قمر الأرض بوجهين .. لغز جديد يثير دهشة العلماء

أبين ميديا /متابعات /السيد محمود المتولي
كشفت دراسة علمية حديثة أن قمر الأرض بوجهين مختلفين تماماً، ف جانب القمر المواجه من الأرض يختلف عن الآخر البعيد.
فقد أظهرت عينات قمرية جديدة من الجانب البعيد أنه تكوّن من صهارة أكثر برودة من الجانب القريب، مما يؤكد أن باطن القمر غير متجانس.
ويشير الباحثون إلى أن قلة العناصر المُولِّدة للحرارة على الجانب البعيد تُفسر هذا الاختلاف، وتتراوح النظريات بين التصادمات الكونية القديمة وجاذبية الأرض، وهو ما يقربنا من حل لغز القمر ذي الوجهين القديم.
تشير الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة لندن وجامعة بكين والتي نشرت في دورية “نيتشر جيوساينس” ، إلى أن الجزء الداخلي من الجانب البعيد الغامض من القمر قد يكون أكثر برودة من الجانب الذي يواجه الأرض باستمرار، وتناولت الدراسة، أجزاء من الصخور والتربة التي التقطتها مركبة الفضاء الصينية “تشانج آه 6” العام الماضي من حفرة واسعة على الجانب البعيد من القمر.
وأكد فريق البحث نتائج سابقة تفيد بأن عينة الصخور عمرها نحو 2.8 مليار سنة، وقاموا بتحليل التركيب الكيميائي لمعادنها لتقدير أنها تشكلت من الحمم البركانية في أعماق القمر عند درجة حرارة تبلغ نحو 1100 درجة مئوية – أي حوالي 100 درجة مئوية أكثر برودة من العينات الموجودة من الجانب القريب.
قال البروفيسور يانغ لي، المؤلف المشارك في الدراسة، من قسم علوم الأرض بجامعة لندن وجامعة بكين: “يختلف الجانبان القريب والبعيد للقمر اختلافاً كبيراً على السطح، وربما في باطنه.
وأضاف: يُعد هذا أحد ألغاز القمر الكبرى ومن ثم نُطلق عليه اسم القمر ذي الوجهين، لطالما طُرح افتراضٌ بوجود فرق كبير في درجة الحرارة بين الجانبين القريب والبعيد من الوشاح، لكن دراستنا تُقدم أول دليل باستخدام عينات حقيقية”.
أما شيولين تشو، الباحث المشارك في الدراسة، وطالب الدكتوراه في جامعة بكين فيرى أن “هذه النتائج تُقرّبنا خطوةً أخرى من فهم وجهي القمر، فهي تُظهر لنا أن الاختلافات بين الجانبين القريب والبعيد لا تقتصر على السطح فحسب، بل تمتد إلى أعماق باطنه، فالجانب البعيد له قشرة أكثر سمكاً، وهو أكثر جبلية ومليء بالفوهات، ويبدو أنه كان أقل بركانياً، مع عدد أقل من البقع الداكنة من البازلت المتكونة من الحمم البركانية القديمة.
وأرجع الباحثون برودة بسبب الجانب البعيد لوجود عدد أقل من العناصر المنتجة للحرارة – عناصر مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم، والتي تطلق الحرارة بسبب الاضمحلال الإشعاعي.
نظريات
هناك نظريات أخرى مفادها أن القمر ربما اصطدم بقمر ثانٍ أصغر حجماً في وقت مبكر من تاريخه، حيث أن العينات المأخوذة من الجانب القريب والجانب البعيد تأتي من قمرين صغيرين مختلفين حرارياً، أو أن الجانب القريب ربما يكون أكثر سخونة بسبب جاذبية الأرض.
تحليل تربة القمر
في الدراسة الجديدة، حلل فريق البحث 300 غرام من تربة القمر المخصصة لمعهد بكين لأبحاث جيولوجيا اليورانيوم، وأوضح شنغ هي، الباحث الرئيسي في المعهد: “العينة التي جُمعت بواسطة مهمة تشانغ آه 6 هي الأولى على الإطلاق من الجانب البعيد للقمر، ورسم الفريق خرائط لأجزاء مختارة من العينة، المكونة في معظمها من حبيبات البازلت.
قام الباحثون بقياس اختلافات طفيفة في نظائر الرصاص باستخدام مسبار أيوني لتحديد عمر الصخرة بـ 2.8 مليار سنة ، وعولجت البيانات باستخدام طريقة طوّرها البروفيسور بيتر فيرميش من قسم علوم الأرض بجامعة لندن، ثم استخدموا عدة تقنيات لتقدير درجة حرارة العينة في مراحل مختلفة من ماضيها عندما كانت في أعماق القمر.
كان الهدف الأول تحليل تركيب المعادن ومقارنته بمحاكاة حاسوبية لتقدير درجة حرارة الصخور عند تشكلها (تبلورها)، قورن هذا بتقديرات مماثلة لصخور الجانب القريب، بفارق 100 درجة مئوية.
الطريقة الثانية كانت العودة إلى تاريخ العينة، والاستدلال من تركيبها الكيميائي على درجة حرارة “صخرتها الأم” ومقارنة ذلك بتقديرات عينات الجانب القريب التي جمعتها بعثات أبولو، ووجدوا أيضاً فرقاً، قدره حوالي 100 درجة مئوية.
النظرية السائدة حول أصل القمر
النظرية السائدة حول أصل القمر هي أنه تكوّن من حطام ناتج عن اصطدام هائل بين الأرض وكوكب أولي بحجم المريخ، وبدأ مكوّناً كلياً أو جزئياً من صخور منصهرة (حمم بركانية أو صهارة). تجمدت هذه الصهارة مع تبريدها، لكن عناصر الكريب لم تكن متوافقة مع البلورات التي تشكلت، وبالتالي بقيت لفترة أطول في الصهارة.
يتوقع العلماء أن تكون مادة الكريب موزعة بالتساوي على سطح القمر، بدلاً من ذلك، يُعتقد أنها متجمعة في وشاح الجانب القريب، قد يكون توزيع هذه العناصر هو السبب في زيادة النشاط البركاني في الجانب القريب.
خلل لفترة طويلة
على الرغم من أن درجة الحرارة الحالية للجانبين البعيد والقريب من وشاح القمر غير معروفة من هذه الدراسة، إلا أن أي خلل في درجة الحرارة بين الجانبين سيستمر على الأرجح لفترة طويلة جداً، حيث يبرد القمر ببطء شديد منذ لحظة تشكله نتيجة اصطدام كارثي، ومع ذلك، يعمل فريق البحث حالياً على إيجاد إجابة قاطعة لهذا السؤال.







