فادي باعوم يكتب: أهلاً بكم في زنجبار، عاصمة أبين..

 

“أهلاً بكم في زنجبار، عاصمة أبين…
أو لنقل مكب النفايات الرسمي للمحافظة!
حيث يمكنك أن تسير في شوارعها وتتساءل: هل هذه مدينة أم منطقة محظورة على النظافة؟
لا أثر للسلطة المحلية، وكأنهم قرروا أخذ إجازة دائمة.
زنجبار، التي كان من المفترض أن تكون واجهة أبين الحضارية، أصبحت مثالًا حيًا للإهمال الذي لا ينافسه شيء.

لكن لا تنسوا، أبين ليست مجرد محافظة فقيرة.
إنها محافظة غنية بالثروات: أراضٍ زراعية واسعة، البحر الذي يعانقها، موارد طبيعية هائلة.
والسؤال البديهي هنا: أين تذهب كل هذه الثروات؟ البحر، الزراعة، المعادن؟
كل شيء يبدو وكأنه يتبخر في جيوب خفية.
أبين تملك كل شيء لتكون في الصدارة، لكن يبدو أن القدر أراد لها أن تُدار بطريقة تجعلنا نشعر وكأننا في فيلم كوميديا سوداء.

ثم تأتي قصة الجبايات!
ويا لها من قصة طريفة.
الجبايات تُفرض وكأنها ضريبة على مجرد المرور في هذه الفوضى.
الأرقام خيالية، ولا أحد يعرف أين تذهب.
ربما تُستخدم في بناء مدن نظيفة على كوكب آخر؟
المسؤولون يعيشون في عوالمهم الخاصة، يرون زنجبار عبر زجاج نوافذ سياراتهم المصفحة، وكأنهم يشاهدون فيلمًا لا علاقة لهم به.

يا كل من يتربع على عرش السلطة من أبين، ألا تشعرون بالخجل؟
أبين، التي قدمت ثوارًا وقادة، تستحق أكثر من هذه الفوضى التي زرعتموها.

والآن لننسَ قليلاً السلطة المحلية، ونتوجه إلى الإعلاميين.
أبين، المحافظة التي لطالما أنجبت القادة والثوار، وأيضًا نخبًا من الإعلاميين الذين لا يترددون في توزيع انتقاداتهم الحادة على كل شيء… إلا محافظتهم!
نعم، الإعلاميون الذين يملأون الشاشات والمنصات، ينتقدون هذا وذاك ، لكن حين يتعلق الأمر بأبين، فجأةً يصابون بالعمى.
أين تلك الأقلام الجريئة وأصواتهم العالية عندما يأتي الحديث عن مدينتهم؟
وكأن زنجبار تحولت إلى منطقة محمية من النقد، منطقة يفضل الإعلاميون تجاهلها تمامًا، وكأن لا شيء يحدث فيها يستحق التغطية!

وأين هم علماء الدين وأئمة المساجد؟
أين دورهم فيما يحدث؟
أليس من واجبهم الوقوف في وجه الظلم والفساد؟
أين هي خطبهم التي يجب أن تدافع عن حقوق الناس؟
لماذا نراهم يركزون على تفاصيل صغيرة هنا وهناك، ويتجاهلون المصائب الكبرى التي تعصف بمدينتهم؟

علماء الدين لديهم منبر قوي يصل إلى كل بيت وكل فرد.
أصواتهم لها تأثير كبير، ولكن أين هذه الأصوات في مواجهة الفساد الذي يلتهم كل شيء؟
لماذا يكتفون بالحديث عن الأمور التقليدية ويغضون الطرف عن الفساد الذي ينهش جسد المحافظة؟
إذا لم يتحدثوا الآن، فمتى سيتحدثون؟
أم أن الكلام عن السرقات الكبرى وعن السلطة الغائبة صار محرّمًا؟

ألا يستشعرون المسؤولية؟
أليست هذه الأوضاع الفاسدة جزءًا من مسؤولياتهم الدينية والأخلاقية؟ أين هو ذلك الصوت الذي يُفترض أن يصدح بالحق أمام الطغيان؟
على أئمة المساجد أن يقفوا موقفًا صريحًا، وأن يواجهوا هذه الكوارث كما يواجهون غيرها من الأمور، فهم ليسوا بمنأى عن كل ما يحدث حولهم.”

لنقول الحقيقة دون خوف أو تردد. الصمت لم يعد خيارًا، والانحياز للحق بات ضرورة.
فإن لم يقف الجميع، علماء الدين والإعلاميين والقيادات الشريفة من أبين، جنبًا إلى جنب في وجه هذا الطغيان والفساد، فالتاريخ لن يرحم، والشعب لن يغفر.
أبين تحتاج لأكثر من مجرد كلمات، تحتاج إلى أفعال، تحتاج إلى قادة حقيقيين يتحملون المسؤولية.
فهل سنرى قريبًا تلك الأصوات ترفع وتصدح بالحق؟
أم سيبقى صدى الفساد أعلى من كل شيء؟
الأيام وحدها ستكشف من كان على حق، ومن يكتفي بالمشاهدة من بعيد.”

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى