عدن سنة 1844م

ترجمة / م . أحمد عبدالله فضل
قراءة سريعة في فصل من كتاب : حقائق وخرافات توضيحية للطابع الشرقي Facts and Fictions, Illustrative of Oriental Character طبع سنة 1844م
بقلم: السيدة بوستان
في هذا الكتاب تحاول الكاتبة استكشاف الشخصية الشرقية من وجهة نظر أوروبية، حيث جمعت بين القصص الخيالية والملاحظات الواقعية التي سجلتها أثناء إقامتها في الهند والسند ومشاهداتها أثناء تنقلها بين الهند وأوروبا, بين 1833 الى 1844م,
الكاتبة هي الرحالة والأديبة ماريان ني ريدجواي Marianne née Ridgway (1811- 1897),المعروفة باسم السيدة بوستان Postans حتى 1844, حيث تزوجت ماريان من الضابط توماس بوستان في الجيش البريطاني، وسافرت برفقته إلى غرب الهند، وانغمست في الثقافة المحلية وأتقنت اللغة الهندستانية. خلال إقامتها هناك، أجرت أبحاثًا مكثفة استخدمتها لاحقًا في كتاباتها, نشرت كتابها الأول سنة 1839م بعنوان “كوتش؛ أو لمحات عشوائية”، والذي استند إلى تجاربها في منطقة كوتش في غرب الهند., وفي نفس العام، أصدرت كتاب “غرب الهند في عام 1838″، وهو مكوّن من مجلدين يغطي مشاهداتها في مناطق أوسع، بما في ذلك مدينة بومباي, بعد خمس سنوات ، ألفت كتابها “حقائق وخرافات توضيحية للطابع الشرقي”، وهو سلسلة مكونة من ثلاثة مجلدات، نُشرت عام 1844 , وهو موضع هذا المنشور, بعد وفاة زوجها عام 1844، عادت ماريان إلى بريطانيا، ثم تزوجت مرة أخرى وأصبحت تُعرف باسم ماريان يونغ Young,
امتازت كتاباتها بمزيج من السرد الأدبي الخفيف والأبحاث الدقيقة، وأحيانا مزودة برسومات من إبداعها الشخصي، مما أتاح للقراء فرصة التعرف على الأساطير والتقاليد والحياة اليومية في المناطق التي زارتها.
ربما هي غير معروفة في ادبيات الرحالة للجزيرة العربية, لأن كتاباتها أكثرها عن الهند, لكن في هذا الكتاب تحدثت عن رحلة العودة التي مرت خلالها من عدن و المخا وجدة,
من كتابها أنقل مختصر ما كتبته في الفصل التاسع من المجلد الثالث بعنوان:
مميزات عدن وعبور البحر الأحمر
تحدثت في هذا الفصل عن موقع عدن وأهميتها حيث قالت موقع عدن يمنحها أهمية كبيرة على المستوى العالمي، لأنها تقع على الطريق المؤدي إلى الشرق، مما يجعلها محط اهتمام الكثير من المسافرين والتجار. وقد زارت عدن عدة مرات, وتحدثت عن التقدم التجاري والعمراني مقارنة بالزيارة الأولى التي كانت في سبتمبر سنة 1839م, وكانت دائما تشكوا من الطرق الوعرة بين المرسى وعدن , لكن عدن أبهرتها بجمالها حيث قالت انه لا يمكن تذكرها دون الشعور بالمتعة والاهتمام. ودائما تجدها في تطور مستمر وأخر الأخبار دائما عن عدن لأنها مدينة تتغير بسرعة كبيرة,
ومن التطورات التي لاحظتها بناء منزل الوكيل السياسي بالقرب من الميناء ووجود فندق جديد قيد الإنشاء، يشرف عليه تاجر بارسي و أن هذا الفندق سيصبح إضافة مهمة للمدينة، نظرًا لمعاناة الركاب من سوء الظروف على متن السفن أثناء عملية التزويد بالفحم، حيث ينتشر غبار الفحم في كل مكان، حتى على وجوه الركاب وملابسهم.
ووصفت الجمال الطبيعي التي رأته, ووسائل المواصلات من عربات وحمير وجمال, والتجارة ومقارنتها بالمخا التي تجارتها مزدهرة أكثر من عدن , وجدة التي بسبب أهميتها كونها ميناء الأراضي المقدسة مزدهرة أكثر من المخا وعدن,
وتحدثت عن التحصينات ولأن سنة 1844 كانت فيها المقاومة العربية متواجدة ومعسكرة خلف التحصينات, وصفت محاولات العرب لتحرير عدن بعديمة الجدوى, حيث قالت:
إنها حرب غريبة تلك التي يخوضها العرب؛ وإذا أُتيحت الفرصة، فمن الأفضل للزائر في عدن أن يصعد أحد التلال المقابلة للمعسكر ليحصل على رؤية بانورامية مثالية للمضيق الذي يربط المدينة بالبر الرئيسي عند انحسار المد، وليرى أيضًا مواقع المراقبة المنتشرة بعشوائية، والتي يحرسها الجنود البريطانيين, من هذا الموقع، يمكن رؤية الصخور، الرمال، والزوايا الوعرة البارزة، حيث كان العرب يتنقلون في مجموعات صغيرة من اثنين أو ثلاثة أفراد، يتسلقون منحدرات تكاد تكون مستحيلة حتى على الماعز الجبلي، ثم يخوضون في الرمال الموحلة، وأحيانًا يتخفون خلف التلال الصخرية لتجنب أنظار الحراس, ثم، يضعوا سيوفهم واسلحتهم بين أسنانهم، ويسبحون بقوة ضد التيار، ويتقدموا على الرغم من وجود الجنود والمراقبين و الحراسة المشددة، ظل أعداؤنا العرب يتسللون تدريجيًا، مستفيدين من خبرتهم في التضاريس و شجاعتهم والطبيعة الجغرافية التي يعرفونها جيدًا, وهكذا كانوا يتجمعون شيئا فشيئا في مجموعات صغيرة مختبئة بمهارة، حتى تحين اللحظة المحددة، وعندها، يطلقون صرخات بربرية متوحشة، وينقضون بلا خوف على التحصينات، ويختبروا صلابة الفولاذ البريطاني.
وقالت: عدن تتمتع بجمال طبيعي مدهش، فشواطئها تتميز بالمياه الزرقاء الصافية، والصخور الشاهقة، وأصداف البحر النادرة، والنباتات البحرية الفريدة. لذلك، يُنصح المسافرون بالنزول إلى الشاطئ واستكشاف المكان، سواء كانوا مهتمين بالرسم أو الجيولوجيا أو الطبيعة.
وتحدثت عن السكان الذي كان عددهم 4 آلاف نسمة واشارت انه على الرغم من الاختلافات الدينية، فإن التسامح يسود بين سكان عدن، حيث يجتمع المسلمون واليهود والوثنيون في المقاهي، يتبادلون الأحاديث التجارية بكل ود.
ومن عدن توجهت للمخا وجدة ومنها للسويس, لم تكن قناة السويس موجودة سنة 1844م, لذلك قطعت الطريق عبر سيناء الى القاهرة, ومنها للإسكندرية وابحرت الى إيطاليا’ وطبعا تحدثت عن هذه المدن والمناطق.