الرَتابة والروتين اليومي !!!
بقلم / معاذ نعمان العواضي
أكرة تكرار الأيّام والوجوه والأحداث، أحيانًا أحاول تمييز أحداث الأسبوع ولا أجد يومًا مختلفًا، عملي الحالي يسلبني روحي، لا شيء إلّا، روتين عمل ممل، أش عندك وهات وروح وجيب،
من أن تشرق الشمس حتى تغرب، ثم أعود للبيت وأنا مثقلٌ بنفسي، أخبرت أحد الأصدقاء بذلك، فأجابني، بأنه يفترض بأني الآن أعيش أفضل حالًا من كثير من الناس وقال: لديك عمل في وقت يشكو فيه الكثير من رزوحهم في المنازل، فما مشكلتك!؟
حقيقةً لا أعرف كيف أرد؟
قبل أيّام هاتفني أَحَد الأصدقاء الذين أكنّ لهم معّزةً في قلبي وأستشعر من خلال حديثنا -الملَل- الذي يعتريني، ثم اقترح عليّ أن نخرج للترفيه، مع أني لا أحب الأماكن العامة كثيرًا، ولا يُستساغ لي ما أراه فيها من أمورٍ مبتذلة، أحب أن أقضي أغلب الوقت لوحدي، أقرأ الكُتب التي حصلت عليها مؤخرًا بتوصيات من أَحد الأدباء ، أشارك في بعض المنتديات الأدبية، أتدّرب على الإلقاء، أحاول جاهدًا البحث عن شروحات لبعض قصائد المعّري والبردوني، أتابع حلقات ريدينغتون “القائمة السوداء”
ولكيّ أبقىٰ متصلًا بالآخرين لبيّت طلبه، خرجنا سويًا وكان برفقتنا ابن أميّ (محمد) شابًا يافعًا، حَسُن المظهر، طَلق المحيّا، لا تفارق الأبتسامة محيّاه، لا يتحدّث إلّا لمامًا، وإذا تحدّث طغى على حديثه العطريات والبخور والفخّاريات، حتى أنه توّجه بنا نحو مركز تجاري، امتيازه الوحيد العروض المغرية التي تجذب المشترين، دخلنا وكلّ واحدٍ اتجه نحو متطلباته، أنا وخليل اتجهنا نحو عروض الملبوسات، ومحمد أتجه نحو زاوية لبيع البخور والعطور، وكانت البائعة إحدى الحسناوات فابتاع منها زهرًا عطريًا بثمنٍ بخس، لتأخذ بدورها قلبه وتمضي.
الآن أعيش يومي بشكلٍ عادي، لا شيء يسترعي اهتمامي كالسابق، أذكر فيما مضى، بعد أن ينهي كل واحدٍ منّا عمله أنا ومجموعة من أفضل الأصدقاء الذين حظيت بهم يومًا، نلتقي في مجلسٍ أطلقنا عليه أسم قبيلة عريقة آنذاك” ملتقى العواذل الثقافي والأدبي” يرأس هذا المنتدى الأستاذ عبدالله محمد عبدالله الجنيدي “أبو نجم” رحمة الله عليه، أَحد رجالات الكادر التعليمي في المنطقة، يدخل علينا ويجد أحدنا منهمك في حل الكلمات المتقاطعة وفجأة يصيح “أول رائد فضاء من سبعة أحرف” وآخرٌ يلعب “السودوكو″ ولا بأس من مشاركة الزملاء في الحل، وعاشقٌ يُدّندن” أنا الصّبُ المعّنى المستهام” ورابعٌ يدّون كل ما يحفظه من أشعار “المشطر” أحد الشعراء الشعبيين، حيث كنا بصدد جمع كل أشعاره تحت إشراف وإعداد ” أبو نجم” ووضعها في كتاب أبصر النور قبل وفاته يرحمه الله.
كلّ ذلك آنذاك كان يستهويني، أمّا الآن لا شيء سوى الكتابة، هي طريقتي في العودة للوراء، أنّها آلة الزمن التي أستخدمها لإضافة ما أرغب فيه لحياتي.