بيت الشعر في متحف الشندغة ارتحال في فضاءات اللغة وروائع «المعلقات».

أبين ميديا /ثقافة

الشعر فن عالمي، يتجاوز حدود المكان والزمان، عرفته البشرية منذ القدم ولا تزال تستمتع به حتى يومنا هذا، تتحدث به كل اللغات، ويمتاز بأنه أرقى أنواع التعبير، وأحد جواهر الثقافة العربية، وأبرز أدوات الأدب المحلي، وعلى ضفاف الشعر وقفت دبي وتجلت بكل حسنها، ورافقت الشعراء طويلاً ولا تزال، وسافرت معهم في بحور الشعر، وأفردت لهم مساحات تعبيرية واسعة لنظم قصائدهم، فكان «بيت الشعر» الذي يحتضنه متحف الشندغة، أكبر متحف تراثي في الإمارات، حيث تقدم هيئة الثقافة والفنون في دبي (دبي للثقافة) من خلاله توثيقاً شاملاً للشعر العربي، وتضيء على حركة الشعر المحلية وتطورها وأهم روادها في الدولة، وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، حيث تعد قصائد سموه من أبرز روائع الشعر الإماراتي، وهو ما تجلى في قصيدته المعروفة «ملحمة الإمارات» وما تحمله من معانٍ أصيلة تدعو إلى حب الوطن.

رحلة مرصعة بجواهر اللغة، يعيشها كل من يدخل «بيت الشعر» المكون من بيتين، شيّد الأول المواجه لخور دبي، في عهد المغفور له، الشيخ سعيد بن مكتوم آل مكتوم، طيّب الله ثراه، وخصص آنذاك للضيافة، بينما سكن البيت الثاني محمد بن سرور هادي القمزي، حيث يسير الزائر في مسارات متعددة، يتنقل فيها بين بدايات الشعر العربي وطرق تطوره، مكتشفاً عبر مجموعة المعروضات المتحفية أن بدايات الشعر العربي كانت في أوائل القرن الخامس الميلادي، وأن أوائل الشعراء سكنوا شبه الجزيرة العربية، ولكن غالبيتهم عاشوا في وسطها وقاموا بنظم أشعارهم، وألقوها على مسامع الآخرين في مجتمعاتهم، عبروا فيها عن مشاعرهم، وقدموا من خلالها وصفاً للأمكنة التي كانوا يمرون بها.

النهضة

تحت سقف «بيت الشعر» تتجلى روائع «المعلقات» وهي أرقى ما كتب من شعر في عصر ما قبل الإسلام، ويفيد العرض المتحفي في البيت أن «منطقة شبه الجزيرة العربية تحتوي على آلاف النقوش بلغات مختلفة، يعود تاريخها إلى فترة تراوحت بين 800 قبل الميلاد إلى 400 ميلادية»، كما تستعرض أيضاً بلاغة الشعر وجغرافيته، وتتطرق إلى «سوق عكاظ» الذي اشتهر بالمنافسات الشعرية، وتبرز أيضاً تطور حركة الشعر العربي وانتشاره إلى أن بلغ ذروته في زمن الخلافة العباسية التي شهدت بروز أجيال جديدة من الشعراء مثل المتنبي والمعري وغيرهما، ويسلط العرض المتحفي الضوء كذلك على تطور حركة الشعر في بلاد الشام ومصر التي عاشت انطلاقة حركة ثقافية تجديدية حملت شعار «النهضة» وهدفت إلى إحياء الثقافة العربية وفنونها وآدابها.

وفي «بيت الشعر» أفردت «دبي للثقافة» مساحة واسعة للشعر الإماراتي وأعدت له مساراً خاصاً، بوصفه أحد أهم أشكال التعبير الثقافي في الدولة، ولا يزال يمثل جزءاً من التراث المحلي، ويؤكد العرض المتحفي أن «أقدم توثيق للشعر المحلي يعود إلى الشاعر والملاح ابن ماجد، في القرن الخامس عشر الميلادي».

ويبرز «بيت الشعر» الذي يمتاز بتفرد تجاربه التفاعلية السمعية والبصرية، ما تشهده الدولة من نهضة شعرية بدأت منذ عام 1970م ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

ويقدم البيت ضمن قسم «الشعر الإماراتي» عرضاً لأنواعه المختلفة، ومن بينها «المشكاة» وهي عبارة عن حديث متبادل بين شاعرين، و«شعر الألغاز والأحجيات» الذي يعد أحد أنواع الشعر المحبب لدى مواطني الدولة، ويعتمد على التلاعب في الألفاظ والمعاني، وتتضمن معروضات «بيت الشعر» أساليب حساب «الجمل» في حل الأحجيات، بالإضافة إلى تأثير الشعر في الأهازيج الشعبية، وغيرها.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى