هل ستختفي تقارير الأرباح الفصلية مثلما اختفت الديناصورات؟

أبين ميديا /متابعات /فايننشال تايمز
يعتقد الرئيس دونالد ترامب أن عادة إجبار الشركات على الإبلاغ عن أرباحها كل ثلاثة أشهر «ليست جيدة»!! ربما يكون محقاً. ولكن منذ آخر شكوى له بشأن التقارير الفصلية في عام 2018، تغير النقاش كثيراً. ولن يكون البديل إفصاحاً أقل، بل إفصاحاً أكثر بكثير. وليس اختفاء كاملاً للتقارير، مثلما اختفت الديناصورات.
ويكره كثيرون تقليد التقرير الفصلي الإلزامي، لكنهم غالباً ما يكونون هم من يتعين عليهم تقديمه، أو يتم تقييمهم على أساسه عليه. وقد اشتكى مسؤولون تنفيذيون، بدءاً من جيمي ديمون رئيس جيه بي مورغان، إلى وارن بافيت رئيس بيركشاير هاثاواي، من هذه الممارسة، فهم يرون أنها تدعم النظرة قصيرة الأجل، وتُبدد الموارد التي كان من الممكن استخدامها بشكل أفضل. وتروج شركات الاستثمار الخاص لفوائد شطب أسهمها من الأسواق العامة، كوسيلة لتجنب متطلبات البيروقراطية المُرهقة.
ومع ذلك، ففي المحصلة، كلما زادت المعلومات، كانت الأمور أفضل. وكلما زادت معرفة المستثمرين، انخفضت تكلفة رأسمال الشركة. غالباً ما تُعتبر المملكة المتحدة مثالاً لدولة نجحت في إلغاء التقارير الفصلية الإلزامية، وانتقلت إلى التقارير نصف السنوية، لكن العديد من الشركات لا تزال تُصدر بيانات تجارية ربع سنوية.
وفي المستقبل، ينبغي أن يكون الأمر برمته محل نقاش. فبينما تنقل الشركات بياناتها إلى السحابة، ويبتكر الذكاء الاصطناعي طرقاً جديدة لتحليلها وتفصيلها، ينبغي أن يكون من الممكن يوماً ما رصد أداء الشركات في وقت قريب من الوقت الفعلي. وتساعد مجموعات تكنولوجية، مثل بالانتير وداتابريكس وسنوفليك الشركات بالفعل على تحويل السجلات المتباينة إلى بيانات رقمية سهلة التحليل، ليستخدمها المديرون التنفيذيون ويطلعوا عليها. ويمكن لبرامج الذكاء الاصطناعي استخلاص المعلومات، وتجميعها، وإضفاء بريق عليها، تماماً كما يفعل أي رئيس تنفيذي فصيح اللسان.
وسيشعر رؤساء الشركات بطبيعة الحال بالخوف من فكرة الشفافية المالية الجذرية. ففي النهاية، يُعادل ذلك التخلي عن بعض السيطرة على كيفية عرض حقائق الشركة. كما أن التقارير الفورية من شأنها أن تُقلل من قيمة التزييف المالي – أي ترتيب التدفقات النقدية لجعل الصورة الفصلية أكثر جاذبية – إلى الصفر. مع ذلك، يُمكن تهدئة بعض المخاوف، من خلال مراعاة فترة تأخير شهر واحد، أو عرض البيانات على أساس متوسط ثلاثة أشهر.
وقد لا تظهر هذه الابتكارات إلا بعد فترة، لأن الذكاء الاصطناعي لا يزال يرتكب أخطاءً، وبالتالي، يتطلب مراجعة بشرية. وقد وجدت دراسة أجراها مصعب أشرف من جامعة ولاية ميشيغن العام الماضي، أن الأتمتة تُقلل من عدد الأخطاء في التقارير المالية، إلا أن الخلل عند حدوثه، يكون أكبر وأكثر خطورة. وسيدفع خطر التعرض للمقاضاة بسبب بيانات مشبوهة معظم الشركات، عن حق، للإحجام عن تفويض إعداد التقارير إلى الآلات.
ومع ذلك، فإن الذكاء الاصطناعي يتقدم بوتيرة أسرع مما توقعه معظم المديرين التنفيذيين والمستثمرين قبل عامين. وبما أن التكنولوجيا تُسهّل وتسرع توليد البيانات والتحليلات في الوقت الفعلي، فمن السذاجة الاعتقاد بأن الشركات يُمكنها الإفلات من العقاب، بتقديم معلومات أقل للمستثمرين مما تفعله الآن. ومن المرجح أن يصبح الإبلاغ عن الأداء المالي على فترات ثلاثة أشهر شيئاً من الماضي، ولكن ليس للأسباب التي اقترحها ترامب.








