منبر الصحافة…

 

 

 

 

 

 

 

يتبادر

إلى الاذهان، أن هناك تناقضاً، في هذا العنوان، اذ كيف يمكن ان تكون الصحافة علماً وفناً، في وقت واحد، فالعلم يتناول موضوعات خاصة بقوانين علمية محددة، بينما الفن لا يخضع لقوانيين محددة، بل يخضع للإبداع الفردي، أو بمعنى آخر إن العلم موضوعي، والفن ذاتي.

فهذا الموضوع مثار جدل كبير، فالبعض يرى أن الصحافة فن، والراغب في العمل فيها لابد ان يكون موهوباً، وان الصحفي يولد، وفي يده القلم، وفي رأسه الفكرة، على حد تعبير بعضهم.

بينما يؤكد آخرون أن الصحافة مهنة، كسائر المهن في المجتمع، تحتاج إلى تحتاج إلى استعداد طبيعي، ولكنها كأي مهنة، لها مكونات ثلاثة، وهي: المعارف والمهارات والقيم، التي يمكن اكتسابها، وتطويرها، تعليمياً وتدريبياً.

فالذين يقولون إن الصحافة فن يرون: أن الصحافة استعداد طبيعي، قبل كل شيء، ولكي يكون الانسان صحفياً وجب عليه أن يستجيب للنداء، الصادر من أعماقه، ان تتوفر فيه الموهبة، والرقبة الملحة في ملاحظة الحياة والناس.

وعلى الجانب الآخر هناك من يقول بصرورة الدراسة والتجربة، مثل جوزيف بولتيرز الصحفي، المجري الاصل، الذي اصبح ناشر النيويورك ورلد، ورئيس تحريرها، في أوائل القرن العشرين فمن رأيه”أن كل ذكاء في جاجة إلى من يتعده.

ويشير بولتيتزر كذلك، ألى أنالصحفيين الذين لم يؤهلوا، انما يتعلمون مهنتهم. على حساب الجمهور، ويضيف قائلاً: لا يكفي أن يكون صحفي الغد متعلماً، تعليماً جامعياً علماً، بل لا بد من إعداده لمهتته الجديدة، إعداداً خاصاً.

ويجيب بوليتزر على الذين يدعون أن الصحافة، في ذاتها، ليست مادة يمكن تظريسها، بأنه: كلما قطع المعترضون بأن هناك اشياء لا يمكن تدريسها، برهنوا على ضرورة ما يمكن تدريسه.

فأن المدرسة تكمل ولا توجد، وان كنا نحكم على قيمة التعليم من قدرته على إخراج صفات عقلية من العدم، فانه لا يكون أمام معاهد التعليم، من رياض الأطفال ألى الجامعة ألاان نغلق أبوابها، فيتعطل جميع المشتغلين بالتعليم.

وهناك من يقول: أذا كان لابد للجامعات من أن يكون لها دور معلوم، في التدريب المهني للصحفيين، فليكن ذلك على المستوى فوق الجامعي، ومن أصحاب هذا الرأي توم هولكنيسون، الذي عمل رئيساً لتحرير صحيفة بيكتشريوست، من 1940 إلى 1950م واصبح فيما بعد مديراً لمركز الدراسات الصحفية، في جامعة كارديف البريطانية.

فأول محاولات جرت، في ميدان التعليم الصحفي، في داخل “واشنطون كوليج” عام 1869م وبعد سنوات قلائل، درست مادة صف الحروف والاختزال، وكان يقوم بتدريس الماداين، رئيس تحرير جريدة لكسنفتي جازيت.

وكان الطلبة يعملون في تحرير المواد، واعمال المطبعة، وبعد ذلك غزت فكرة تدريس الصحافة كثيراً من العقول، وانتشرت في انحاء الولايات المتحدة، على الرغم من أن الصحافة كانت في أطوارها الأولى.

فكان لكل واحد من القائمين على هذه الدراسة، طريقته الخاصة في التدريس، وتضمنت مناهج الدراسة: تاريخ الصحافة وإصدار الصحف، وقانون القذف والإدارة، ومحلضرات عن أهم القضايا العالمية في الداخل والخارج ودراسات تطبيقية في التحرير وانواعه، الى جانب المحاضرات العلمية، وكان يلقيها ارباب هذه المهنة.

اما في اوروبا فكانت الصحافة هي مهنة الأدباء ثم بدأت الموضوعات الصحفية تهتم بالنواحي الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية، ولم تهتم في بادىء الأمر بالنواحي الفنية والعلمية.

فلما اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى، ظهرت أهمية الصحافة في نشر الاخبار، مما دعا إلى الأهتمام بمناهج التدريس على أسس مختلفة.

فاهتمت كل من المانيا والنرويج وبولونيا، باجراء دراسات خاصة لهذه المهنة، ثم بدأت هذه الدراسات تحتل أمكنة لها في الجامعات، خاصة في المانيا في السنوات الاخيرة، بين الحربين العالميتين، واصبحت تدرس الصحافة بانتظام في السنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية في كثير من جامعات أوروبا.

ويلاحظ ان بريطانيا على خلاف ما هو متبع، في الولايات المتحدة الامريكية وروسيا، لا تميل كثيرا ألى انشاء كليات جامعية للدراسات الصحفية، أو الإعلامية، لكنها مع ذلك من الدول التي تهتم بالتدريب المهني للصحفيين.

فقد تضافرت جهود جميع المنظمات الصحفية فيها على تحقيق مشروع قومي للتدريب هو المجلس القومي لتدريب الصحفيين، وهذا المعهد او المجلس لا يقبل التدريب فيه إلا أولئك الذين يعملون في الصحافة بالفعل، ومن اراد ابالتحاق به ان يبرهن على قظرته الصحفية بشكل عملي أولا، وقبل كل شيء.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى