الانتقالي وفلسفة الحوار التوافقي

د. يحيى شايف ناشر الجوبعي

 بين الانتقالي وما قبله مسافة توازي المسافة التي تفصل  بين ما بعد الحداثة وما قبلها ؛ وما ينطبق على فلسفة ما بعد الحداثة ينطبق على الفلسفة السياسية للانتقالي شكلا ومضمونا كونه واحدا من نتاجات مرحلة ما بعد الحداثة  ولا غرابة أن سمي الانتقالي بالقوة الصاعدة .
  وهذا منطق التاريخ ومن لا يؤمن بذلك يقارن بين مكانة الانتقالي في ٢٠١٧ ومكانته اليوم وحينها سيدرك بأن الانتقالي ما هو إلا واحدا من نتاجات قوى مرحلة ما بعد الحداثة التي يعيشها عالم اليوم وهي القوى المؤهلة لقيادة العالم أينما وجدت بغض النظر أن تكون قيادتها من هذه النقطة أو تلك أو من هذا اللون أو ذاك  .

ولهذا أجزم بأن المعارضين لو تبنوا فلسفة ما بعد الحداثة وكانوا هم من أسسوا الانتقالي وقادوه نحو أستعادة الحق السيادي للجنوب ووجدت لديهم شخصية كاريزيمية بحجم الشخصية الكاريزيمية التي تقود الانتقالي فحتما سيكونوا هم المنتصرين أشاء من أشاء وآباء من آباء فالمسألة ليست مسألة جهات أو الوان أو قوى بعينها كما يدعي البعض وأنما هي مسألة حتمية فرضتها حركة التاريخ في انتصار القوى التي تتعامل مع لغة النظام العالمي الجديد لغة العالم المعاصر المستند إلى فلسفة ما بعد الحداثة.
لهذا لا غرابة أن لحظنا المسافة شاسعة بين منهج الحوار التوفيقي المنتمي إلى مرحلة الحداثة والذي لا زالت تتبناه القوى المناهضة للانتقالي ومنهج الحوار التوافقي ما بعد الحداثي الذي يتبناه الانتقالي ؛ فالأولى الحداثية تؤمن بفلسفة الحوار التوفيقي وهذه الفلسفة يتم الحوار فيها على القواسم المشتركة فقط حتى لو كانت جزئية والتخلي عن نقاط الخلاف حتى لو كانت استراتيجية وهنا تكمن الخطورة ولهذا فشلت القوى الثورية في المراحل السابقة بالحوار وكان الصراع هو البديل للغة الحوار والتواصل .
وهذا ما لا ينطبق اليوم مع فلسفة الحوار التوافقي لمرحلة ما بعد الحداثة الذي يؤمن به ويتعامل معه الانتقالي لهذا فالحوار التوافقي للانتقالي يتيح مساحة واسعة للفرقاء في الالتقاء والتقارب إلى حد كبير كونه يسمح للمتحاورين الخوض في المجالات المشتركة مع إبقاء باب الحوار مفتوحا في نقاط الاختلاف على طريق استانافها لاحقا مما سيجعلها فيما بعد بحكم المتغيرات الدولية متاحة وقابلة للحوار والحل عكس المنهج الحواري التوفيقي الحداثي الضيق الذي تتبناه القوى المعارضة للانتقالي وهنا يكمن سر انتصار الانتقالي وإخفاق القوى الأخرى.
وانطلاقا من كل ذلك سيلحظ القارئ الضمني بحذاقته وحكمته بأن كلما تم الإشارة إليه من أفكار ورؤى نابعة من فلسفة ما بعد الحداثة التي يتبناها الانتقالي سيجدها مجسدة في مفاصل وزوايا وأغوار اللقاء التشاوري للحوار الجنوبي الذي دعى له الانتقالي وسيلاحظ تلك الأفكار والرؤى مجسدة في كلما دار في فضاءاته الحوارية وما سيخرج به وبهذا نكون قد تركنا الحكم للقارئ كي يتفكر بحريته ليستنتج الحقيقة بذاته وكلنا ثقة بوصوله إلى ذلك بغض النظر عن أعترافه من عدمه.
وهنا يكمن سر النجاح الذي حظي به الانتقالي اليوم وما سيحظى به غدا وكل هذا ليس من باب الصدفة ولكنها لغة العصر ونتاجات حركة التاريخ الأمر الذي ينبغي من الكل أن يدرك ذلك جيدا ويعيد ترتيب أوراقه وفقا ومنطق العصر فيما إذا كان يطمح بأن يكون له شرف الارتقاء بالحق السيادي للجنوب إلى مصافي الشرف والأنتماء وهذا ما نتمناه من الكل بإذن الله.

مشــــاركـــة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى