ديسمبر شهر العربية
أبين ميديا/ كتب _ خالد شرفان
نحتفل باللغة العربية في 18/ديسمبر من كل عام، اليوم الذي اصدرت فيه الجمعية العامة قرارها المؤرخ 18 /ديسمبر 1973 المعني بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، لها 28حرفًا فقط وأكثر من 12مليون كلمة دون تكرار، و467مليون يتحدثونها، يكفي لغة الضاد شرفًا بأنها لغة القرآن ولغة أهل الجنة، لغة لذيذة وذات دلالات كثيرة وألفاظ ومعاني ومرادفات متعددة الوظائف والأساليب والتراكيب، لغة غنية بمخزون وذخيرة هائلة من الفصاحة والتفرد عن غيرها من اللغات الأجنبية، تتمتع العربية بأسس وقواعد وأنظمة جعلتها محببه لكل متذوق لها، وتسعى أشهر الجامعات العالمية إلى افتتاح واستحداث أقسام خاصة لتعلمها، وفتح نافذة على التراث العربي والإسلامي وجمالياته، يقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة).
ولكن وللأسف هناك عقبات وقفت بوجه العربية فقد لاقت مالقته من محاربة من أعدائها الغرباء والقرباء أبناء جلدتها، فهي تعاني من قلة المهتمين لها وقلة أعداد الناطقين بها حول العالم وانتقال العرب أنفسهم إلى تعلم واتقان لغات العالم الأخرى تاركين وراءهم إرث حضاري وثقافي عريق، وكان بنظرهم أن المقياس والمعيار الحقيقي للمثقف هو من يستبدل العربية بأخرى جديدة، وعلى حد قول أحدهم (العربية ماتأكلش عيش)! وقاموا وبمساعدة منهم على دخول بعض الكلمات الأجنبية ومصطلحات غربية “مهاجرة” إلينا، وباتت العربية تستغيث بأهلها من أهلها.
برأيي أن من أسباب ضعف وقلة المتكلمين باللغة الفصحى يكْمن في ضعف الإعلام الرسمي لها بشكل عام وبدرجة كبيرة ثم بوزارة التربية والتعليم، فأغلب القنوات الفضائية بدل ما تحبب وتشجع وتضع خطط برامجية في زيادة المسابقات اللغوية والشعرية وتقوم بعرض المواهب الشابّة التي لها ميول بالجانب اللغوي وأبرازهم وعرضهم إعلاميًا بغالب مشوق ومحبب، فقامت إلى إرتكاب جرائم إملائية ولغوية فادحة بحق اللغة العربية نطقًا وكتابة والتي لاتصعب على طالب في المرحلة الابتدائية! أخطاء بالجملة في نشرات الأخبار وأسماء البرامج وغيرها، بالإضافة لذلك تقوم على بث برامج شعرية ودرامية باللهجات المحلية وتشجيعها والتي بكل تأكيد تربك المشهد اللغوي.
يلي ذلك إستخدام اللهجات العامية خاصة أثناء الدرس ببعض المدارس من قبل المعلمين والتي تعتبر التربية رأس الحربة في تقويم وتقييم وتصحيح مسار واعوجاج الألسن، على المدرسة أن تقوم بما هو المنوط والمأمول منها على نماء وغرس حب اللغة العربية في نفوس التلاميذ على اعتبار أن لغتنا هويتنا الإسلامية و الثقافية، وعمل مسابقات ثقافية وفكرية لهم وتكريم المبرزين منهم، مع إلغاء فكرة استخدام المعلم وإدخال كلمات محلية للاستعانة في الحصة الدراسية حتى نهاية الدوام.
أن التغييرات والتعديلات بالمناهج التدريسية مابعد عام 1990والتي أُقفل فيها الاهتمام بالجانب المهاري اللغوي والتدريب على القراءة والكتابة الصحيحة كان له دور بتدني المستوى المهاري واللغوي، الجدير ذكره هنا أن قلة معاش المعلم ليس سببا في ذلك وليس منطقيًا في أن المعلم لا يبالي بتأدية واجبه بحجة أنه لا يتقاضى راتبًا كافيًا.
من الأسباب الأخرى الثانوية التي ساعدت إلى قلة الإهتمام بلغتنا العربية وضعفها كثرة الأخطاء الإملائية الضخمة الشائعة التي نتداولها يوميًا على مواقع التواصل الإجتماعي، فكلمات سهلة وبسيطة وليست معقدة ولا تحتاج إلى قواعد أو ضوابط ولكن الكثير يقع في الخطأ متعمدًا أو على حسن نية من مستخدمي هذه التطبيقات، وقد تجدهم من أساتذة الجامعات والمعاهد والمدارس ولكنهم لايجيدون فن هذه المهارات الإملائية.
أن خير من يقوّم اللسان ويبعد عنه هذه الأخطاء اللغوية الكتابية وهذا اللحن الذي طرأ عليها هو الإكثار ثم الإكثار من قراءة وتعلّم القرآن وبكثرة والاستماع إليه، وقراءة الكتب المفيدة، والدخول في مخيمات صيفية تعليمية وتربوية بالإضافة إلى حلقات الذكر بالمساجد، والالتحاق بالتسجيل بالمعاهد والجامعات التي تهتم باللغة العربية الفصحى سوى كنا أطفالًا أو كبارًا.
يقول أحمد شوقي:
إن الذي ملأ اللغات محاسنًا
جعل الجمال وسرهُ في الضادِ