قلعة الهوامير المحصنة ونحيب المنكوبين على اسوارها
بقلم// نجيب الداعري
واقع مرير يعصف بالجميع وخاصةً على تلك الفئة التي لم يحسب لها اي حساب والمسماه( بفئة المنكوبين)
وللأسف الشديد معظم العامة من البسطاء تقلدوا تلك الفئة وصارت تلازمهم فاصبحوا معها كالجسد الواحد.
فخلال السنوات الأخيرة كانت عوامل التعرية شديدة فنتجت عنها عواصف واعاصير
قلبت الموازين راساً على عقب وغيرت مسار معظم احداثيات ما هو معمول به في حياة ابناء تلك الفئة المنكوبة فخبطت عليهم قنوات بثهم الدماغي ومسحت جميع تردداتهم الحسية فتجد الواحد منهم عندما تحادثه امراً ما يستمع اليك بكل جوارحه ويهز لك راسه وكانه معك ولكن تجده في الحقيقة معدماً للحس ومشغول البال لا يأبه لحديثك كون عقليته محدود وسعة ذاكرته صغيرة لا تتسع لأي يتهم خطب سياسية او مواعظ الساسة العظماء فهمه الأول والأخير هو العيش عيشة البسطاء بعز وكرامة..
فذالك الأعصار الذي قلب الموازين كما اسلفنا سابقاً , رفع بعاصفته أناس لم يصدقوا بانهم سيصلون الى ما وصلوا اليه اليوم ,فهيئ لهم البث وضبط اعدادات الترددات وحرص على حصولهم على شفرة القمر الصناعي الخاص بامثالهم. فوجدوا انفسهم يتحدثون بكلام لم يتعودوا عليه من قبل, فتناسوا اين كانوا وكيف وصلوا ولبسوا ثوب العنجهية وعدم التفكير بغيرهم,, بل وازدادت شهيتهم في اكل المزيد من العطايا التي يتبادلونها فيما بينهم, ,
بينما ابناء الفئات المنكوبة مازالوا يرقعون مادمره ذالك الأعصار ورمى بضلاله عليهم ليجعلهم يتضورون من القهر والأسى مراراً وتكراراً في كل ساعة وحين.
فعلى سبيل المثال وللمقارنة فقط بين المنكوبين وهوامير الأعصار من حيث ضمان مستقبل تعليم ابناءهم فنجد ابن الهامور قد حُجزت له منحة دراسية خارجية باحدى الدول او مقعد دراسي داخلي باحد القلاع المحصنة في احد الكليات المرموقة كالطب والهندسة بدون تعب او مشقة او اجتيازه حتى لأمتحان القبول.
بينما في الجانب الآخر تجد ابن المنكوب حتى وان كان معدله تجاوز النسبة المطلوبة لهذه الكلية او تلك لتبدء معه رحلة الشقاء. بوضع العراقيل والعقبات امامه واولها كانت بكيفية جمع مبلغ المواصلات للذهاب الى تلك الكلية لتقديم ملفه والتسجيل فيها فقط ولم نقل هنا مواصلات ذهابه وايابه للدراسة, لتاتي الخطوة الثانية من خطوات العراقيل الموضوعه امامة وهي الجلوس لأمتحان القبول(المفاضلة) هذا اذا تم قبولة مثلاَ ونقولها مره اخرى مثلاً لتزاداد رحلته سوءاً وتتسع معها دائرة العقبات في الخطوة الثالثة وذالك عند سماع نتيجة امتحان القبول بان اسمه لم يكتب له النجاح في القبول مع انه اجتازها بامتياز ليدخل بعدها ذالك المنكوب الصغير والميؤوس من امره الخروج عن طابعة المألوف , وتلقائياً تشتغل عنده جميع قنوات التحسر والقهر والأسى على تردد اقمار المنكوب( المغامر و كوكب القلاع المحصنة والهامور الصغير ) ليصل الى قناعة بإن من كان يعتبرهم قدوه في النزاهة والمصداقية غيروا كل تلك الترددات وواكبوا الاعصار ليجنوا ثمار ذالك لهم ولمستقبل اولادهم,,, لينفجر بعدها باكياً ونادماَ على مستقبله الذي قتله اؤلئك النفر من ساسة الهوامير ليولد بعدها جيل من تلك الفئة المكنوبه هدفه الأول والأخير هو الثأر ممن ظلمهم ودمر مستقبلهم في حصولهم على فرصة التعليم بتلك القلعة المحصنة المرموقة التي لا يدخلها الأ اصحاب الوساطات الحكومية او ملاك العقارات او ابناء البشوات ودافعي الدولارات..
