خيارات وتحديات ما بعد مؤتمر الحوار
كتب: د.عيدروس النقيب
مثلت النتائج التي خرج بها مؤتمر الحوار الجنوبي (عدن 4-8 أبريل 2023م) لحظة تحول تاريخية هامة في طريق النضال الجنوبي المتواصل منذ العام 11994م على طريق تصحيح الخطأ التاريخي الذي جرى في العام 1990م وما تلاه من حرب وغزو للجنوب وتدمير دولته في العام 1994م، ثم جريمة الغزو الثانية في 2015م.
وفضلا عن العديد من المخرجات المهمة، تتركز تاريخية الحدث في نقطتين أساسيتين هما:
· النجاح في حشد ذلك العدد الكبير من المكونات والشخصيات الوطنية والاجتماعية الجنوبية واتفاقها على مجموعة القواسم المشتركة المتمثلة في الوثائق الأساسية التي أقرها المشاركون في الحوار.
· ميثاق الشرف الجنوبي وما تضمنه من عناوين والتزامات أساسية ذات قيمة ديمقراطية قانونية ودستورية بأبعادها الإنسانية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، وهي قضايا لا يمكن أن تكون موضوع اعتراض إلا من قبل من لا يستوعب معانيها العميقة أو من لا يجد فيها ما يعبر عن مصالحه الصغيرة الضيقة.
ربما كان من غير المتوقع تحقيق ذلك القدر من الاحتشاد والتوافق والالتقاء عند تلك القواسم المشتركة التي أسفر عنها مؤتمر الحوار الجنوبي، لكن ما تحقق يتجاوز مستويات أكثر المتوقعين تفاؤلاً، ولم يكن ذلك ليتحقق لولا الحكمة والصبر والتفاني والمرونة التي أبداها جميع المشاركين في تلك المهرجانية الحوارية الجنوبية الرائعة.
ومع ذلك فما يزال هناك من يبدي تململاً وتذمراً وعدم رضى عما تمخض عنه المؤتمر، وكما قلت مراراً وما أزال أقول إنه وفي كل القضايا والمنجزات السياسية الكبيرة مهما كانت المرونة والحوافز والتنازلات التي يقدمها المشاركون لبعضهم البعض أو لغيرهم، سيظل هناك من يخالف إلى هذا الحد أو ذاك قضايا الإجماع تلك، ولذلك أدعو جميع الإعلاميين والسياسيين ونشطاء التواصل الاحتماعي المؤيدين لمخرجات مؤتمر الحوار الجنوبي، إلى تجنب خطاب ولغة الاتهام والتخوين والتشكيك في مواقف المختلفين، لأننا جميعا بشر ولكل منا ميوله وتصوراته وقناعاته وربما ترسباته التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار وأن تحترم، ومن هنا سيكون أمام الجميع مؤيدين ومعارضين لنتائج مؤتمر الحوار الجنوبي اتجاهان للعمل المستقبلي:
- الاتجاه الأول ويتمثل في مواصلة الحوار والتشاور ومناقشة قضايا الخلاف وإبقاء الأبواب مفتوحة أمام كل من يرغب في مشاركة هذا المشروع الوطني الذي وضع مؤتمر الحوار الجنوبي لبناته الأساسية.
الخيار الثاني وهو القبول ببقاء لاختلاف الذي لا يجب أن يتحول إلى أسباب للنزاع والعراك والخصام والمواقف العدائية، وتبادل الاتهمات والشتائم