طريق رهوة الفلاح (حمة) بيافع سرار .. الحلم الذي أصبح حقيقة وواقعا ملموسا

كتب -حاتم العمري:

تعكس مشاريع الطرقات في يافع كلد مديرية سرار بمحافظة أبين مدى التلاحم والتعاون والتعاضد في المجتمع اليافعي، فعلى الرغم من كونها مشاريع مكلفة ماديا وتحتاج إلى جهد كبير، بل إن بعضها يحتاج إلى شركات عملاقة وميزانيات ضخمة لتنفيذها، إلا أن عزائم الرجال في يافع كلد هزمت صلابة الجبال، فسخر أبناء منطقة يافع مقدراتهم المادية والبشرية لشق وتعبيد عشرات الطرقات على امتداد يافع بشكل عام، تجسيدا للمقولة(اذا غابت الدولة حضرت يافع).

مشروع طريق (رهوة الفلاح -حمة) البالغ طوله (2كلم) (قطع صخري) واحد من بين عشرات المشاريع الأهلية العملاقة واكبرها في يافع كلد، طريق ملتوية كلافعى تم شقها وتعبيدها وسط سلسلة جبلية منحدرة شديدة الصلابة والوعورة، وبامكانيات شحيحة في البداية على نفقة الأهالي والمغتربين من أبناء المنطقة والداعمين من رجال الخير وأصحاب الأيادي البيضاء داخل الوطن وخارجه، ويمثل هذا المشروع الذي ضل حلم يراود اهالي مناطق حمة بيافع كلد مديرية سرار بمحافظة أبين، منذ مايقارب الاربعة عقود من الزمن الشريان الرئيسي وعصب الحياة بالنسبة لهم كما يمثل نافذة أمل ونقطة تحول تاريخية وعلامة فارقة في تاريخ المنطقة، والذي اصبح قاب (قوسين) أو أدنى من إنجازه وافتتاحه رسميا بعد استكمال أعمال الشق، حيث يعمل على اختصار المسافة إلى النص من نقطة الانطلاق في حبيل (العفردة) من اتجاه حمة ويربطها بالطريق العام المؤدي الى مديريتي سرار ورصد عبر منطقة (قرقر) ويمتاز امتداد الطريق بإنسيابيتة ومرونته، وهو مايجعله الأنسب في السفر وحركة التنقل إلى مديريتي سرار ورصد لأبناء مناطق حمة، ونقل مستلزمات الحياة اليومية وإسعاف مرضاهم بسهولة ويسر دون انقطاع في موسم سقوط الامطار، والأستغناء عن جزء كبير من الطريق الحالية المارة عبر (مضيق امرصد) التي هي عبارة عن مجرى للسيول الجارفة من المرتفعات العليا للمديرية، التي تصب بأتجاه وادي حسان، والتي تؤدي إلى خراب الطريق واختفائها تماما ويستمر الحال لعدة شهور مما يضاعف من حجم المأساة لدى الاهالي، حتى يقوموا باصلاحها بانفسهم إضافة إلى ضيق مساراتها، وكثرة النتوءات والصخور التي تعيق حركة المركبات وأصحاب الدراجات الناريه فيها وتأكل إطارات السيارات بشراهة كما تأكل النار الحطب.

وقد تم الانتهاء من عملية الشق في مشروع الطريق بمرحلته الأخيرة قبل حوالي شهر، بتدخل ودعم من مؤسسة يافع للتنمية إلى جانب مساهمة المجتمع، التي كانت قد دشنت إجراءات العمل في آخر مسار لطريق رهوة الفلاح حمة قبل حوالي أكثر من خمسة أشهر تقريبا استمرارا في مشاريعها لنهضة الطرقات، ضمن ثورة الطرقات التي تقودها المؤسسة والتي تهدف إلى تسريع العمل في مشاريع الطرق وصيانتها والبنية التحتية وإنجاز تلك المشاريع بأقل مدة.

وحاليا أصبحت الطريق جاهزة ولم يتبغى سوى بعض اللمسات الأخيرة وأعمال إنشائية تتوزع بين بناء جدران حماية، وممرات مياه الامطار، وتوسعة بعض الأماكن الضيقة في المسار الأخير من الطريق، بعد أن تجاوز فريق العمل التابع لموسسة يافع للتنمية “عقدة المشروع” المتمثل بآخر نقطة من مسار الطريق بطول “130”مترا الذي يعد المكان الاصعب والأكثر صلابة ووعورة في الطريق التي يشملها المشروع، حيث تمت عملية تفتيت الصخور بواسطة التفجير بسبب الطبيعة القاسية للجبال وصلابة الصخور التي يتم فيها الشق، بعد أن عجز “البوكلين” عن دقها.

الجميل في هذا المشروع أن هناك إنجاز آخر تمثل برصف غرابة (3900متر مربع) من الطريق بالحجر المسطح بتكلفة قدرها (90) الف دولار، بتمويل من الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن، وتنفيذ “مؤسسة أبو حسين العطوي” للمقاولات العامة، تحت إشراف رئيس فريق العمل في المؤسسة”حمود محمد حيدرة العطوي” الذي بذل جهود مضنية من حيث الدقة في العمل وفق المعايير والمواصفات الفنية والهندسية المطلوبة وانجازه خلال الفترة المحددة، بكفاءة واقتدار وبشهادة الجميع، بمستوى ماتم إنجازه من عمل وكذا الجهود الجبارة التي بذلت من قبل مؤسسة أبو حسين العطوي، رغم بعض الصعوبات التي رافقت سير عملية الرصف المنجزه والتي منها بعد مكان المناقيش التي تم منها استخراج وتقطيع الاحجار التي استخدمت في الرصف وكلفتهم الكثير مقارنه بالمبلغ المرصود.