لم نكتب ذالك من فراغ او من وحي خيالنا وانما كما يعرفنا الجميع باننا نكتب وننقل الكلمات بمصداقية لما لامسناه من الواقع وامام اعيننا, فانا مثلاً لدي ابن تخرج من الثانوية العام الماضي وحصل على نسبة تجاوزت ال95% وهو من المشهود لهم بالذكاء الفطري بين معلميه, فشمر عن ساعديه متحمساً وقال لابد من استخراج بطاقة شخصية لكي تكتمل اوراق قبولي فذهب واستخرجها واكتمل الملف ولكن يافرحة ماتمت ذهب منتشياً مسروراً بانه سوف يدخل بما حصده من نتيجة الثانوية الى تلك القلعة التي حلم بها طويلاً , ليدخل اسوارها التي لاتقبل منكوباً واحداً,
فذهب متهللاً وعند وصولة الى قسم التسجيل نظروا اليه اساتذة التسجيل نظرة خاطفة من راسه حتى اخمص قدمية فحللته اجهزتهم الدماغية المشوشة والمضبوطه هي الأخرى على تردد وقناة تتبع القمر( هوامير سات ) بانه لا يصلح لهذا المقعد كون صفته من شكله توحي بانه منكوب ابن منكوب فقالوا له هناك رسوم سوف تدفعها فقال لابأس وهو يظن بانه سيدفع عشرة او خمسين او مائة الفاً ولكن جاءه الخبر كالصاعقة بعذرين صادمين,,,,,
كان الأول بإن المتقدمين كُثر وعددهم فاق الألفين والأربعمائة متقدم والمقاعد (المحجوزة مسبقاً) عفواً اقصد المطلوبه لهذه القلعة فقط لاتتجاوز اربعمائة مقعد فقال في نفسه وهو يحاول لملمة جراحه التي بعثرها الباطل والظلم لعل وعسى ان اكون من اؤلئك المحظوظين فاستمع الى العذر الثاني وهو ان رسوم الدراسة في هذه القلعة الحصينة التي لايدخلها الأ ابناء ارباب الملايين. وكبار الشخصيات والمسؤولين وغيرهم قد تصل مابين الألف والخمسمائة الى الألفين دولار سنوياً اي مايعادل على صرف هذه الفترة حوالي اثنين مليون ريال ونصف المليون وهذه فقط رسوم الدراسة ناهيك عن السكن والأكل لثلاث وجبات والمواصلات من والى القلعة واسعار الكتب والملازم ومتعلقات اخرى خاصة بالدراسة, فتهالكت ساقاه من هول ماسمعه ولم تقوى على الوقوف فجلس يتمم بكلمات غير مفهومة والجميع. ينظر اليه وهو مازال يفكر بذالك كله ويقول كيف ذالك والجميع يحدثنا سابقاً بان التعليم وجد للجميع؟؟, كيف يكذبون علينا وجعلونا نعلق آمالنا على احلام مستحيلة؟؟ فتمالك نفسه وارجى عذر ذالك كله على الأعصار الذي خبط الترددات وغير مجرى الأقمار من قمر (التعليم سات للجميع ) الى قمر ( هوامير سات وبس ) فحمل نفسه بعدها الى عمال التسجيل وطلب متهم الملف فاعطوه اياه وخرج من تلك القلعة ليتملكه احساس بان هذه القلعة. بنيت للهوامير وآكلين لحوم البشر واخذ عهداً على نفسه بانه سوف يعود يوماَ ما هو ورفاقة المظلومين ويهدمون تلك القلعة على راس من فيها….
اخيراً نقولها براءة للذمة الى كل من ولاهم الله امر رعيه من رعاياهم في اي مرفق ان يتقي الله فيهم سواءاً كانوا طلاباً او موظفين او عمال بالأجر اليومي او غيرهم فهم اولاً واخيراً بشر ولهم حقوق فعليكم أن تسعو في خدمتهم وتسخير جهودكم لمصلحتهم لان الدائرة حتماً ستدور عليكم يوماً ما مهما بلغ بها المطاف وسيحاسب كل امرءاً بما اقترفه اثناء توليه امر رعيته..
والله من وراء القصد…..
وللحديث بقية………يتبع…
دمتم في رعاية الله