وضعت مصداقية رئيس الحكومة اليمني على المحك .. إكراميات رمضانية لمتهمين بالفساد والتحوث

 

 

في الوقت الذي يؤكد فيه رئيس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، التزام حكومته بمكافحة الفساد منذ توليه منصبه، يثير واقع الممارسات المالية والإدارية داخل الأمانة العامة لرئاسة الوزراء تساؤلات جادة حول جدية هذا الالتزام، خاصة مع الكشف عن استمرار صرف مستحقات مالية ومكافآت رمضانية لشخصيات تواجه اتهامات رسمية بقضايا فساد جسيمة.

من أبرز الأسماء التي أثارت الجدل مؤخرًا، علي النعيمي، الموظف في رئاسة الوزراء، والذي تؤكد وثيقة رسمية صادرة عن مجلس القيادة الرئاسي إيقافه وإحالته إلى التحقيق بسبب تهم فساد لم يتم البت فيها بعد. لكن المفارقة التي تلفت الأنظار هي استمرار صرف راتبه ومستحقاته المالية بشكل اعتيادي، بل وصرف مكافأة رمضانية له أسوة بغيره من موظفي رئاسة الوزراء، في تناقض واضح مع إجراءات النزاهة الإدارية والقانونية، الأمر الذي يضع مصداقية رئيس الوزراء ووعوده في مكافحة الفساد على المحك.

ومع تصاعد التساؤلات حول القضية، يبرز السؤال الأكبر: هل رئيس الوزراء على دراية كاملة بهذه الإجراءات والتجاوزات، أم أن هناك من يخفي عنه حقيقة ما يجري داخل مكتبه والأمانة العامة؟ في كلتا الحالتين تبدو المسألة بالغة الخطورة، فهي إما تشير إلى تساهل في محاربة الفساد أو إلى فقدان السيطرة على الدائرة المحيطة به مباشرة.

تداعيات القضية لا تتوقف عند النعيمي فقط، إذ تفتح المجال لتساؤلات أخرى حول طبيعة الإجراءات المالية والإدارية في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء. فالقانون اليمني واضح بهذا الشأن، ويؤكد على تبعية الدائرة المالية والإدارية في رئاسة الوزراء إلى وزارة المالية مباشرة، بما فيها أقسام الحسابات، والصندوق، والمشتريات، إلا أن الممارسات القائمة تثير شكوكًا حول مدى تطبيق هذه النصوص القانونية على أرض الواقع، وحول موقف وزير المالية نفسه من هذه التجاوزات، وما إذا كانت تتم بعلمه أم بعيدًا عن أنظاره.

كذلك يبدو دور وزارة الخدمة المدنية غائبًا بشكل ملحوظ، رغم محاولات وزيرها، الدكتور عبد الناصر الوالي، تعيين مدير مختص لشؤون الموظفين في الأمانة العامة لرئاسة الوزراء، إلا أن مصادر خاصة أكدت رفض رئاسة الحكومة السابقة برئاسة معين عبد الملك جميع الترشيحات التي قدمها الوزير الوالي، واستبدالها بتعيين موظفة من داخل رئاسة الوزراء نفسها، مما يثير تساؤلات حول مدى استقلاليتها عن الجهة التي يجب أن تخضع لرقابتها أصلًا.

كما تغيب تمامًا عن المشهد أدوار دوائر الرقابة الداخلية ودائرة الشؤون القانونية في رئاسة الوزراء، التي يفترض قانونًا تبعيتها إداريًا لوزارة الشؤون القانونية. إلا أن واقع الممارسة العملية يعكس وجود نوع من الاستقلال أو ربما «القفز» فوق القانون، وهو ما يعزز من فرضية وجود خلل مؤسسي في هيكلية الرقابة والتدقيق داخل المؤسسة الحكومية الأولى في البلاد.

وبين وعود رئيس الوزراء بن مبارك بمكافحة الفساد، وما تكشفه الوقائع من ممارسات وتجاوزات مالية وإدارية في مكتبه ودائرته المقربة، يبقى الرأي العام اليمني في حالة ترقب وقلق، منتظرًا توضيحات رسمية أو إجراءات ملموسة تؤكد جدية الحكومة في محاربة الفساد ومحاسبة المتورطين، مهما كانت مراكزهم أو علاقاتهم داخل الدولة

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى