كتبنا التاريخ بدماء الشهداء، وسنكتب المستقبل بالإرادة،فلا مكان لمن ينازعنا السيادة

كتب-عبدالرقيب السنيدي
لا ريب أن هؤلاء المتآمرين والدعاة والتابعين لقوى الاحتلال سيظهرون بين لحظة وأخرى – عبر قنواتهم ومواقعهم ووسائل التواصل– في نفثٍ حقودٍ يفرغون فيه ما يجيش في صدورهم من حقد دفين وكراهية عمياء للجنوب وأبنائه، يتجلى في التضليل والخداع والسباب والشتم لقيادات الجنوب ولوطنه، بل وبلغت بهم السفالة حد التطاول على نساء الجنوب اللواتي هنّ أطهر من أن تُقاس بأمثال هؤلاء. وهذا أمرٌ طبيعيٌ ومتوقعٌ في أي لحظة، أن يخرج هؤلاء الذين تخلّوا عن كل خُلُقٍ وقيمةٍ وشيمة – إن كان لهم منها أصلاً.

وهذا السلوك مُتوقّع من عصاباتٍ باعت ضمائرها وأصبحت بلا مبدأ، مرتهنةً بالكامل لتلك المليشيات الاحتلالية، بل هي في الحقيقة أسيرة، بل وقد استعبدتها تلك العصابات. وفي هذا المقال نرد على هؤلاء – سواء كانوا قيادات في أعلى هرم السلطة، أو ساسة فاسدين، أو مروجين، أو قابضي الدفع المسبق، ونافخي الكير من عبيد المحتلين – نقول لهم: إن تحريضكم المأجور وألفاظكم المسيئة الهابطة لا تؤثر في صخر أصولنا، ولا تخدش صفاء إيماننا، فهي لا تزيدنا إلا إصراراً. فلا تؤثر في عقيدة شعبنا الذي تربى على المروءة الأصيلة والقيم النبيلة والشيم العربية الأصيلة. وهذا التضليل وتلك الادعاءات – حقًا – يعجز القلم عن وصف خُطته، ويقصر اللسان عن بلاغة رده.

لكننا نرد عليهم بصريح العبارة ووضوح الحقيقة: لقد استبيحت أرضكم وانتهكت محارمكم وسُلِب منكم كل شيء، وأنتم وقفتم عاجزين عن حماية عُقْر داركم، فكيف تدّعون الجيش والقتال لأرض الجنوب؟! إنها تبريرات واهية وضجيج فارغ، وصرخة غَـَـرْقَى لتبرير العجز الذي أنتم فيه، وعما اقترفته أيديكم من خزيٍ وعارٍ لحق بأهاليكم وشعبكم ووطنكم إلى الأبد، بل وعما فرطتم فيه من أمانةِ الحماية والذود.

لكننا ننطلق اليوم بصرخةٍ تزلزل الأرض تحت أقدام الغزاة: وليسمعها القاصي والداني ومن تسوّل له نفسه المساس بترابنا، أن شعبنا الجنوبي الأبي، بقيادته الرشيدة وقواته المسلحة الباسلة، ومن خلفه جماهيرُ جرارةٌ عاشقةٌ للحرية، أبتْ إلا أن تروي تراب الوطن بدماء أبنائها، فقدَّمت في سبيله آلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين– شعبٌ يستعذب الموت في سبيل العزة، ولا يركع إلا لله. فاليوم نحن على أعتاب زمن السيادة والكرامة، ولن نرتدّ على أعقابنا أبداً، ولن نُفرط بشبرٍ من ترابنا، وسنستردّ ما تبقى من أرضنا بكل قوةٍ وعزيمة، فالقوة في إيماننا، والعتاد في إرادتنا، والرجال في صفوفنا، ومهما كلّفنا الثمن.

لقد سلَّمنا لكم بلدًا بمؤسساته ومصانعه وخيراته على طبق من وهم “الوحدة المزيفة”، فما كان منكم إلا الغدر. استبحتم الأرض، وقتلتم الأبناء، وانتهكتم الأعراض، ونهبتم الخيرات. لأنكم – خلال ثلاثة عقودٍ ونيف – حبستم أرض الجنوب في سجن من العزلة القاسية عن العالم، وسط صمتٍ دوليٍ مريب، وفي وجه مقاومةٍ بطوليةٍ من شعبٍ أبيّ ضد احتلالٍ نهب الثروات واستباح المقدرات، ولم يترك لمواطن جنوبي أن ينعم بشيءٍ منها إلا التابعين الذليلين، وأعوان الاحتلال. ما تركتُم بقعةً من أرض الجنوب إلا ونهشتم خيراتها، ولا حتى البحر سلم منكم، فحولتموه ممرًا لتهريب ثرواته عبر خونةٍ يَقْبَضُون ثمن بيع أوطانهم. بل أصبحتم– والكلمة تُقطع– أذناباً لجماعاتٍ استباحت وقطعت وقتلت ونهبت كل خيرات الجنوب.

إلى هنا.. ولم يعد يحتمل الصبرُ انتظاراً! لقد آن الأوان لترحلوا عن أرضنا كما يَرحَل الظلام عن مواطن النور، فنحن جذور هذه الأرض وأصحاب القرار الحق فيها. قدّمنا آلاف الشهداء زكاةً للعزة وثمنًا للكرامة ودمًا للوجود. لقد كتبنا تاريخنا بدماء الشهداء، وسنكتب مستقبلنا بإرادة الأحرار. فلا مكان بين ظهرانينا لمن ينازعنا سيادتنا، ولا رخصة لأحدٍ بعد اليوم أن يمدّ عيناً إلى حرمة أرضنا. هذه أرضنا.. عزنا.. حياتنا. ولن نفرِّط فيها أبدًا. كفاها استيلاءً.. كفاها تدميرًا.. كفاها قتلًا. فقد طال انتظارنا، وحان وقتنا لنحصد ما زرعناه من كرامة وحرية، ولتكن هذه هي الكلمة الفصل التي لا كلمة بعدها: لن تكون أرض الجنوب – اليوم وغدًا وإلى الأبد – إلا بيد أبنائها الأحرار.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى