بعد استقالة أقصر حكومة.. 3 خيارات معقدة لماكرون للخروج من الأزمة السياسية

أبين ميديا/ القاهرة الإخبارية – مصطفى لبيب
بات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، محاصرًا بخيارات محدودة، أمام الأزمة السياسية المتصاعدة التي صاحبت استقالة حكومة سيباستيان ليكورنو بعد ساعات فقط من إعلان تشكيلها الوزاري، مما جعلها أقصر حكومة في تاريخ فرنسا الحديث.
وبسبب الضغوط المتزايدة التي تعرّض لها ماكرون من قبل السياسيين في فرنسا لمعالجة الأزمة الحالية، طلب الرئيس الفرنسي من رئيس الوزراء المنتهية ولايته إجراء محادثات أخيرة مع أحزاب سياسية أخرى بحلول الأربعاء، في محاولة لرسم مسار للخروج من الأزمة، التي وُصفت بأنها “زلزال سياسي حقيقي” ضرب فرنسا.
شخصية جديدة
ولكن مع تضاؤل فرص نجاح تلك المحاولة، بحسب الخبراء الذين تحدثت معهم “رويترز”، لم يعد أمام الرئيس الفرنسي سوى ثلاثة سيناريوهات.
تتمثل الفرضية الأولى منها في تعيين ماكرون رئيسَ وزراء ليس من صفوفه، ولا من الكتلة المتعاطفة مع الحكومة المنتهية ولايتها.
وفي هذا السيناريو، من غير المرجّح أن يقوم رئيس الدولة الفرنسية بترشيح شخصية يسارية من داخل معسكره اليساري، حيث يسعى هؤلاء إلى تهميش الإصلاح التقاعدي الذي حققه بشق الأنفس، وفرض ضرائب على الأغنياء. كما أن وجود شخصية يسارية سيثير حفيظة أعضاء تحالفه الحاكم الذين يريدون التركيز على القانون والنظام والهجرة والتقشف. لذلك، من المتوقّع أن يقوم بترشيح شخصية تكنوقراط لقيادة الحكومة.
الجمعية الوطنية الفرنسية
البرلمان والرئاسة
أما السيناريو الثاني، فهو الدعوة إلى حل الجمعية الوطنية، حيث يمكن أن يقوم الرئيس الفرنسي بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة، وهي الخطوة التي يرى الخبراء أنها قد تؤدي إلى تشكيل حكومة تابعة لحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف إذا تمكّن من تحقيق الأغلبية.
ويكمن الخيار الأخير بالنسبة لماكرون، للخروج من الأزمة السياسية الحالية، في إقالته أو بالأحرى استقالته، حيث يمكن أن يقرّر في النهاية التنحي عن منصبه والاستقالة، وبالتالي الدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وذلك وسط مخاوف من أن حزب التجمع يمكن أن يحصد المنصب، وفقًا لاستطلاعات الرأي السياسية، التي حمّل خلالها الشعب الفرنسي ماكرون مسؤولية الأوضاع الحالية.
ميزانية فرنسا
وتأتي الأزمة السياسية قبل أيام من الموعد المقرّر لتقديم الحكومة مشروع قانون ميزانيتها لعام 2026 إلى البرلمان، وبموجب القانون الفرنسي، يتعيّن على الحكومة تقديم مشروع الميزانية لعام 2026 حتى السابع من أكتوبر، على الرغم من أن الدستور يسمح ببعض المرونة حتى منتصف الشهر.
ومع نفاد الوقت، من المتوقّع، وفقًا لرويترز، أن يلجأ ماكرون إلى تشريع طارئ للحفاظ على استمرار عمل الحكومة ومنع إغلاقها، على غرار ما حدث في الولايات المتحدة، وهو التشريع الذي سيسمح بالإنفاق المؤقت والضرائب والاقتراض اعتبارًا من الأول من يناير، مع إمكانية فرض قيود صارمة على المالية العامة.
سيباستيان ليكورنو رئيس وزراء الحكومة الفرنسية المستقيلة
عجز مالي
وجاءت استقالة ليكورنو في الوقت الذي يعاني فيه ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا من عجز مالي يكاد يكون ضعف الحد الأقصى المسموح به في الاتحاد الأوروبي، كما تتجه نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي نحو 115%، مما دفع وكالات التصنيف الائتماني لإصدار تحذيرات بشأن الدرجة الائتمانية السيادية.
وأكدت وكالة “فيتش” أن الأحداث السياسية، التي يسيطر عليها عدم اليقين، تسلّط الضوء على النطاق المحدود أمام فرنسا لتعزيز سياسات المالية العامة بشكل كبير، خاصة بعد أن خفّضت الوكالة تصنيف فرنسا إلى الفئة”A” الشهر الماضي، لأول مرة منذ عقود.
ومن المتوقّع أن يبقى الدين العام في مسار تصاعدي مع فشل تنفيذ تدابير ضبط المالية العامة، مشيرة إلى أن التحدي الأكبر سيكون إقناع أعضاء البرلمان الفرنسي المجزأ بين الأحزاب بقبول ميزانية تُمكّن البلاد من الامتثال لالتزاماتها بموجب معاهدة الاتحاد الأوروبي، وهو الحفاظ على نسبة عجز 3%.
خيارات صعبة
ولكن إذا اختار ماكرون حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية مبكرة، فإن الجدول الزمني لإقرار حتى تشريعات الميزانية الطارئة قد يصبح ضيقًا بشكل كبير، حيث يتعيّن أن تكون هناك حملة انتخابية لمدة عشرين يومًا على الأقل قبل إجراء الجولة الأولى من الانتخابات، تليها جولة ثانية بعد أسبوع.
وبعد ذلك، سيحتاج المشرّعون المنتخبون حديثًا إلى عدة أيام لتنظيم أنفسهم وتولّي مناصبهم رسميًا، وهو ما من شأنه، وفقًا للخبراء، أن يترك وقتًا قليلًا جدًا في شهر ديسمبر أمام البرلمان الجديد لإقرار تدابير الميزانية المؤقتة قبل بداية عام 2026، مما يضع ماكرون أمام خيارات صعبة.







