أخطاء قاتلة في إدارة مياه الري

كتب : م. عبدالقادر خضر السميطي
تُعد إدارة مياه الري عاملًا حاسمًا يحدد نجاح الموسم الزراعي أو فشله، إلا أن بعض الممارسات التي يراها البعض بسيطة أو “طبيعية” قد تتحول إلى أخطاء كارثية تجرّ خلفها خسائر كبيرة لا يعوّضها جهد ولا مال. ومن أبرز هذه الأخطاء استخدام مياه الغيول أو الآبار في توقيت غير مناسب، دون الالتزام ببرنامج دقيق لعمليات الري منذ بداية نمو المحصول وحتى مرحلة ما قبل الحصاد، مع مراعاة نوع التربة والجو واحتياجات النبات.
—
خطأ يتكرر… ومواسم تضيع
لا يزال بعض المزارعين يظنون أن زيادة مياه الري تعني زيادة الإنتاج، بينما الحقيقة تؤكد أن النباتات حساسة جدًا لأي زيادة عن حاجتها. فالإفراط في الماء يؤدي إلى:
اختناق الجذور
تلف المحصول جزئيًا أو كليًا
تراجع جودة الحبوب أو الثمار
تأخر النضج أو فساد كامل للإنتاج
وفي النهاية… تكون الخسارة موسمًا كاملًا بلا فائدة.
—
قصة من قلب الميدان
قبل فترة، هطلت أمطار غزيرة على دلتا أبين. وأثناء جولة ميدانية في المزارع المتضررة شاهدنا مشهدًا مؤسفًا:
مزارع يشغّل منظومته الشمسية لري أرضه التي كانت أصلًا غارقة بمياه الأمطار!
سألناه:
“مالك يا عم علي؟ ليش تسقي والأرض مشبعة بالماء؟”
فأجاب بثقة:
“اليوم دوري في البئر… ولازم أسقي!”
تخيلوا…
يغرق مزرعته فقط لأنه “جاء دوره”، دون أن يسأل نفسه:
هل التربة بحاجة إلى الماء؟
هل هذا الري يخدم المحصول أم يدمّره؟
هذه ليست حادثة عابرة، بل واقع يتكرر، وثمنه يدفعه المزارعون من جيوبهم وتعبهم.
—
عزيزي المزارع… هذه نصيحتي لك مجانًا
اسقِ نباتاتك بقدر معقول… فالنبات كائن حي يمكن أن يختنق ويموت.
لا تجعل “الدور في البئر” أهم من حاجة الأرض الحقيقية للماء.
لا تضيع جهد موسم كامل بسبب قرار غير محسوب.
افحص رطوبة التربة دائمًا، ودعها هي التي تحدد قرارك… لا العادة ولا كلام الناس.
—
أخيرًا…
إدارة الري علم وفن، والخبرة الحقيقية ليست في كثرة الماء، بل في وضعه في الوقت المناسب وبالكمية المناسبة.
دعونا نحافظ على محاصيلنا، ونتعلم من أخطاء الماضي… فالأرض أمانة، ومن يضيعها يخسر الخير.
عبدالقادر السميطي
أبين ميديا








