كن جنوبيًا وغلّب مصلحة الوطن على مصالح حزبك.

كتب / خالد شرفان

تشهد المنطقة العربية في العقد الحالي تغيرات جمّة غيرت من وجه ونمط وخارطة الحياة السياسية، وعاشت تطورات سرّعت أيضًا من حلحلت الركود، وكشفت زيف بعض الثوابت التي كنا نعدها وطنية ولا يجب المساس بها، وقد نتغير نحن فيها وهي لا تتغير أو تتزحزح أو تزول قيد أنملة كوحدة “الفيد” بين شطري اليمن مثلًا.

لقد خاض الجنوب العربي صراعات سياسية وتضحيات دامية مع جيرانه الشماليين لرفع الضيم وكسر القهر والذل، فأنشأ حراكًا سلميًا في 2007م والخروج عن المألوف المقدّس “الوحدة أو الموت” والطاعة العمياء المطلقة، قدّم فيها كل غالي ونفيس فداء وغربانًا لأجل تراب الوطن الجنوبي الغالي، كانت تلك التضحيات أرهاصًا نحو تحقيق الهدف السامي المنشود (تنمية بشرية، عدالة اجتماعية، أمن وطني، مساواة، وحرية الرأي والتعبير…ألخ ) حتى جاء هذا اليوم في 2017 وتم فيه الإشهار والإعلان عن مكون سياسي جنوبي خرج من رحم المعاناة حاملًا على عاتقه مسؤولية كبيرة ومهام جسيمة، انفرد طواعية ليحمل الهم الجنوبي وتحقيق الحلم والطموح والتحرير معًا.

غاب البعض وتغيبوا ولم يحضروا في شرف صناعة المشهد السياسي الجنوبي الذي دعا له المجلس الانتقالي الجنوبي ورئيسه عيدروس الزبيدي والمشاركة في مؤتمر حوار وطني مفتوح وطرح روؤاهم ومقترحاتهم وتطلعات الشعب الجنوبي بكافة أشكاله وصوره لمناقشة آلامه وآماله في غالب وطني وشعار “عاش الجنوب”.
حقيقة ولا أبالغ في قدرة واستطاعة المجلس الانتقالي الجنوبي دوليًا في إقناع وعرض وشرح وتبيان قضيتنا الأولى للمجتمع الدولي ولمحيطه العربي بطريقة محترفة يُحترم عليها، أما داخليًا فقد عمل على وضع خطط واستراتيجيات لتوحيد الآراء وتقريب وجهات النظر وردم الهوة وترتيب الصف الجنوبي من الداخل حرصًا منه وإيمانًا مطلق بأن أولى خطوات العمل الناجع تبدأ من داخل البيت الجنوبي، فأجرى الحوارات والنقاشات “المحلية” الجادة للأحزاب والمكونات السياسية في البلاد وخارجها، فعمد على ترتيب وإقامة اللقاءات والحوارات والمؤتمرات والندوات وورش العمل وملحقاتها وكان آخرها الحوار الوطني الجنوبي الشامل المقام حاليًا في عدن من 4/7مايو لصياغة “ميثاق شرف” جنوبي خالص وبناء أرضية صُلبة تتسع للجميع بعد اتفاق الجميع.

يتحتم على جميع الأطراف والأحزاب الحضور وتقديم التنازلات حتى وأن كانوا يروها مؤلمة ولا يصابوا بتأنيب ضمير طالما كانت تصب في خدمة الوطن والمجتمع الجنوبي ككل فالجنوب سفينة وأي أنانية أو نرجسية من البعض ستغرق وسنغرق معها جميعًا، فالشعب قد ذاق مرارة العيش وقساوة المراحل الاقتصادية على مدى أكثر من ثلاثة عقود وذاق ماذاق من الحرمان المتعمد والتهميش والاقصاء من النظام البائد والمتجدد، فعلى مدى ثلاثون عامًا لم يتحسس الأمن والأمان ولا الإيمان وكأننا نعيش في قانون ألغاب القوي منهم يأكل الضعيف منا والكبير الصغير وهكذا.

الجنوب يتسع للكل وكل الآراء والأفكار مسموح بطرحها، وأنت بمقاطعتك أوعدم حضورك متعمدًا في أفشال هذا اللقاء التشاوري قد حشرت نفسك في دائرة المساءلة والمحاسبة والتحقيق مع ضميرك اولًا ومع الأجيال القادمة على تقصيرك وتهاونك في حجب تواجدك وتحمّل المسؤولية الوطنية وتدخل في نوبة تأنيب ضمير لا تغفرها لنفسك، احضر وابدي مابدى لك وعلّي صوتك وضع نقاطك
فهذا المؤتمر وجد خصيصًا لسماعك وطراح آراءك وأهدافك، فلماذا المقاطعة والممانعة والمراهنة على افشاله؟!، أن مقاطعتك تعني زيادة في أمد سنوات جوع وضياع الشعب الجنوبي الذي تدعي أنه يهمك همه وفتح ملف في زيادة تمزيق أواصر الأخوة وتمزيق لُحمة ونسيج البلد الإجتماعي.. ايرضيك ذلك؟!

لم يوجد هذا إللقاء التشاوري إلا لتوحيد وتركيز الجهود المبذولة لتحقيق أهداف الثورة الجنوبية والخروج بميثاق شرف جامع كما ذكرت في أعلى المقال يشترك وتشترك فيه كافة المكونات الجنوبية من أجل جنوب يسوده الرخاء الاقتصادي والرفاهية وينعم بالأمن والسؤدد، لا لرفع شعار خالف تذكر أو خالف تعرف ولكن أحضر وكن مشاركًا وفاعلًا مع أصدقائك وأخوانك في صناعة وحياكة المستقبل وكن صاحب قصة نجاح جنوبية يجب أن تروى لمستقبل واعد، وغض الطرف عن زلل وأخطاء وكبوات الماضي والنظر لآفاق رحبة والنهج والسير على خطى التصالح والتسامح الجنوبي لمواجهة مختلف التحديات والعقبات والصعوبات التي تعكر صفو الوداد والود الجنوبي، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضى.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى