رسالة إلى مامورين الضبط القضائي .

كتب/ عبدالناصر الحراشي.

من خلال متابعتي اليوميه على مستوى جنوبنا الحبيب ترددت عدة مرات عن الكتابة في هذا الموضوع باعتباري أحد مأموري الضبط القضائي؛ لكنني وجدت نفسي مضطراً للتعبير عن ما بداخلي، عسى رسالتي تلاقي استجابة لدى المعنيين وللتذكير _لعل الذكرى تنفع المؤمنين_.
من المعروف ان النيابة العامة هي الجهة المختصة في رفع الدعوى الجنائية، ضد كل شخص يرتكب فعل من الأفعال الإجرامية، فالنيابة العامة ومن خلال اسمها هي الجهة التي تنوب عامة الناس (المجتمع) في رفع الدعوى الجنائية ومحاكمة المتهمين واتخاذ جميع الإجراءات الجزائية منذ أول خطوة حتى التنفيذ للعقاب وفقاً للحكم الصادر عن المحكمة.
وعندما كانت النيابة العامة هي المخولة عن عامة الناس في اتخاذ الإجراءات القانونية وفقاً لما ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية والقوانين الأخرى، فإنه لا يجوز للنيابة العامة ولا الجهات التابعة لها أن تتنازل عن الدعوى الجزائية، وذلك وفقاً لما نصت عليه المادة (22) من قانون الإجراءات الجزائية _ لا يجوز للنيابة العامة وقف الدعوى الجزائية أو تركها او تعطيل سيرها او التنازل عنها…_
وفي حالة مخالفة النص القانوني بالتنازل عن الدعوى الجزائية وتركها من قبل النيابة العامة، فإن تلك المخالفة تعد جريمة يعاقب عليها القانون.
فإن كانت تلك المخالفة بقصد تعطيل القوانين وعرقلة العمل فتلك جريمة جنائية معاقب عليها وفقاً لقانون الجرائم والعقوبات النافذ.
وان كانت تلك المخالفة بقصد افلات الجاني من العقاب، فتلك مساهمة في الجريمة.
وفي كلا الحالتين نحن في صدد جريمة جنائية ولو كان ذلك ناتج عن الإهمال والتفريط والا مبالاة.
ومن هذا المنطلق فإنه لا يجوز للنيابة التنازل عن الدعوى الجزائية ولا يجوز لها التنازل عن الحق العام مهما كانت الظروف، يستثنى من ذلك جرائم الشكوى
وفي كل الأحوال فإنه لا يوجد نص قانوني صريح يعطي النيابة العامة الحق في التنازل عن الدعوى الجزائية أو تركها او تعطيلها مهما كانت الجريمة.
وعليه فإن هناك كثير من الجرائم وهناك كثير من المتهمين، ولا نقول جرائم غير جسيمة بل جرائم جنائية جسيمة تم تركها وتم التنازل عنها، وهناك متهمين في بعض السجون على ذمة جرائم جنائية جسيمة لهم سنوات لم تقم النيابة العامة باتخاذ الإجراءات الجزائية للتحقيق معهم وإحالتهم للمحاكمة، وقد يكون ذلك حسب ما ذكرته سابقاً أو بحجة إعطاء الأطراف فرصة للتصالح خارج النيابة العامة والمحكمة
وهذا هو الخطأ بعينه!
فهل يعقل ان هناك ان يظل المتهم سنوات في السجن والنيابة العامة على علم دون أن تحرك ساكناً!؟
وهل إذا تم التصالح بين الأطراف يسقط الحق العام وتتنازل النيابة العامة عن الحق العام؟
الإجابة لا والف لا
الحق العام لا يسقط ولا يتم التنازل عنه وإن سقط الحق الخاص بالتنازل.
والنيابة العامة ليس مهمتها رفع الدعوى ومحاكمة المتهمين فقط، بل مكافحة الجريمة بكل أشكالها وأنواعها واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وعدم التعاطف مع المجرمين إطلاقاً لضمان الأمن والاستقرار وعدم انتشار الجريمة.
الحديث طويل
ولكن مضمون الرسالة واضح
ومكافحة الجريمة يتطلب الردع وتطبيق مبدأ العقاب،
واي تهاون بالجرائم أو إهمال تطبيق القوانين، او التنازل عن الدعاوى الجزائية، فتلك مساهمة في الجريمة ومساعدة على انتشار الإجرام والفساد.
ونسأل الله تعالى الأمن والاستقرار والصلاح والعفو والعافية.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى