التطريز اليدوي ٠٠ مهنة الفن و الإبداع التي أنقرضت

كتب ـ بدر حمود محمد

كل هذا الكلام الذي قاله الأستاذ المرحوم بإذن الله حمزه لقمان عن نشاط نساء عدن صحيح ,

كانت أمي رحمها الله وأسكنها الفردوس الأعلى من الجنة ,,,,تعلمت التطريز من هندية في حافة حسين وعاشت تطرز حاجات كثيرة بعد ذلك

لكنها كانت تطرز ليس بغرض البيع بل لكي تقدمها هدايا لمن تعز وتحب ,,,,

طرزت أغطية كبيرة للتلفزيونات والإذاعات وكان والدي رحمة الله تغشاه ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة أشترى في بداية الستينيات من القرن الماضي تلفزيونا وكان نوع جنرال إلكتريك امريكي وطرزت أمي رحمها الله غطاء جميلا أنيقا له بألوان زاهية تسر الناظر عندما تراه عيناه ملتحفا التلفزيون ,

وقد طرزت عدة أغطية للتلفزيونات وأهدتها لزوجة أخيها وقريباتها ولكن كان عليهن أن يصبرن شهورا لأن التطريز كان عندها مزاجا وليس عملا تتكسب منه ,

 

وكذلك طرزت غطاء للتلفون الأرضي في منزلنا و كذلك لآخرين وطرزت أكياس صغيرة متنوعة على أنشوطة من الخيط نفسه للإغلاق تطريزا أيضا لحفظ النقود الورقية والمعدنية

ووزعت كثيرا منها هدايا للأقرباء والجيران وطبعا كانت تشتري كرات الخيوط الخاصة بالتطريز والإبر من كريتر من سوق البز وأنا أعرف المحلات التي تبيعها إلى اليوم لإنني كنت أذهب معها

ولم يتبق لدينا في منزلنا غير غطاء واحد للتلفون الأرضي فقط ههههه

كما إننا لا نستعمله لتغطية التلفون بل هو متروكا مهملا على رف في المنزل وكل ما أراه أتذكر إنكباب أمي رحمها الله على التطريز وهي تدندن بينها وبين نفسها على سريرها الوثير

ويخرج من تحت يدها أشغال وأعمال غاية في الفن و الإبداع من التطريز اليدوي الذي أنقرض اليوم

فسألتها يوما ما من علمك التطريز ؟؟؟؟

قالت كان في حافتنا ,,,,,(حافة حسين بكريتر) الكثير من اليهود والصومال والهنود وغيرهم ,,,,,وأنا كانت لي صديقات هنديات وصومال ويهوديات نلعب سويا ألعاب البنات الصغيرات

وفي إحدى المرات جاءت أم إحدى البنات الهنديات وأخذتها معها لمنزلها وأنا طلبت منها أن تسمح لي أذهب مع إبنتها صاحبتي لإنني كنت أحبها كثيرا وهي أفضل صديقة لي من بين كل البنات الأخريات ,

فوافقت الأم وذهبنا سويا ,,,,,

و قالت أمي رحمة الله تغشاها أيضا ,

أستغربت جدا عندما رأيت الأم تطلب من إبنتها أن تأتي بالخيوط الملونة وتبدأ التطريز

ولكن كلمتها باللغة الهندية ,,,,,,, الأردو,,,,,

فقلت للأم أنا أريد أن تعلميني التطريز يا خالة وكان عمري ساعتها 11 عاما فقط

فرحبت بي وقالت لي أستأذني من أمك أولا

ذهبت إلى أمي وأستأذنت منها وفرحت أمي وجاءت معي إلى بيت الأم الهندية لتتأكد من الأمر وقالت لها علميها يمكن تنفع نفسها

وأسترسلت أمي رحمها الله حديثها قائلة و هكذا كنت أقضي ساعتين يوميا في تعلم التطريز مع أعز صديقة هندية لي وخلال ثلاثة أشهر أو أربعة تعلمت التطريز بإتقان

وكانت أمها تشتري لها الخيوط وإبر التطريز وتشجعها على تطريز كل حاجة

وهكذا تعلمت التطريز اليدوي

وأيضا تعلمت أمي رحمها الله لغة الهنود الأردو من جلوسها اليومي في بيت صديقتها وأصبحت تتقنها تماما

حتى إنها في آحد الأيام بحارتنا بالقلوعة في السبعينيات من القرن الماضي, ذهبت أمي لزيارة قريبة لها في بلوك رقم 7 المقابل لبلكنا (كانت تزورها أحيانا ),

وتسكن قريبتها هذه في بيت وسط في الدور الثاني وعندما طلعت الدرجة متجهة لبيت قريبتها رأت واحدة هندية تسكن في الدور الثالث واقفة مع زوجة إبنها الهندية أيضا في البلكون الداخلي للبلك فسلمت عليهن بطيبة خاطر لإنها تعرفهن

وبعد أن ردين السلام بدأتا الهندية الأم وزوجة إبنها يشتمن في أمي وقالتا عليها كلام مش تمام وأعابتا على إنها سمينة و و و و !!!!!!!

وكانتا يتكلمن عنها بصوت كان مسموعا لأمي رحمها الله,,,,,,,

والهنديتان طبعا لم يخطر ببالهن إن أمي رحمها الله تفهم لغتهن!!!!!!!!!

وبعد أن أنتهتا من السب والقذف والشتم والمعايبة تفاجئن إن أمي ردت عليهن بالهندي وماكان منهن إلا أن أختفتا خجلا, ودخلتا منزلهن وأغلقن الباب على أنفسهن خوفا ورعبا من أمي رحمها الله,,,,,,,

لإنها قالت لهن بالهندي با أطلع لكن وبا أربيكن يا ملعونتين

الحافة حقنا تعرف إن أم بدر تقاتل بيديها ولا تخاف من رجل أو إمرأة وقصتها إنها ألقت القبض على لص دخل بيتها في غابر السنين في شبابها يعرفوها جميعا ,

رحمة ربنا تغشاك أم بدر ويسكنك فردوسه الأعلى من الجنة ,,,,,,

وشكرا لك أبا أوسان إرسالك لي كل ما قاله إبن عدن البار الأستاذ حمزه لقمان من كلام عن نساء عدن وأعمالهن ونشاطهن اليدوي في بيوتهن وكيف كانوا يبيعوا الخمير والجبيز والمعبل والسمبوسة والباجية والبطاط المقلي لمساعدة أزواجهن ,,,,,,

فقد ذكرني ذلك بما تعلمته أمي رحمها الله من فن التطريز الذي أنقرض للأسف
وجعلتني المعلومات أحكي حكايتها لكم

تحياتي ,

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى