حضرموت فجر وُلد من خاصرة الصبر

بقلم / مـاهــر الــعــبــادي ابـو رحـيـل

 

حضرموت لم تكن يوماً أرضاً عابرة في خارطة الزمن، بل كانت دائماً صفحة ناصعة في سجل المجد، تنتظر فقط اللحظة التي يُنفض عنها غبار القهر، لتعود كما خلقت شامخة كالنخيل، هادئة كالصحراء، عميقة كالبحر.

وحين تمددت على ترابها أيادي العبث، لم تنحنِ، ولم تسلم روحها للريح، بل صبرت… والصبر في حضرموت ليس ضعفاً، بل حكمة تتقن انتظار الفجر.

كانت تعرف أن الليل مهما طال، لا بد أن يخون الظلام نفسه أمام صدق الضوء.

جاءت عصابات الشمال لا تحمل سوى الفوضى، ولا تعرف من الأرض إلا ما يُنهب، ولا من الإنسان إلا ما يُستَغل حاولوا أن يسرقوا الاسم، أن يطمسوا التاريخ، أن يجعلوا من الطهر ساحةً للعبث لكنهم لم يدركوا أنهم دخلوا أرضاً لا تخضع، وأرضاً إذا صمتت فإنما تجمع عاصفتها في أعماقها.

حضرموت لم تصرخ كثيراً… لكنها حين قررت الكلام، تكلمت بلغة الأرض والزمن معاً نهض أبناؤها من تحت ركام الظلم كما تنهض السنابل بعد الحريق، وتقدّموا بخطى ثابتة مع ابطال قواتنا المسلحة الجنوبية، لا يحملهم الغضب وحده، بل يحملهم الحق، وما أثقل الحق حين يُستَعاد.

وفي لحظةٍ بدت وكأنها تُكتب من نور انسحبت غربان الفوضى، وتراجع دخان العبث، وبقيت حضرموت واقفة، كما كانت دائماً أطول من الخوف، وأثبت من المؤامرات.

تحررت حضرموت… لا لأن السلاح تكلم، بل لأن الإرادة سبقت الرصاصة، ولأن الأرض قررت أن تعود إلى أصحابها. تحررت حين قالت: «كفى»، فسمعَت السماءُ صدقها، وانحنى الزيف.

اليوم، تمشي حضرموت أخف روحاً، أصفى وجهاً، كأنما اغتسلت من شوائب الليل. تفتح نوافذها للشمس دون وجل، وتزرع الأمل في الطرقات بدل الحواجز، وتعلّم أبناءها أن الحرية لا تُوهب، بل تنتزع بوعي وشرف.

حضرموت اليوم ليست مجرد مدينة تحررت، بل فكرة انتصرت، ورسالة تقول لكل أرض أثقلها الظلم إن الصبر ليس نسياناً، وإن الحق مهما تأخر، يصل.

سلامٌ لابطال قواتنا المسلحة الجنوبية

سلامٌ على حضرموت حين صبرت،

وسلامٌ عليها حين انتصرت،

وسلامٌ على أبنائها الذين كتبوا الحرية دون أن يلوثوا معناها.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى