نجوم في زمن الجحود

 

 

كتب دـ مهدي دبان

تتجلى قصة “نجوم في زمن الجحود” في ملامح الألم والعطاء غير المشروط، حيث ينطبق هذا السرد على أولئك الرياضيين الذين قدموا احلى سنوات حياتهم قربانا في سبيل إسعاد الجماهير، دون انتظار مقابل يذكر، وبلا توقف عن تقديم الفداء والوفاء للوطن. لقد كان اللاعبون رموزا للنضال والتحدي، حيث تناقلت الألسنة أسماؤهم في المدرجات، وارتفعت الهتافات باسمهم في كل زوايا الملاعب التي رغم بساطتها وظروفها الصعبة استطاعت أن تشهد لملحمة بطولات يخلدها التاريخ على مر العصور.
على الرغم من عظمة ما قدموه، بقيت مسيراتهم تتصارع مع واقع مرير يتمثل في التهميش والنسيان، إذ أسدل الزمن ستاره على فترات الإشادة، ثم تلاشت أخبارهم أو اقتصرت على ذكر وفاتهم المفاجئة، تاركة وراءها فجوة مؤلمة بين ما قدموه من تضحية و إبداع وبين ما نالوه من تقدير حقيقي بعد انتهاء حقبتهم في الملاعب. كان العطاء الذي قدموه بمثابة نبض الحياة في وقت كانت فيه الملاعب بمثابة ساحات للحلم والأمل، رغم أن ظروفها أقرب أحيانا إلى ميادين سباقات الخيل، حيث الصعوبة تقاس برصيد العرق المتدفق وروح المثابرة التي لم تضعف أمام قسوة الواقع.
إن سطوة هذا النسيان لم تكن مجرد كارثة في حق من كان لهم دور في رسم بسمة الفرح على وجوه الملايين بل جريمة مكتملة الأركان . ففي حين كانت تلك الشخصيات بمثابة نجوما تتلألأ في عبق الماضي الجميل و الحضاري، أضحت كظل خافت، في ظروف مجحفة انهكت أولئك الأبطال الذين لم يكفوا عن العطاء رغم كل العقبات، مما جعل قصصهم تتلاشى تدريجيًا في زوايا الذاكرة الجماهيرية دون اعتبار أو متابعة تليق بمستوى تضحياتهم.

إنه واقع يدعو إلى وقفة تأمل وإعادة تفكير جادة حول كيفية حماية إرث الأبطال الذين صنعوا الفارق في ميادين العز والكرامة. فليس من الصواب أن نسكت عن الآثار التي تركها هؤلاء اللاعبين في النفوس، أو أن ندع قصصهم تنقضي دون أن نستلهم منها دروس الوفاء والإخلاص. يبقى السؤال المُطرح هو: كيف نعيد للأبطال مكانتهم في الذاكرة الجماهيرية؟ وكيف نضمن ألا تحولت تلك التضحية إلى مجرد حادثة من حكايات النسيان؟ ربما تكون الإجابة في استمرارية الاعتراف بماضيهم العريق وإنشاء أنظمة دعم تبقي نبض إنجازاتهم حيًا في قلوب الرياضيين الحاليين والمستقبليين.

في نهاية المطاف، تبقى قصة “نجوم في زمن الجحود” قصة مأساوية تحمل في طياتها معاني كبيرة، فهي تذكرنا بأن الرياضة ليست مجرد مباريات تُلعب، بل هي سرد للتضحيات والأحلام، وعبرة عن مدى قوة العلاقة بين الأبطال والمجتمع الذي ينشد تقدير كل قطرة من عرقهم. وإن إدراك هذا الواقع قد يكون الخطوة الأولى نحو بناء واقع يُكرم فيه أولئك الذين لم يتوانوا يومًا عن المساهمة في رسم بسمة الوطن رغم كل الظروف.

ملحوظة:
الصور مثال لا الحصر

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى