التفاهمات السعودية الإيرانية وانعكاسها على الصراع اليمني !
بقلم : مصطفى المنصوري
لم يكن مستبعد ان تصل السعودية الى هكذا اتفاق مع ايران ، ثمان سنوات من الحرب وصنعاء تتحرك بعيدا عن واقعها العربي ، ليست إيران وحدها لعبت دور محوري في هكذا تحرك إنما للسعودية دور في ذلك أيضا وقد تمثل في حماية الرئيس اليمني صالح بعد سقوطه وتحالفها الرئيسي مع اركان النظام السابق المناوئين لصالح والمتخمين بالفساد وتعدد الولاءات ، ثمان سنوات من الحرب لم تنتصر السعودية في معركة واحدة باتجاه صنعاء عبر حلفاءها بل تحولت معظم الأسلحة التي سلمتها لدعم قوات الشرعية لدعم سطوة ونفوذ الحوثيين زيادة ان تعاظمت حدة الإرباكات الحاصلة في المدن المحررة أمنيا ومعيشيا وتنمويا وبمجملها جعلت المواطنين غير راضين عن هكذا حرب .
بنظرة سطحية لم تنتصر السعودية في اليمن، وبنظرة بعيدة اصبح واقع اليمن أكثر تعقيد وهشاشة وتمزق ، وانه مقبل على دورات من الدم واللا إستقرار ، لا يعني للسعودية دخولها الحرب في اليمن سوى أمنها وحماية خططها الاقتصادية الكبرى العابرة للحدود وهي معركتها اليوم وتدير هذا الفعل بحساسية مفرطة وتنازلات قد تصل ان تقدم من اجل سلامتها وأمنها واستقرارها أكثر ما قدمته في الحرب وتعي ذلك إيران.
معترك السعودية الحديث عبر ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان جاء نتيجة تفهم حاجة السعودية لصناعة توازنات وفق والتحولات الدولية ومراكز القوة والضعف وتعدد اقطاب القوة فكان الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين الذي يصب في إعادة دبلوماسية البلدين الى سابق عهدها بعد انقطاع نتيجة احداث عام 2016م مبشرا ليس لليمن فقط ولكن أيضا لكل من لبنان والمغرب اللتان ترقبان تطور هذه التفاهمات وقد تنعكس على استقرارهما بصورة إيجابية
وفي الاتجاه الآخر عدت إسرائيل هذا التقارب السعودي الإيراني خطر ، وبداءت إمريكا تتحدث بين سطور متحدثيها عن هذا التحول السعودي غير المرغوب به والمثير للقلق خصوصا ان الصين بداءت تتحرك بقوة في المنطقة بمعية وتحالف روسيا وايران فكانت مناورات الحزام الأمني البحري بالاسلحة الحية والتي انطلقت من ميناء تشابهار الإيراني للفترة من 15 حتى 19 مارس تحت شعار من أجل السلام والأمن بمساحة 17 الف كيلو متر مربع الأكثر سخط للأمريكان والتي جاءت بعد مناورات روسيا والصين في افريقيا وبداءت أمريكا تلوح بحجم الاسلجة وكميتها ونوعها التي ضبطتها في بحر العرب وخليج عدن وعمان المتوجهة للحوثيين من إيران وكأن أمريكا تلوح انها في الطريق الى إنهاء اتفاقها الأمني مع السعودية ..
مايهمنا في هذا المقال انعكاسات هذا الاتفاق السعودي الإيراني وبرعاية من الصين على الحرب في اليمن بعيدا عن أهداف السعودية ومصالحها الأمنية ومدى تأثير ذلك على السلام الداخلي المستدام لليمن والجنوب ، والملاحظ ان هذا الاتفاق جاء بعد قطع النفس السعودي في اليمن وعدم سماع الامريكان نداءاتها السابقة بضرورة توسيع الداعمين للحرب في اليمن بصيغة دولية تجنبها ان تكون هدف للصواريخ والمسيرات ليس من صنعاء فحسب بل من حلفاء الحوثيين في العراق القريبين من السعودية والى اللحظة تعد نقاط الاتفاق سرية إلا من فتح سفارتي البلدين خلال شهرين واحترام الشأن الداخلي لكل بلد ودواعي استقرارهما.
هذا الاتفاق سبقه اعتراف سعودي للحوثيين كسلطة واقعة في اليمن وسهلت رفدهم بالمال عبر ميناء الحديدة والمشتقات النفطية وفتح الأجواء مقابل إضعاف القوات التي لعبت دور مفصلي في إنهاء التواجد الحوثي من الجنوب والتي وصلت سابقا الى عمق اليمن وتحرير مناطق كثيرة زيادة الى محاولة فكفكة هذه القوات واضعافها وصناعة قوات جديدة هجينة في المناطق المحررة تعطي لقيادة الشرعية مسوغات القوة والوزن العسكري وهذا معناه ان هناك بنود مخفية منها إضعاف القوات المقاومة للحوثيين .
خرجت اليوم إيران تؤكد انها لن تضغط على الحوثيين معتبرة ان هذا صراع يمني وشان داخلي باليمنيين أنفسهم ومعنى ذلك مزيد من التنازلات السعودية للحوثيين خصوصا ان عقيدة الحوثيين السياسية والعسكرية ترفض الحوار مع أي مكونات سياسية او عسكرية عملت مع السعودية والإمارات ، قد يذهب الاتفاق بالسعودية الى واحة الأمن والاستقرار في مداه القريب برعاية الصين وروسيا حلفاء إيران لكن اليمن والجنوب سيذهب نحو مزيد من التناحر والاقتتال البيني الداخلي فالتفاهمات السعودية الإيرانية لن تجنب اليمن التدخلات الإيرانية ولن تنهي سطوة الحوثيين ولن تعطي للسعودية مزيدا من فرض قوتها العسكرية وهي معطيات واقعية تعزز من حصر اليمن والجنوب في النفوذ الإيراني الداعم لمصالح روسيا والصين مع تفهم المتطلبات الداعمة لأمن واستقرار السعودية وفرضها واقعا ودعم خططها ونفوها الاقتصادي الذي يعد جزء اصيل في السياسة الاقتصادية للصين وكذا روسيا .