وقد شوهد الأهالي معدات وآليات المشروع وفريق العمل التابع لمؤسسة يافع للتنمية تغادر مكان العمل بعد انجازه ووصوله نقطة النهاية، وسيكون هناك افتتاح رسمي وشعبي كبيرين لهذا المشروع العملاق لم يحدد تاريخه بعد، افتتاح يرتقي الى مستوى الحدث وحجم الإنجاز التاريخي هذا الذي أثلج الصدر ورسم الفرحة على وجوه اهالي منطقة حمة التي تتأخم حدودها مع مديريات خنفر بمحافظة أبين، من اتجاه مناطق شرية، ثم السيلة بالبيضاء، فلودر بسباح، ناهيك عن كونها تشكل المساحة الأكبر بيافع سرار والتي تقع إداريا في نطاقها.

تعظيم سلام لأهالي منطقة حمة الذين هزموا صلابة الجبال ومن خلفهم المغتربين وأصحاب الأيادي البيضاء وكل الداعمين في يافع كلد الذين سطروا اروع الأمثلة في العطاء والبذل وروح التعاون والعمل الخيري، وكان لهم دور كبير في تحريك عجلة شق طريق رهوة الفلاح حمة التي بات أهاليها يدركون اليوم أن أمانيهم بدأت تكبر وتتحقق مع إنجاز مشروعهم الحلم الذي ظل ينتظره الأهالي بمناطق وقرى حمة بفارق الصبر، الشكر والتقدير لكل المسؤولين والقائمين على عمل الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع عدن لجهودهم المبذولة في رصف جزء كبير من هذه الطريق، ومايولوه من دعم وحرص واهتمام تجاه أبناء المديرية، التحية لكل جهد مبذول، تحية لكل من ساهم ولو حتى بالكلمة والنشر التي ساعدت على إنجاز المشروع، ولا أنسى هنا أن أحيي جهود رجل الخير الشيخ أبو أنس صافي الصافي الرجل المثابر وصاحب مبادرات الخير والساعي لها ليل نهار لأحداث الفرق في هذا الحلم.

شكرا بحجم السماء للجنة المشرفة على المشروع التي يرأسها مدير المشروع الأستاذ “علي ناصر الحامدي أبو ناصر”، أحد الرجال الأفاضل في المنطقة الذي وقف على رأس هذا المشروع بهمة وعزيمة وشموخ جبال حمة الرأسيات وبذل جهود جباره حتى تم انجازه، وعمل دون كلل أو ملل وبذل من حر ماله وإشبع عمره مشاوير واعطى هذا المشروع جل وقته واهتمامه، حبا لعمل الخير وخدمة لأبناء منطقته من خلال الإشراف المباشر عن العمل والمتابعة الحثيثة والمستمرة وتحركه الدؤوب للبحث عن مصادر تمويل للمشروع وكذا تذليل كافة الصعوبات والعراقيل التي وقفت عقبة أمام الإنجاز وكانت تبرز هنا وهناك أثناء عملية الشق منذ البداية، حيث كان “أبو ناصر” يرابط لعدة أيام بلياليها وفي ليالي الشتاء القارسة مكان العمل وكان يقدم ويناشد عبر منشوراته في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي التي تدعي إلى بذل المزيد من الجهد والعطاء لاستكمال العمل في المشروع، حتى أنه في كثير من لقاءاته واجتماعاته التي عقدها مع الأهالي بشأن الطريق كان يقول عبارته المشهورة (سنبذل كل غالي ونفيس من أجل إنجاز هذا المشروع حتى لو كلفنا ذلك قوت اولادنا) وبالفعل أضحت عبارته هذه واقعا ملموسا، وأفعاله سبقت اقواله والذي لولاه لما تحقق هذا الحلم وأبصر هذا المشروع النور وبلغ نقطة النهاية، والذي يعد مشروعا استراتيجيا هاما ومسار جديد يخدم أكثر من سبعة الف مواطن هم سكان مناطق وقرى “حمة” الذين تجرعوا العذاب لعقود من الزمن وفرضت عليهم ضروف حياتية صعبة جراء وعورة الطريق، وإخراجهم من دائرة العزلة التي ظل يحتفظ بها قاموس المعاناة خلف الجبال.

انطباعات كثيرة لمسناها وسيل من الثناء على الطريق من قبل المواطنين الذين قالوا بأنها كان حلم يراودهم وأعاد للناس طعم الحياة وخففت عليهم المشقة، وماتناولنا العابر لهذا المشروع إلا من قبيل الإشادة به وتعريف الناس بهذا المنجز العضيم وبمايتحقق هنا بجهود أهلية طوعية، والإشارة إلا أن التكافل والتعاضد يصنع الكثير ويحقق المستحيل.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى