مدينة تريم بحضرموت .. روحانيات تترك أثرها في نفوس الصغار قبل الكبار
أبين ميديا /تقرير محمد عبدالوهاب التوي
تعد مدينة تريم بيئة روحانية باهرة لاتوجد في أي مدينة غيرها كيف لا وهي بلد علم ونور وصلاح وروحانية ، وإن الداخل إليها يشعر بالسكينة والطمأنينة وكان لكل ذلك هذا الأثر في أولئك الذين يبحثون عن الطمأنينة ويأتون إلى تريم للتزود بتلك الروحانية والسكينة ، وبذلك تتميّز مدينة تريم الغناء خلال ايام وليالي شهر رمضان المبارك في كل عام عن مختلف مدن وقرى حضرموت الوادي والصحراء من خلال العديد من العادات والتقاليد التي توارثتها الأجيال منذ القدم وبقي غالبيتها المحافظة عليها سوى في الجانب الديني أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو الموروث الشعبي وهي عادات وتقاليد مصاحبة خلال الشهر الفضيل لا سيما ألعاب الأطفال .
حيث يعيش أهالي مدينة تريم خلال أيام شهر رمضان المبارك طقوس معينة وعادات وتقاليد متداولة تميزها عن غيرها من المدن والقرى الأخرى بوادي حضرموت ، وتمتزج هذه الطقوس بفرحة الأطفال والأهالي لما فيها من روحانيه بالقلب ولما تخلفه من مشاعر البهجة والسرور على وجوه كافة شرائح المجتمع بمدينة تريم.
إحياء بيوت الله
تشهد مدينة تريم خلال شهر رمضان المبارك ومنذ اليوم الاول في غالبية مساجد المدينة تقام صلاة التراويح منها أول الليل والبعض آخر الليل فيما عدد من المساجد يقام فيها أيضا صلاة التهجد والقيام ( التسبيح والوتر ) وفي العشر الأواخر تشهد عدد من المساجد والجوامع بالمدينة اعتكاف الكثير من الشباب ومن مختلف الأعمار إتباعا لسنة المصطفى صل الله عليه وسلم في الأكثار من قراءة القرآن وصلاة القيام خلال تلك الأيام المباركة.
عادات وتقاليد تميّز تريم
تتميّز مدينة تريم بعادات وتقاليد رمضانية لا زال أهالي المدينة يحيوها منذ القدم الى الوقت الراهن ومن أبرز هذه العادات المسحراتي وهي يتوزع عددٍ من شباب المدينة على حاراتها ويقوموا بأيفاعهم المشهور بترديدهم ذكر الله ومن بعده المناداة بإسم قبيلة كل بيت الذي يطرق مسامع كل أسرة بهدف إيقاظهم للسحور وأيضا من العادات الطبول بالطاسه وهي آلة ايقاعية عليها أعواد من الخيزران يتم بهم الطبل لإيقاظ الأسر وتعريفهم بوقت السحور أيضا وهي آلة إيقاعية شبيهة التي يتم استخدامها في رقصة البرع في شمال اليمن ، كما لفتيات المدينة عادات وتقاليد تتم في ختائم المساجد وتأتي بتجمعهن على شكل مجموعات في كل حافة ويطوفين على كل بيت في الحافة مرددات بعض الاهازيج الجميلة ولكل بيت خاصية بالأهازيج على سبيل المثال ( شي شي ولا ماشي .. هاتو الختامة الجديدة ولا كسرنا الحديدة) وأيضاً اذا وجد شاب بالبيت لم يتزوج بعد يأخذن أسمه من نساء البيت ويرددن ( محمد بغاناله عروس لي وجهها كما المنظرة ) ويتم توزيع عليهن الشوكلاته والمكسرات والبسكويت والبفك حيث كان قديماً يتم توزيع السمسم والبُن والكبابيس ( نواة حبة شجرة السدر) وهي لا زالت هذه العادات موروث شعبي في المدينة إلى الوقت الراهن.
