغيرة، والمعلومات المكتشفة حديثاً». وقد استخدمت الجيوش بالفعل تكتيكات الهجوم السربي بفعالية كبيرة.

 

وعلى سبيل المثال، تعلمت روسيا تجميع الهجمات باستخدام طائرات «شاهد» المسيرة الرخيصة وبعيدة المدى ضد المدن الأوكرانية، ما أدى إلى سحق الدفاعات الأوكرانية وزيادة معدلات الإصابة الإجمالية. ومع ذلك، يمكن للبرامج الأحدث أن تجعل تكتيكات الهجوم السربي أكثر فتكاً، وخاصة أنها تسمح للطائرات الهجومية المسيرة بالتعلم وتطوير الأداء.

 

ومع أرشيفها الضخم من لقطات الطائرات بدون طيار المفيدة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، تعتقد مجموعات التكنولوجيا الدفاعية الأوكرانية أنها تتمتع بميزة حاسمة على منافسيها الأجانب.

 

وقالت إيفلين بوكاتسكي، الشريك الإداري لشركة «دي 3»، وهي شركة رأس مال استثماري في كييف تستثمر في التقنيات العسكرية: «لطالما تم التعامل مع أسراب الطائرات بدون طيار أنها هدف طموح». وقالت إن «الحجم غير المسبوق لبيانات القتال المتاحة لتدريب نماذج الحكم الذاتي في أوكرانيا» وضع «اللبنات الأساسية للأسراب».

 

وقال مايكل هولم من شركة «سيستيماتيك» إن اتجاه مصنعي الطائرات بدون طيار يعتمد على أنظمة برمجيات مفتوحة ما يسهل عمليات التنسيق. وأضاف: «نحن نتحدث هنا عن أسابيع وأيام لدمج السرب وجعله عملياً، وليس سنوات وأشهراً.»

 

ويُحذّر منتقدو الأنظمة المُشغّلة بالذكاء الاصطناعي من أن الخوارزميات التي تُشغّل أسراب الطائرات قد تتجاوز حدود السيطرة البشرية على الأسلحة، ما يُؤدّي إلى تفويض جزء أكبر من عملية اتخاذ القرارات القتالية إلى الذكاء الاصطناعي.

 

والأسلحة ذاتية التشغيل بالكامل، التي لا تتطلب تدخلاً بشرياً، مُقيّدة بموجب القانون الدولي. ويقول شيرف: «لقد أضفنا الاستقلالية بالطبع، لكننا حرصنا دائماً على أن يبقى الإنسان مُشاركاً في العملية». «وهذا هو بالضبط ما تُبنى عليه الشركات – القيم والمبادئ الأوروبية».

 

ومع تطلّب أسراب الطائرات المُسيّرة الاتصال الدائم ببعضها البعض، فإن التحدي الرئيس لهذه التقنية هو الحرب الإلكترونية، حيث يمكن التشويش على ترددات الملاحة والاتصالات المُستخدمة بين الطائرات المُسيّرة.

 

وخارج ساحة المعركة، يُمكن استخدام خوارزميات أسراب الطائرات في الخدمات اللوجستية والزراعة والاستجابة للطوارئ. يُمكن لطائرات مُسيّرة متعددة تعمل معاً أن تُفتّش على خطوط الأنابيب، أو تزرع المحاصيل، أو تبحث في مناطق الكوارث بكفاءة أكبر بكثير من الوحدات المُنفردة.

 

وتُجري شركات ناشئة في وادي السيليكون الأمريكي وشنتشن وتل أبيب بالفعل تجارب على أسراب الطائرات المُسيّرة لمراقبة مؤتمتة للمستودعات، ومكافحة الحرائق، ومراقبة الحشود.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى