الأقمار الصناعية تكشف… العالم يشهد فظائع السودان مباشرة

أبين ميديا/ متابعات
تشهد الحرب الأهلية في السودان تحولاً في أساليب توثيق الجرائم، مع تزايد الاعتماد على الأدلة الرقمية وصور الأقمار الصناعية لمراقبة الفظائع ضد المدنيين، خصوصاً بعد سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع.
ويتيح هذا التحول للعدالة الانتقال من الاعتماد على شهادات الناجين والمعاينات الميدانية البطيئة، إلى واقع تصبح فيه الجرائم مرئية فورياً من الجو، ومؤرشفة رقمياً قبل وصول أي محقق إلى الموقع. أدوات مثل صور الأقمار الصناعية وبيانات تحديد المواقع وتحليل المصادر المفتوحة توفر سرعة ودقة أكبر في رصد الفظائع، مقارنة بما شهدته مجازر البوسنة ورواندا.
وأظهرت صور وتحليلات مختبر ييل للبحوث الإنسانية وجود اضطرابات في التربة قرب مستشفى للأطفال السابق تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ما يشير إلى مقابر جماعية محتملة. ووصفت تقارير أممية ما حدث في دارفور بأنه “مسرح جريمة”، بينما اعتبرت الخارجية الأميركية الأعمال “إبادة جماعية”.
ويشير المحللون إلى أن الجناة أنفسهم يسهمون في بناء الأدلة عبر تصوير ونشر عمليات القتل، ما يسهّل توثيق الجرائم وربطها بالأماكن والمسؤولين الميدانيين. هذا الدمج بين الشهادات البشرية والتحليل الرقمي يجعل طمس الأدلة أكثر صعوبة، ويسمح بمتابعة الجرائم أثناء حدوثها.
كما توسع استخدام الاستخبارات مفتوحة المصدر في مناطق نزاع أخرى مثل سوريا وأوكرانيا وميانمار، حيث توفر أدوات مثل مشروع “الحساب” ومنظمات صحافية كبرى ملفات قابلة للاستخدام أمام المحاكم الدولية، مع تدريب الصحافيين والمحامين على تقنيات التوثيق الرقمي.
رغم ذلك، تحذر الخبراء من أن التكنولوجيا تكشف الجرائم لكنها لا تضمن محاكمة مرتكبيها، وتبقى الكثير من الفظائع بلا مساءلة حقيقية، بينما تصبح الأدلة الرقمية أداة قد تنقذ الأرواح إذا تحرك المجتمع الدولي.
وتختم التحليلات بالتأكيد على أن قضية الفاشر تمثل لحظة مفصلية في الحرب السودانية، حيث باتت الفظائع موثقة بدقة عالية، والتحدي الآن هو تحويل هذه الأدلة إلى مسار عدالة فعلي، لا مجرد ملفات معلّقة على الرفوف الدولية.