احتفالات ختائم المساجد
تشهد مدينة تريم في شهر رمضان المبارك احتفال مايقارب 60 مسجداً منذ اليوم الرابع أي الليلة الخامسة من شهر رمضان إنطلاقة ختائم المساجد في جميع أحياء المدينة في الليالي الوترية وتنتهي في ليلة 29 من الشهر ، ويقام خلالها ختم قراءة القرآن بعد صلاة التراويح في كل مسجد والابتهال بالأدعية والأذكار حتى طلوع الفجر ، بالإضافة تقام هناك أسواق شعبية في ساحة المسجد ليلة ختمه كما يقوم أهالي البيوت المطلة على المسجد في حافته بإقامة وليمة الأفطار والعشاء يدعوا فيها الأهل والأقارب من الأحياء والمناطق الاخرى في ليلة هذا الختم وهي عادة مستمرة إلى يومنا هذا.
وتأتي ليالي الختائم من أبرز تلك الفعاليات التي تربط ماضي المدينة بحاضرها ، فترى أمام ناظريك الشيوخ والرجال والشباب والأطفال في مدينة تريم أسرة واحدة وهم يحتفلون بمناسبة عظيمة ينتظرونها كل عام بشوق لإحياء هذه المناسبات الفرائحية خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك والتي يلتئم خلالها شمل الأسرة في ما يسمى «ليالي ختائم مساجد مناطق المدينة».
مباركة الأهالي بالشهر الفضيل ( المشاهرة )
وتأتي المشاهرة في ختائم مساجد مناطق المدينة حيث يقوم الأقارب والأهالي والأصحاب بالقدوم إلى بيوت أهالي الحافة التي فيها ختم المسجد وتتم مشاهرتهم ومباركتهم بالشهر الفضيل كقولهم ( شهر مبارك ويردو عليهم أهل البيت شهر البرك ) ويتم تقديم الحنظل والمكسرات والشاي البخاري وكافة أنواع الشاي الأخضر والزنجبيل والحومر والفالتين للضيوف المشاهرة.
رمضان في عيون أطفال مدينة تريم
عادة يقوم أطفال مدينة تريم في شهر رمضان ببعض الألعاب والأناشيد كما أنهم يزاولون بعض الألعاب كالكيرم والضمنة والكعارير وأوراق التُرُب ( ورق الطرنيب أو ورق الكروت) ، كما أن هناك تواشيح خاصة بالصغار يقومون بها بعد صلاة العصر هذا من خلال تجمعهم في ساحة المساجد حيث ينشدون أغانيهم التي يتغنون فيها ولم يكونوا صائمين وهناك توشيحات تقوم بها البنات الصغار مثل قولهن ( يابخت الصائم يا ليتني صائمة) ويتغنين هذه الأغاني إلى ذلك يعملن إيقاعات بالأحجار كون الطبول لا تدق في نهار رمضان.
كما يحظى الأطفال بفرحة الليالي الوترية عبر الذهاب إلى ساحات المسجد المقام فيه الختم لشراء الحلويات والهدايا والألعاب متزينين بالملابس الجميلة.
تقديم المساعدات الخيرية
تقوم العديد من الجمعيات والمؤسسات الخيرية بمدينة تريم بتوزيع السلال الغذائية والتمور ومبالغ رمزية بالإضافة إلى توزيع اللحوم على بعض الأسر المحتاجة والأشد احتجاجا اغتنماً لفضيلة هذا الشهر المبارك.
الحركة التجارية بأسواق المدينة
تشهد أسواق مدينة تريم عصر كل يوم بشهر رمضان ببيع مختلف أنواع الطعام من لحوم وخضار ومعجنات وغيرها من الأكلات المألوفة والمتوارثة في كل بيت مما تلاحظ هذه الأسواق تقتض بالازدحام الغير اعتيادي من قِبل المواطنين ، لاسيما نشاط الحركة التجارية على محلات المواد الغذائية لشراء احتياجات المنزل في مطلع الشهر الفضيل ، ومحلات الملابس لشراء ملابس واحتياجات العيد إضافة الى إغلاق مداخل سوق النساء بالحواجز الاسمنتية لمنع دخول المركبات مع تواجد حراسات أمنية لمنع دخول الرجال بدون العوائل ، فيما تنشط الحركة التجارية أيضاً في المطاعم ذات الوجبات الشعبية الخفيفة في المساء وباعة العصائر الطازجة والمثلجات بأنواعها ، إضافة إلى نشاط سوق الخضار والفواكه بالمدينة يكون أكثر نشاطاً تجارياً.