إدارة المبيدات بين الواقع والمسؤولية رؤية عملية لزراعة آمنة ومستدامة

كتب : م.عبدالقادر السميطي

 دعوة للجميع لإعادة ضبط البيئة الزراعية في كل المناطق الزراعيه 
في ظل التوسع غير المنظم لاستخدام المبيدات الكيماوية في الزراعة، وفي نفس الوقت التغيرات المناخيه الذي تسببت في ظهور افات وأمراض نباتيه لا لها اول ولا لها اخر بات سؤال حماية المستهلك من بقايا مترسبات المبيدات السامة في الخضروات والفواكه سؤالًا ملحًا لا يقبل التأجيل. فالصيت قد يصل إلى السماء، لكن الحقيقة تبقى في الحقول، حيث تُقاس النتائج على صحة الإنسان وسلامة البيئة.
 التضحية المؤقتة من أجل سلامة دائمة 
إن حماية الإنسان تبدأ أحيانًا بقرارات شجاعة، قد تتطلب التضحية ببعض الأغصان أو الثمار أو الأزهار، في سبيل استعادة التوازن الطبيعي داخل الحقول. فالحرب الحقيقية ليست ضد الحشرات وحدها، بل ضد الاختلال البيئي الذي صنعناه بأيدينا حين أعلنا حربًا عشوائية على الآفات الزراعيه قضت على الحشرات النافعة قبل الضارة.
ماذا لو دخلت الزراعة في فترة سكون مدروسة؟ وكلمة مدروسه نضع تحتها الف خط ..
ماذا لو قررنا إدخال الزراعة في دلتا أبين ودلتا تبن في فترة سكون لموسم واحد، أو حتى موسمين، يتم خلالها منع استخدام المبيدات الكيماوية على معظم المحاصيل؟
هذه الخطوة ليست تراجعًا، بل تجربة علمية ضرورية لاختبار….
مناعة النباتات الطبيعية.
قدرة البيئة على استعادة توازنها الحيوي.
بقاء المفترسات الطبيعية والحشرات النافعة التي فقدنا معظمها خلال السنوات الماضية.
إن مثل هذه التجربة قد تفتح الباب أمام قرار وطني مدروس بحظر أو تقنين استخدام المبيدات، بما يخدم الإنسان والبيئة والتربة والمياه.طبعا هذا الكلام ينبغي أن يدرس من قبل الباحثين في محطة البحوث الزراعيه وهم من يحق لهم اتخاذ القرار في ذالك على الأقل في إطار مزرعة المحطه ومزارع من يتطوع في مثل هذا العمل .
 البدائل الآمنة موجودة فلماذا نُهملها ؟
خلال هذه الفترة يمكن الاعتماد على بدائل آمنة ومعتمدة مثل…
المبيدات النباتية الطبيعية (كالمريمرة).
الزيوت المعدنية الآمنة.
الصابون الزراعي.
المصائد الفرمونية والضوئية واللاصقة.
المهاد (المالش)، الشِباك، البيوت المحمية.
إلى جانب الالتزام بالمواعيد الزراعية الصحيحة، واتباع دوره زراعيه مناسبه ..وتطبيق إدارة المكافحة المتكاملة للآفات بحذافيرها، وهي منظومة علمية أثبتت نجاحها عالميًا عندما تُطبق بشكل صحيح اضافه الى تحسين الممارسات الزراعيه الصحيحه مثل الحراثه الجيده والري والتسميد بالاسمده الطبيعيه مثل الكمبوست وازالت الحشائيش والشجيرات الذي تعتبر مأوى لكثير من الآفات الزراعيه مثل السيسبان  وغيرها من العمليات الزراعيه الهامه 
 نحن بين خيارين لا ثالث لهما..
أمامنا اليوم خياران واضحان هي …
إما الاستمرار في الاستخدام العشوائي للمبيدات، وما يترتب عليه من أمراض، وتلوث، وقتل للأحياء الدقيقة والنافعة.
أو التخطيط والتنظيم والابتكار والبحث عن بدائل آمنة تحت إشراف جهات بحثية متخصصة، مع منع دخول المبيدات المحرمة والمنتهية الصلاحية وتفعيل دليل المبيدات وقانون تداولها، وتفعيل الحجر الزراعي داخليًا وخارجيًا.
علينا أن نُدرك أن المبيدات في أصلها سموم، لا تميز بين ضار ونافع، ولا ينجو من خطرها إنسان ولا حيوان  بل حتى الهواء الذي نتنفسه 
 الزراعة العضوية تجربة محلية بنجاح حقيقي 
لقد أثبتت التجربة الميدانية أن التغيير ممكن. فخلال الفترة من يونيو إلى سبتمبر وأكتوبر 2022م، قامت الجمعية الوطنية للبحث العلمي بتدريب أكثر من 240 مزارعًا ومزارعة، بينهم مهندسون زراعيون وعمال زراعيون، في مجال إنتاج الكمبوست (السماد العضوي) في دلتا أبين ودلتا تبن، بدعم من وزارة الزراعة والري والثروة السمكية وتلتها تدريبات كثيره من قبل كثير من المنظمات وعلى رأسها منظمة كير العالميه ومنظمة Ark
وقد شكّل هذا النشاط خطوة عملية نحو نشر ثقافة الزراعة العضوية، التي أصبحت اليوم خيار العالم الآمن والمستدام.
إن مستقبل الزراعة الآمنة يبدأ بقرار واعي، ويستمر بعلمٍ مسؤول، وينتهي ببيئة نظيفة وإنسانٍ معافى.
فلنجعل شعارنا جميعًا معًا نحو زراعة آمنة… من أجل بيئة نظيفة ومعيشة أفضل.
*ضع بصمة خير هذه بلدك*
في حياة الأمم، هناك فرص قليلة يستطيع فيها الإنسان أن يترك أثرًا يبقى بعد رحيله… أثرًا تتناقله الأجيال بفخر، وتذكر صاحبه بوصفه رجلًا بنى لا من أجل نفسه، بل من أجل وطنه وأهله.
ولعلّ أعظم أثر يمكن أن يُخلِّده الإنسان اليوم هو إحياء الأرض… فالأرض هي الشاهد الوحيد الذي لا يكذب، وهي الذاكرة التي لا تموت
 رسالتي للمزارع
خفّف المبيد اليوم، تحصد صحة غدًا. دع للطبيعة فرصة لتدافع عن محصولك، فالحشرة النافعة جندي صامت يعمل مجانًا من أجلك.
عبدالقادر السميطي
دلتا أبين

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى